نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


انتشار صرعة السياحة السوداء: جولات تقتفي أثر زعماء الجريمة




مكسيكوسيتي – تصل تكلفة التذكرة للحصول على جولة بمرافقة مرشد لتقفي أثر السفاح شارلز مانسون 75 دولارا. تقود الجولة الزائرين عبر مسار حلزوني صعودا وهبوطا لأماكن مسرح جريمة واحد من أسوأ السفاحين والقتلة في تاريخ الولايات المتحدة (تشرين ثان/ نوفمبر 1934- تشرين ثان/ نوفمبر 2017) حيث ارتكبت عصابته "عائلة مانسون" سلسلة جرائم مروعة راح ضحيتها 14 شخصا غالبيتهم من المشاهير في عالم الفنون والسينما، وأبرزهم زوجة المخرج رومان بولانسكي، النجمة شارون تيت طعنا بالسكين، بينما كانت حاملا مما أدى لوفاة الجنين أيضا وقد حكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم للسجن مدى الحياة.


بوابة بيت بابكو اسكوبار
بوابة بيت بابكو اسكوبار
رحل مانسون عن عالمنا العام الماضي في نفس شهر ميلاده عن عمر يناهز 83 عاما، مما تسبب في معارك قضائية حول تركته، والعام القادم، يشهد الذكرى الخمسين على المذبحة التي ارتكبها، مما يعد فرصة كبيرة لازدهار هذه النوعية من السياحة الغريبة في مدينة لوس أنجليس.
تقود حافلة سكوت مايكلز، منظم هذه الجولات إلى الأركان الأكثر خطورة في لوس أنجليس، فيما تحكي المرشدة السياحية تيري بولو "نزور أماكن الجريمة ونكتشف من خلال الأشرطة المصورة والتسجيلات كل شيء عن جرائم القتل المروعة. إنها أمور فظيعة وغريبة، ولكنها تعد جزءا من تاريخ المدينة"، وتؤكد أن تذاكر "السياحة السوداء" تنفد على الفور. دائما هناك سياح يرغبون في زيارة أماكن مرتبطة بالموت والخراب. يشار إلى أن المصطلح أطلقه كلا من جون لينون ومالكوم فولي، وهما باحثان متخصصان في السياحة البريطانية.
من الصعب تقديم تعريف دقيق للمصطلح، حيث يقول بيتر هوهينهاوس، وهو "من رواد هذه السياحة السوداء" يدير موقع على الإنترنت متخصص في هذه النوعية من وجهات السفر ويقدم نصائح حول هذا الموضوع، "هناك العديد من أشكال السياحة السوداء". ويضيف بيتر وهو عالم لغويات زار 700 مقصد للسياحة السوداء في 90 بلدا حول العالم "أتصور أن العلاقة وثيقة للغاية بين الموت والدمار، كما أنه ليس من الضروري أن يكون هناك دائماً قتلى في الأماكن لتضفي عليها جاذبيةً غامضةً"ً.
كما هو الحال مع الوجهات، فإن الأشخاص الذين يمارسون السياحة السوداء تختلف دوافعهم. يقول هوهينهاوس "لا أعتقد أن ما يقود المرء لزيارة فيردون أو أماكن أخرى من عهد الحرب العالمية الأولى له علاقة كبيرة بما يقود الآخرين إلى زيارة ، على سبيل المثال، موقع مفاعل تشيرنوبيل أو المناظر الطبيعية البركانية لآيسلندا"، معربا عن رفضه لهذا النوع من سياحة الإثارة. كما يرفض بشكل شخصيا فكرة سياحة الأماكن العشوائية والمهمشين، على اعتبار أن هذه الأماكن مازالت تعاني من البؤس والمشاكل الانسانية إلى الآن، بعكس الأماكن التاريخية، حيث وقعت كوارث وأهوال في الماضي "هذه مشاكلها السياسية والثقافية والانسانية أخف ضررا"، حسب تأكيده.
ويضيف هوهينهاوس "من منظور أخلاقي وإنساني، أجد من الصعب زيارة أماكن كوارث وقعت توا مثل "برج جرنفيل" في لندن أو عبارة "كوستا كونكورديا" التي غرقت أمام سواحل إيطاليا، على الرغم من اعترافه بالاقتراب من المكان لمشاهدة المركب، إلا أنه لم يجرؤ على التقاط صورا ذاتية "سيلفي" مع موقع الكارثة، مع إدراكه أنه ليس كل رواد هذا النمط من السياحة الغريبة ينحو هذا المنحى الأخلاقي. ويقول "بكل أسف لا يمكن إنكار أن هناك سائحين سيئون لا يتحلون بالسلوك اللائق في أماكن تاريخية مثل معسكر اعتقال النازي مثلا، فيما يؤكد أن "السائح الجاد الشغوف بالمعرفة يتهيأ جيدا استعدادا لزيارة المقاصد التي يعتزم التردد عليها".
وهناك أماكن أخرى لم يعد بها ما يذكر بالكوارث التي وقعت أو المعاناة المرتبطة تاريخيا باسمها، فمنزل أشهر تاجر مخدرات كولومبي في التاريخ، بابلو اسكوبار، تحول إلى حديقة حيوان وحديقة ملاهي. وكان منزل اسكوبار "ضيعة نابولي" في مدينة ميديين مقاما على ضيعة ضخمة تضم حمامات سباحة و مهبط طائرات وساحة لمصارعة الثيران وملعب كرة قدم، ويوجد اليوم متحف صغير تذكر مقتنياته بالفظائع التي ارتكبها كارتيل ميديين الذي سيطر على تجارة الكوكايين في الولايات المتحدة وأوروبا خلال عقد الثمانينيات وراح ضحيتها آلاف الأبرياء.

يوضح هوهينهاوس على موقعه على الانترنت "يبرز من بين العوامل التي تجذب السائحين إلى هذه النوعية من المقاصد، رغبتهم في مواجهة كوابيسهم".
يتساءل فيليب ستون الباحث في أول معهد لدراسة "السياحة السوداء" التابع لجامعة لانكشير المركزية البريطانية، "كيف سيتصرف الانسان بمفرده في مواجهة كارثة طبيعية؟"، وهذا يعد دافعا آخر، موضحا أنه في المجتمعات الغربية العلمانية، مازالت مسألة الموت تبحث خلف الأبواب المغلقة، مشيرا في دراسة أن السياحة السوداء توفر "مرشحا اجتماعيا بين الحياة والموت".
ويعرض السائحون أنفسهم في بعض المناطق لمخاطر صحية جسيمة، على سبيل المثال، افتتح في تشرين أول/ أكتوبر الماضي فندق في مدينة توميكا اليابانية، على مسافة تسع كيلومترات من جنوب محطة فوكوشيما التووية، التي تعرضت لكارثة عام 2011. يوضح أحد العاملين بالمدينة أن هناك سياحا يقصدون الفندق ذي الطوابق الأربعة بدافع الفضول لمعرفة ماذا حدث لمنطقة الكارثة النووية، حسب قوله.
اضطر مئات الآلاف من الأشخاص إلى مغادرة منازلهم في فوكوشيما بعد زلزال قوي وتسونامي وقعا في آذار/ مارس 2011 وتسببا في دمار المنطقة ومحطة الطاقة النووية، مما تسبب في مصرع 18500 شخص. حتى نهاية آذار/ مارس 2017 ، لم ترفع الحكومة أوامر الإخلاء في المنطقة المحيطة بتوميكا. كثير من سكان المدينة البالغ عددهم 13000 نسمة لم يعودوا أبداً بسبب الخوف من استمرار النشاط الإشعاعي.

توجد على شبكة الإنترنت عروض لزيارة المنطقة، تنظمها الحكومة الإقليمية ومنظمو الرحلات السياحية وتشمل زيارة مواقع التربة الملوثة والقرى وحقول الأرز المهجورة، وكذلك مراقبة محطة الطاقة النووية من التل. يقول أحد المشاركين على موقع المنظم: "أعتقد أنه من الأهمية بمكان تدريس هذا المكان حتى يعرف الناس مخاطر وعواقب الطاقة النووية".

إميلي ريختر
الجمعة 26 أكتوبر 2018