نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


"بادوسيرو"...معسكر العمل القسري الروسي للالمانيات طي النسيان




موسكو - كانت مارجريتا فريزه / 27 عاما/ أول حالة وفاة، وذلك في 17 نيسان/ أبريل من عام 1945، ودفنت في قبر لا يحمل علامة تشير إلى صاحبته، بجبانة في إحدى غابات جمهورية كاريليا الروسية، شمالي البلاد .


كانت فريزه واحدة من قرابة ألف امرأة خضعن للعمل القسري في معسكر بالقرب من مدينة "بادوسيرو" في نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان كثير منهن لم يزلن في مرحلة الطفولة آنذاك . ويقول أناتولي أنتونوفيتش، وهو رجل أعمال من المنطقة يبلغ من العمر 54 عاما، يساعد في العناية بالمقابر بشكل تطوعي: "توفى مئة وثمانون امرأة ورجل هنا". ويعتقد أنتونوفيتش أنه يتعين على الروس والألمان بذل المزيد لتذكر ما جرى في هذه المنطقة، وأولئك الذين قضوا نحبهم . وخلال عملية إزالة بعض الأشجار من غابة الصنوبر، تساقطت أولى ندفات الثلج، ويتم تمييز الجبانة، التي أنشئت في عام 1997، بصليب كبير، ومجموعات أصغر تضم كل واحدة ثلاثة صلبان. وقد وُضِعتْ لافتة تحمل عبارة: "هنا يرقد أسرى الحرب- ضحايا الحرب العالمية الثانية". كان المعسكر يبعد مئات الأمتار عن بحيرة، واليوم يوجد على شواطئها نُزُلٌ لقضاء عطلات هادئة. وثمة لافتة كتب عليها: "احترس – دببة ضالة!". ويمثل مصير النساء، والرجال، الألمان، الذين أرغموا على العمل في هذا المعسكر السوفييتي إحدى قصص الحرب العالمية الثانية، التي نادرا ما يتذكرها أحد . وفي ألمانيا النازية ، تم إخضاع الملايين من رجال ونساء أوروبا الشرقية للعمل القسري. ولكن هذا العمل القسري استمر في روسيا في نهاية الحرب عندما طالب الديكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين بأن تدفع ألمانيا تعويضات في شكل قيام مواطنيها بالعمل. وإجمالاً، تم نقل 270 ألف ألماني إلى الاتحاد السوفيتي في الفترة بين عامي 1944 و 1945، وفقاً لمصادر روسية . وكان جميع النساء والفتيات اللاتي وصلن إلى معسكر "بادوسيرو"، تقريبا من بروسيا الشرقية (التي كانت احدى ولايات الامبراطورية الألمانية ولكن بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد لها وجود، وكانت تضم مناطق من ألمانيا الشرقية سابقا، وروسيا وليتوانيا). واختار الجيش الأحمر النساء والفتيات بشكل عشوائي وكدسهن في سيارات شحن. ولم تستطع كثيرات تحمل وطأة الرحلة التي استغرقت عدة أسابيع، وفارقن الحياة. أما اللاتي تحملن الرحلة إلى المعسكر، فقد وصلن وقد غشيتهن طبقة سميكة من الجليد، وهن يعانين من المرض وسوء التغذية. وكانت فتاة تبلغ من العمر 16 عاما تدعى هيدويج ثاني امرأة يغيبها الموت . و تعج كاريليا بالمقابر، فقد شهدت هذه الجمهورية الروسية النائية على الحدود مع فنلندا، الكثير من حالات الموت على يد ستالين والديكتاتور النازي أدولف هتلر، مما جعل المؤرخ الأمريكي تيموثي سنايدر يختار "الأراضي الدامية" عنوانا لكتابه عن كاريليا. ورغم أن الجنود الألمان لم يخوضوا قتالا في هذه الجمهورية، إلا أن الآلاف توفوا في وقت لاحق كأسرى حرب. وكانت جمهورية كاريليا أيضا مهدا لمعسكر العمل السوفيتي. وفي ذروة الحكم الإرهابي الذي مارسه ستالين في الفترة بين عام 1937 و1938، قُتِلَ عشرات الآلاف بالرصاص في أماكن مثل "ساندارموخ" و"كراسني بور" بالقرب من "بتروزافودسك"، عاصمة جمهورية كاريليا. وتتبع المؤرخ يوري دميترييف، رئيس مجموعة "ميموريال" المعنية بحقوق الإنسان في كاريليا، بعض الأماكن التي ارتكبت فيها الفظائع، وقد تحولت اليوم إلى نصب تذكارية. ولكن في روسيا المعاصرة، وفي عهد الرئيس فلاديمير بوتين، ثمة محاولات لإعادة كتابة هذا التاريخ ولتبرئة ساحة ستالين. ويتردد الأن أن جنودا من فنلندا قاموا بإطلاق النار على أفراد من الجيش الأحمر في "ساندرموخ". وقد أصبح دميترييف وزميله سيرجي كولترين متورطين في دعوى قضائية، في "بتروزافودسك"، على خلفية مزاعم الاعتداء الجنسي على أطفال . وكتب قصة الألمانيات اللاتي أجبرن على العمل في "بادوسيرو"، يوري تشوتشين، وهو ضابط شرطة سابق أطلع على سجلاتهن أثناء فترة عمله. وأسس تشوتشين النصب التذكاري في كاريليا. وكان شاب روسي يحمل بندقية يرافق النساء لدى ذهابهن للعمل في الغابة. وقال تشوتشين في وقت لاحق إنهن: "كن يذهبن إلى العمل وهن يرددن الأغاني". ولم تستطع النساء تقديم مساعدة كبيرة في عمليات قطع الأشجار. وفي حقبة لاحقة، كتبت مارتا جرونر، التي كُتِبتْ لها النجاة: " كان العمل القسري أمرا حقيرا... يا لها من فكرة سخيفة تلك التي مؤداها أنه يمكن لفتاة تبلغ من العمر 16 عاما أن تساعد في إعادة بناء الاتحاد السوفيتي". ودفع العديد من السجناء ملابسهم الألمانية مقابل الحصول على طعام، ولكن بعدما وضعت الحرب أوزارها بوقت قصير، كان العديد من القرويين السوفيت أيضا يجاهدون ليجدوا ما يسد رمقهم. وترى لجنة مدافن الحرب الألمانية أن مقبرة "بادوسيرو" رمز إلى جميع ضحايا العمل القسري، وينطبق الشيئ نفسه على مقبرة في "بتروزافودسك" تخلد ذكرى جميع أسرى الحرب في جمهورية كاريليا. ووفقا للجنة، ليست هناك أي خطط لنقل الرفات، كما كان الحال بالنسبة لكثير من الجنود الألمان الذين سقطوا قتلى . ويطارد أناتولي أنتونوفيتش، وهو واحد من قدامي المحاربين الروس الذين خاضوا الحرب في أفغانستان، مشهد قبور أسرى الحرب في وطنه. ويقول أنتونوفيتش إنه لم يتم العثور على العديد من القبور التي يقدر عددها الإجمالي بأربعة آلاف. وقبل بضع سنوات، زار أنتونوفيتش ومجموعة من المتطوعين من أصحاب نفس التوجه، منطقة بودوز، إلى الشرق من بحيرة أونيجا، مسترشدين بقائمة أسماء وأماكن الدفن في المنطقة. ووفقا لأنتونوفيتش، أحيانا عندما كان الجليد يبدأ في الذوبان، تصبح قمم التلال الصغيرة (المقابر) مرئية للعيان من خلال اللون الأبيض الذي يكسو المنطقة . وأضاف: "في بودبوروزخي، يوجد قرابة 100 قبر وسط القرية"، وقد أخذ القرويون على عاتقهم العناية بالقبور، و أعرب انتونوفيتش عن اعتقاده بأنه يتعين على الألمان المساهمة في هذا الجهد. في بادوسيرو أيضاً ، يقوم القرويون على العناية بالمدافن وصيانتها . وتم إغلاق المعسكر في تشرين أول/أكتوبر 1945، وسُمح لنزلائه من الصغار والمرضى آنذاك بالعودة إلى ألمانيا، فيما جرى إعادة توزيع الآخرين على معسكرات العمل الأخرى. وكان جوستاف دولينيكي /59عاما/ آخر من توفي بالمعسكر، في التاسع من شهر تشرين أول /أكتوبر عام 1945.

فريدمان كولر
الاثنين 14 يناير 2019