نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


باعة الاسكندرية الجوالين وقصة نضال حقيقي لكسب لقمة عيش مدماة




الإسكندرية (مصر) - نهال الشريف- يحمل حسن صندوقا كبيرا من الحلوى على ظهره ويسير بالقرب من البحر محاولا اجتذاب الأطفال لشراء ما يحمله من حلوى " غزل البنات " وهو نوع من الحلوى المصنوعة من السكر وتشبه القطن في شكلها.


باعة الاسكندرية الجوالين وقصة نضال حقيقي لكسب لقمة عيش مدماة
ومع اقتراب وقت الظهيرة لا يجد حسن أمامه سوى مجموعة صغيرة من الأفراد تتجمع بجوار شاطىء البحر المتوسط بمدينة الإسكندرية التي تقع في شمال مصر، غير أن أفراد هذه المجموعة لا يبدون أي رغبة في شراء الحلوى منه.
 
 ويوجه حسن / 17عاما/ الكلام للمجموعة وهو يتنقل من بين فرد لآخر قائلا " لماذا لا تساعدوني وتشترون بعض حلوى غزل البنات ؟ ".
 
وتعد الإسكندرية ثاني أكبر مدينة في مصر ويطلق عليها لقب " عروس البحر الأبيضالمتوسط ".
 
وكانت الإسكندرية دائما بشواطئها الممتدة لأكثر من 30كيلومترا المقصد الترفيهي الأول للمصريين ولبعض الأجانب للاستمتاع بنسيمها البارد خلال العطلة الصيفية. 
 وكان البائعون الجائلون على الدوام من المعالم الرئيسية للإسكندرية.
 
 ويمكن أن ترى هؤلاء الباعة في الصباح وهم يسيرون بمحاذاة الشاطىء، وما أن يحل الليل ينتقلون إلى الكورنيش وهو الطريق الرئيسي الذي يطل على البحر.
كما يتجمع الباعة الجائلون أمام المطاعم  والفنادق والمعالم السياحية، ويبيع الكثيرون منهم الحلوى والفول السوداني وأكسسوارات أزياء النساء المصنوعة من الأصداف.
 غير أن هذه المدينة التي شيدها الإسكندر الأكبر وحملت اسمه عام 322قبل الميلاد شهدت تراجع أعداد الزوار خلال الأعوام القليلة الماضية، وأثر هذا التراجع على الباعة الذين يقولون أنهم لا يكادون يحصلون حاليا على دخل يكفي نفقات معيشتهم.  
وتشير الأرقام غير الرسمية إلى وجود نحو خمسة ملايين من الباعة الجائلين في مختلف أنحاء مصر.
 
وفي تشرين ثان/نوفمبر الماضي صدق الرئيس المصري  محمد مرسي على قانون يفرض عقوبات أشد صرامة على الباعة الجائلين الذين يمارسون أعمالهم بدون ترخيص أو يعيقون حركة الطريق، وغلظ القانون العقوبة من الحبس لمدة شهر واحد مع غرامة قدرها خمسة جنيهات إلى الحبس لمدة ثلاثة أشهر وغرامة ألف جنيه.
 وانتقدت المنظمات غير الحكومية القانون ووصفته بأنه " استمرار لتهميش الفقراء وتجريم أنشطتهم الاقتصادية ".
 
 وعانت مصر من متاعب اقتصادية متزايدة خلال العامين الماضيين نتيجة المأزق السياسي في البلاد. وطالب الباعة الجائلون الحكومة بمساعدتهم على إقامة المشروعات التجارية متناهية الصغر الخاصة بهم.
 
 وقام العشرات من الباعة الجائلين في نيسان/أبريل الماضي بمسيرة احتجاجية إلى مقر المجلس المحلي للإسكندرية مطالبين بإصدار قانون لحمايتهم.
 ويعترف حسن بأنه يضطر أحيانا للإختباء من الشرطة لأنه " لا يستطيع أن يفقد بضاعته أو أن يدخل السجن ".
 
 ويقول " إنني أعول أسرتي، ولكن هذه الحقيقة لا تراود تفكير أحد ".
 وفي صبيحة أحد أيام الجمع كان حسن يأمل في قدوم مزيد من الزوار حيث تنظم المدارس والمجموعات في الغالب رحلات اليوم الواحد لهذه المدينة الساحلية الشمالية على حد قوله.
 
 ويضيف بعد أن قرر الانتقال إلى منطقة أخرى على أمل العثور على حشد أكبر من الناس " ربما بعد أن يشتري مني شخص واحد يقوم الآخرون بتقليده ".
 
 وبالقرب من هذا المكان يبدأ كثير من الرجال عرض بضائعهم أمام قلعة قايتباي التي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر وتقع في النهاية الغربية للمدينة . 
 
ويقومون ببيع الإكسسوارات والهدايا التذكارية التي تشمل تماثيل فرعونية وأهرامات وتماثيل لأبي الهول وكلها صغيرة الحجم، بينما نصب آخرون عرباتهم الخشبية لبيع الشاي أو الذرة المشوية والتي يبلغ سعر الكوز منها جنيه واحد. 
 
ويصيح محمد مناديا على بضاعته " فريسكا "، وجاء محمد من صعيد مصر وظل يعمل في الإسكندرية طوال الأعوام العشرة الماضية. 
 
 ويأخذ محمد كل صباح بضاعته من الحلوى من صديق يمتلك مصنعا صغيرا لإنتاج هذه الحلوى وهي نوع من البسكويت المحشو بالبندق أو السمسم ويطلق عليه إسم فريسكا. 
 
ويعرب محمد عن أمله وهو يحمل صندوقا من الحلوى على كتفه في قدوم المزيد من الزبائن في حزيران/يونيو المقبل عندما ينتهي العام الدراسي، ويشكو من أنه لا يستطيع أحيانا أن يبيع جزءا من بضاعته بما يساوي عشرين جنيها مصريا ( ما يوازي 8ر2دولار).
 
ويحمل محمد آمالا كبارا لشهر حزيران/يونيو، وهو يرى أن المبيعات ستتقلص في شهر تموز/يوليو حيث من المتوقع أن يبدأ شهر رمضان والصوم يوم العاشر من ذلك الشهر.ويقول محمد إن حركة تدفق الزوار تشهد أقل معدل لها خلال ذلك الشهر وهذا هو السبب في أنه وهو الأب لطفلين سيأخذ عطلة ويعود إلى أسرته.
 
ويضيف إنه سيعود إلى الإسكندرية في عيد الفطر معربا عن أمله في أن يأتي كثير من الزوار ليقضوا عطلة العيد في هذا الثغر هذا إذا لم تحدث متاعب.
 
 كما يأمل محمد في توقف المسيرات الاحتجاجية " حتى يستطيع أن يعمل في سلام ".
 وجاءت أول ضربة تلقتها حركة السياحة بالإسكندرية مع بداية العام الميلادي الجديد في 2011  بحادث تفجير كنيسة القديسين الذي أسفر عن مصرع 25 شخصا، وفي نفس الشهر اندلعت احتجاجات شعبية كبرى في جميع أنحاء مصر انتهت بالإطاحة بالرئيس حسني مبارك الذي حكم البلاد لفترة طويلة من الزمن.
 
 ومنذ ذلك الحين حدث فراغ أمني في البلاد، كم أدت الاحتجاجات التي غالبا ما تتخذ طابعا عنيفا إلى توقف السياح عن القدوم إلى مصر كما أنها أثنت الكثير من السكان المحليين عن السفر داخل مصر.
 
 ويشير تقرير لهيئة ميناء الإسكندرية إلى أن حركة السياحة واستقبال السفن القادمة إلى الميناء من داخل مصر وخارجها تراجعت عام 2011بنسبة 13في المائة مقارنة بالعام 2010. 
 
ويقول الأدميرال المتقاعد عادل ياسين حماد مدير ميناء الإسكندرية إن أعداد السياح شهدت " تحسنا ملحوظا " في شهر آذار/مارس الماضي عندما استقبل الميناء خمس سفن ركاب أجنبية تحمل أكثر من سبعة آلاف سائح.
 
 غير أن رامي وهو شاب يبيع تماثيل صغيرة للجمال وقلادات أمام مطعم معروف باسم النادي اليوناني لم يشعر بأي تغيير خلال العام الماضي.
ويتجه رامي بهدوء إلى مجموعات من الأشخاص ويعرض عليهم بابتسامة بضاعته وإن كان مسعاه لا يصادف نجاحا يذكر.
 
 ويقول رامي الذي يناهز عمره عشر سنوات إنه يمكن أن يبيع للزوار الأجانب سلعة واحدة يصل سعرها إلى خمسة دولارات، ويضيف متسائلا : " لكن أين هم ؟ "، وذلك قبل أن يعدو بسرعة باتجاه سيارة دخلت توا إلى منطقة الانتظار القريبة وابتسامته تومض لركابها.

نهال الشريف
الثلاثاء 28 ماي 2013