نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الوشم يمثل هوية لعصابات المخدرات في السلفادور ويثير الرعب في قلب المجتمع




ميخيكانوس (السلفادور) - خوان خوسيه دالتون - تسيطر عصابة الاتجار بالمخدرات المخيفة مارا سالفاتروشا والمعروفة أيضا باسم " إم إس 13" على هذه المنطقة، ويمكنك أن تتعرف على طبيعة المكان من خلال رسومات الجرافيتي على الجدران وعن طريق الوشم المرسوم على أذرع الشباب وأجزاء أخرى من أجسامهم، هذه هي رسوم الوشم التي تثير الذعر في قلب المجتمع السلفادوري لأن الناس تخشى العصابات كثيرا.


الوشم يمثل هوية لعصابات المخدرات في السلفادور ويثير الرعب في قلب المجتمع
ولا يخفي أعضاء العصابة شيئا، فهذا هو حيهم ومنطقتهم التي تتوسط مدينة ميخيكانوس العشوائية التي تقع على مشارف العاصمة سان سلفادور، ولا يستطيع أحد ممن ليس لهم صلة بالجوار السير في الشارع الضيق الذي تصطف على جانبيه عشرات من المنازل الصغيرة والمتاجر وأماكن تجارية صغيرة من جميع الأنواع، ويشبه الحي المناطق العشوائية الفقيرة في البرازيل التي تعرف باسم " فافيلا ". 
 
وقال الرجل الذي يقوم بمهمة الدليل لمراسل وكالة الأنباء الألمانية  ( د.ب .أ ) : " إنه لولا هذه السيارة التي أقودها لم استطعت أن تخترق عشرة أمتار في هذا الجوار دون أن تتعرض للاحتجاز أو أن تصبح حياتك في خطر عظيم".
 
وتسود المكان هدنة في الوقت الحالي بين العصابتين الكبيرتين المتنافستين في السلفادور " إم إس 13" و " ديستريكت 18" التي تعرف أيضا باسم " القبيلة 18"، وأدى وقف إطلاق النار أو التوقف المؤقت للحرب بين أفراد العصابتين والذي تم التوصل إليه بوساطة من جانب الكنيسة الكاثوليكية وبمساندة من الحكومة اليسارية للرئيس ماوريسيو فيونز إلى انخفاض حوادث القتل، وتراجعت معدلات القتل من 15إلى خمس حوادث في اليوم. 
وتقول مصادر رسمية ومستقلة إن الجرائم الأخرى مثل الابتزاز والانتهاك الجنسي قد تراجعت أيضا، غير أن المجتمع لا يزال ينتابه الخوف كما أن الشعور بمناخ العنف والخطر لا يزال عاليا.
 
وتنفتح بوابة معدنية في صمت ويرحب عضو " هادىء " في عصابة المخدرات أي لا يشارك في في الأعمال غير المشروعة بالزائرين بابتسامة، ويقول " إننا كنا ننتظركما منذ فترة ".
 
 وعرف الرجل نفسه باسم " إدوين " وقال لـ( د.ب. أ ) إنه يبلغ من العمر 36عاما وانضم إلى " إم إس 13" عندما كان في الرابعة عشر من عمره، وأضاف " إن العصابة هي عائلتي ونحن أطفالها، وإذا تناول أحد منا طعاما فسيشاركه فيه الجميع "، وكان إدوين يرتدي تي شيرت بلا أكمام ليظهر رسومات الوشم على كتفيه وذراعيه.
 
ويوضح إدوين قائلا " إن هذا الوشم يرمز إلى عصابة إم إس 13أو مارا سالفاتروشا، وهو يحدد هويتنا ويعطينا الإحساس بالانتماء "، ثم يشير إلى وشم آخر ويقول " إنه يمثل حياتنا فهو على شكل مهرج بوجهين أحدهما ضاحك والآخر حزين "، ويشرح أنه واصل دراسته حتى مستوى المدرسة العليا، وأنه يعمل حاليا في مخبز كجزء من عودته إلى عالم العمل.
 
 ورسم إدوين وشما أيضا على بطنه حيث كتب اسم العصابة بحروف اللغة القوطية القديمة المنقرضة، بينما كتب بالوشم على ظهره اسم إمرأة يقول إنها أمه.
وعندما سئل عن أكثر الأوقات التي شعر فيها بالحزن أثناء تواجده مع العصابة قال إدوين إنها الأوقات التي دخل فيها السجن بعد إدانته في عدة جرائم، وأيضا عندما علم أن أخيه الأصغر قتل.
 
 وأضاف إن نبأ مقتل أخيه كان محزنا للغاية بل أسوأ من ذلك لأنه كان وقتها في السجن.
 
 أما أسعد لحظات حياته فهي " بلا شك " ولادة أطفاله الثلاث، ويبلغ عمر أكبر أبنائه 12عاما بينما يبلغ عمر الأصغر عامين، وقال إن الشيء الوحيد الذي يريده هو ألا يختار أطفاله نفس الطريق الذي اختاره هو.
 
وتشير الدراسات الاجتماعية إلى أن متوسط عمر أفراد العصابات هو 35عاما.
 
وأوضح إدوين أن ليس بوسع كل فرد من أفراد العصابة رسم الوشم لأنه يحتاج إلى مهارة وتعلم وتدريب لكي ينفذ بشكل صحيح، وقال " إن الوشم فن حتى على الرغم من أنه يؤلم لأنه ينقش على الجلد، ونحن نعاني عند رسمه ولكن ذلك يكون للحظات، وأنا اعتزم الحفاظ على رسوم الوشم على جسدي لأنني أحبها ".
 
 وخلال فترة الحكومات " المتشددة " لرئيسي السلفادور السابقين فرانسيسكو فلوريس ( 1999- 2004) وتوني ساكا ( 2004- 2009) توقف أفراد العصابات عن رسم الوشم على أجسامهم، وأحيانا كانوا يرسمونه على أجزاء غير مكشوفة من الجسم مثل الساقين أو خلف الأذنين أو على فروة الرأس تحت الشعر.
 
 واستخدمت الشرطة الوشم كدليل على الانتماء إلى عصابات الجريمة وبالتالي قامت بالقبض علي أعضاء العصابات وإلقائهم في السجون، وتم الربط بين الوشم وبين المجرمين لدرجة أنه في بعض الأحيان كان يتم القبض على مجموعات من الشباب الأبرياء الذين لم يرتكبوا أية جرائم وإدخالهم السجن لمجرد أن أجسامهم تحمل رسومات الوشم، ولكنهم كانوا يفقدون براءتهم داخل الزنازين. 
 
وفي هذا الصدد تقول خبيرة العنف الاجتماعي جانيت أجويلار وهي مديرة معهد الرأي العام في الجامعة الأمريكية المركزية بالسلفادور إن السجون تكون عادة مدارس لتعليم الجريمة وأماكن يصبح المرء فيها أكثر تطورا وخبرة في عالم العصابات.
 
 وعند الخروج من " أراضي العصابات " يصل المرء إلى كنيسة سان فرانسيس الأسيزي في ميخيكانوس، ويلقى القس الكاثوليكي أنطونيو رودريجويز المسئول عن الكنيسة كثيرا من مشاعر الحب في الجوار ويلقى أحيانا كراهية السلطات، وجاء القس من أسبانيا عام 2000ومنذ ذلك الحين عمل مع أعضاء العصابات من الشباب الذين يحاولون العودة إلى صفوف المجتمع.
 
 ويقول رودريجويز الذي يعرف بإسم " الأب أنطونيو " إن الوشم يعطي الشباب هوية ولكنه يكون له آثار أكثر عمقا بسبب العنف والعزلة عن المجتمع التي عاشوا في ظلها، ويضيف إن هذه هي ندبات جراح المعاناة التي تحملوها وجراح " إقصاء آلاف من الشباب الذين ليس أمامهم مستقبل، ودولة غير إنسانية لا وجه لها ".
 
 ويشرف الأب أنطونيو على برنامج بعنوان " وداعا للوشم " لإزالة علامات العصابات من أجسام أفرادها من كلا الجنسين.
 
ويقول " إنني شهدت عمليات إزالة الوشم، وكان بعض أعضاء العصابات يبكون على الرغم من إننا نعيش في مجتمع ذكوري، ويرجع سبب البكاء إلى أنهم يعتبرون إزالة الوشم محوا لهويتهم ولذاكرتهم ".
 
ويضيف الأب أنطونيو " إنه يمكن إزالة الوشم ولكن لا يمكن على الإطلاق محو الندبات الناتجة عن جراح الروح، ويجب على هذا المجتمع أن يصبح كاملا في عملية التنمية البشرية بحس اجتماعي، ويجب أن يختفي الإقصاء، كما يجب على المجتمع أيضا أن يزيل الوشم الذي ينقشه داخل روحه حتى يمكن أن ينتهي العنف تماما ".

خوان خوسيه دالتون
الاربعاء 8 ماي 2013