نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


"بوسايدونيا": غابة تحت الماء في قلب المحيط مهددة بسبب حركة الملاحة والصيد




بالما دي مايوركا – يقترب بيري بالاثيو بقاربه المطاطي ببطء من اليخت الراسي في خليج إس كالو، شمال شرق جزيرة مايوركا الإسبانية. يختبر بعناية الجهاز الذي يستخدمه في الرؤية تحت الماء ويتابع بواسطته إلى أي مدى وصلت سلسلة الهلب. هل من مشكلة؟ يسأله مالك اليخت. "لا كل شيء تمام". يجيب بالاثيو بعد فحص شامل مدقق للوضع. يعمل بالاثيو مفتشا بحريا لدى حكومة جزر البليار للتأكد من أن المراكب واليخوت لا تلقى مراسيها وسلاسل الهلب فوق جزر الشعاب المرجانية "بوسايدونيا"، والتي يعتبر وجودها حيويا للبيئة البحرية في المتوسط.


وكونت بوسايدونيا ما يشبه غابة تحت سطح الماء، ويوضح بالاثيو مدى أهميتها "تقوم بتنقية المياه وتحافظ على نظافتها، كما توفر بيئة حامية للكثير من الكائنات البحرية النباتية والحيوانية، نظرا لأنها لا تنتج الأكسجين فحسب بل تعتبر بمثابة حضانة لكثير من أنواع الأسماك التي يفقس بيضها داخل شعابها". يشير بالاثيو إلى الساحل حيث تكونت تلال صغيرة من بقايا تلك التكوينات النباتية، موضحا "هذه التكوينات تحد من قوة اندفاع الموج وتحمي الشاطئ من عملية النحر المستمرة. ومع ذلك يعتقد بعض السياح خطأ أنها مجرد طحالب، ولكن في الحقيقة إن استمرار بقاء الشاطئ حتى الآن يرجع بالأساس لنمو تلك التكوينات من بوسايدونيا". وتعتبر التكوينات النباتية المعروفة باسم بوسايدونيا المحيط، البحر الأبيض المتوسط موطنها الأصلي، وهي من الكائنات النباتية الأكثر انتشارا به، من كرواتيا إلى أسبانيا، مرورا بقبرص ومصر وتونس وسردينيا. وقد أدرج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، هذه النبتة على قائمته الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وإن كانت الأقل عرضة للتهديد. ومع ذلك تقول ماريا ديل مار أوتيرو، عالمة الأحياء البحرية ببرنامج الـ IUCN للبحر الأبيض المتوسط " في السنوات الخمسين الماضية، تراجع وجودها بنسبة تصل إلى 34%". توضح أوتيرو أن الأخطار التي تتعرض لها تلك العشبة البحرية، تتفاوت في حجمها بحسب كل منطقة، ويأتي في مقدمة هذه التهديدات بشكل رئيسي: مرساة السفن والصرف الصحي وصيد الأسماك، وكذلك أعمال توسعة مرافق الموانئ. عامل آخر هو إدخال أنواع من الطحالب الأجنبية في البحر المتوسط. كما تضيف "بشكل عام لا يمكن التأكيد على أن البوسايدونيا هو النوع الأكثر تهديدا في منطقة البحر الأبيض المتوسط أكثر من مناطق أخرى. وتتوافر معلومات عن شمالي البحر الأبيض المتوسط، وتم أيضا إطلاق مشاريع في جنوب المنطقة لجمع مزيد من المعلومات". وتؤثر أيضا تبعات الاحتباس الحراري بشكل متزايد على مناطق نمو وانتشار البوسايدونيا. تحذر اوتيرو من أن درجة حرارة المتوسط في ارتفاع مستمر وبصورة متسارعة". وعلى الرغم من أنه في الوقت الراهن لا يمكن التبنؤ بالعواقب، إلا أن تفاقم الوضع سيكون له بكل تأكيد تأثير على نمو تلك الكائنات النباتية ومعدلات انتشارها. من أجل توفير حماية أفضل لتلك الكائنات النباتية، أصدرت حكومة جزر البليار المحلية قرارا الصيف الماضي، يشمل بالحماية 650 كلم من مروج البوسايدونيا المنتشرة تحت الماء في تلك المنطقة. يوضح ميكل مير مدير عام الفضاءات الطبيعية والتنوع البيئي الحيوي بالحكومة المحلية أن "هذا لا يعني أنه لم تكن هناك قرارات وإجراءات حمائية في الماضي، ولك لم يكن أيا منها موجها بهذا الشكل المحدد إلى الوضع في جزر البليار". يشار إلى أنه قبل الموافقة على هذا المرسوم، كان قد تم بالفعل منع المرساة غير القانونية، التي تنتزع شجيرات بالكامل من مروج البوسايدونيا عندما تنزلها القوارب واليخوت للرسو. وتبحر كل يوم خمسة قوارب في دوريات مثل قارب بالاثيو في مياه جزيرة مايوركا. وخلال الفترة بين آيار/ مايو ونهاية آب/ أغسطس، تمت مراقبة اليخوت والسفن بمعدل يتجاوز 17000 مرة أكثر من ذي قبل، وفي أكثر من 2800 مرة، تم توجيه السفن واليخوت للرسو في أماكن أخرى غير التي كانوا يعتزمون التوقف بها. ولكن في مايوركا لا يتم مكافحة تدمير بوسيدونيا المحيط فحسب، بل يحاول العلماء أيضًا إعادة زرعها. يقول خورخي تيرادوس، المسؤول عن إعادة التشجير بمعهد البحر المتوسط للدراسات المتقدمة (إيميديا) "عام 2015 بدأنا مشروعاً تجريبياً في خليج سانتا بونسا، ونجا حوالي 50% من النباتات، ونحن راضون جدا عن تلك النتيجة". تم تمويل المشروع من قبل مشغل النظام الكهربائي، شركة (Red Eléctrica)، حيث نشرت كابلات من خلال مروج الأعشاب البحرية بهدف المساعدة على تعديل النتائج الضارة من خلال إعادة التشجير. دفعت النتائج المشجعة كلا من الشركة و(إيميديا) إلى الاتفاق على مشروع أكبر في خليج بولينسا في شمال الجزيرة. يوضح تيرادوس أنه "منذ بداية العام، أعيد تشجير مروج البوسايدونيا القديمة على مساحة 2500 متر مربع. كما يقوم العديد من الغواصين بالبحث في قاع البحر عن النباتات التي اقتلعتها الأمواج ولكنها لا تزال سليمة في معظمها. "يتم إعادة زرع هذه النباتات في مجموعات صغيرة تفصل بين كل منها خمسة أمتار". ويضيف "يجب أن نتحلى بالصبر لأن البوسايدونيا هشة للغاية وسهلة الكسر، وفي الوقت نفسه تنمو ببطء شديد، ما بين واحد إلى ثلاثة سنتيمترات في العام". ويختتم قوله "سننتظر، وفي مرحلة ما، هنا مرة أخرى سيكون هناك مرج جديد من تكوينات البوسايدونيا النباتية، ولكن هذا قد يستغرق عقودا إن لم يكن قرونا".

باتريك شريمر ساستري
الجمعة 21 ديسمبر 2018