وقد خلقت الحالة الطائفية والسعي الحثيث للحكومة الوليدة باتجاه إجراء إصلاحات قضائية وأمنية حالة من "العصبية" والتوتر في سوريا، ما أضعف النوايا الحسنة التي ظهرت في البداية تجاه الرئيس أحمد الشرع، وذلك بحسب ما ذكره المبعوث الأممي السابق إلى سوريا غير بيدرسن، والذي أضاف: "إنها [أي سوريا] أضحت على حد السيف، أي أن الوضع وصل إلى هذه الدرجة من الخطورة، وكلنا نعرف بأن هذا النوع من التغيير يحتاج إلى وقت، ولكن ينبغي عليه [أي الشرع] أن يجري ما أسميه تصحيحاً للمسار".
السيناريو الليبي
عند وقوع أسوأ الاحتمالات سوءاً، يمكن لسوريا أن "تتحول إلى ليبيا" حسب رأيه، في إشارة إلى النزاع والحالة الفصائلية التي قسمت تلك الدولة الإفريقية إلى مجموعة من مناطق النفوذ بعد أن أطاح الثوار بالديكتاتور معمر القذافي في عام 2011.
ويتابع بيدرسن بالقول: "لا أحد يتمنى حدوث ذلك، إلا أن الخطر محدق بالفعل".
أتى هذا التحذير الصارخ بعد مرور سنة تقريباً على هجوم الثوار الذي ترأسه الشرع والذي أطاح ببشار الأسد وأنهى حكم هذه العائلة الذي امتد لأكثر من خمسين عاماً
يذكر أن سوريا عقدت يوم الأحد الماضي انتخابات لمجلس الشعب، كانت رمزية في معظم جوانبها، واعتبرت امتحاناً لمدى التزام الشرع بتحقيق حالة تمثيل أكبر ضمن العملية الانتقالية.
تراجع الثقة
انتابت معظم السوريين والسوريات حالة فرح عارمة عند إسقاط الأسد، ورحبوا بتولي الشرع لزمام الأمور، بعد أن تغاضوا عن قلقهم تجاه العقيدة الإسلاموية التي يتبناها فصيله السني، أي هيئة تحرير الشام.
فالشرع الذي بايع تنظيم القاعدة في مرحلة من المراحل، تعهد بإقامة حكومة تشمل الجميع، كما تعهد بحماية الأقليات بعد أن ورث دولة مفلسة ومقسمة دمرتها حرب استمرت لـ14 عاماً.
إلا أن هيئة تحرير الشام ماتزال القوة الحاكمة المهيمنة، حتى بعد أن انهزت ثقة السوريين والسوريات بالقيادة إثر الاقتتال الذي اتخذ منحى طائفياً والذي تورطت فيه قوات الأمن.
أسفرت الاشتباكات التي قامت بين موالين للنظام البائد من الطائفة العلوية التي ينتمي الأسد إليها ومقاتلين تابعين للشرع عن مقتل ما لا يقل عن 1400 شخص في المنطقة الساحلية باللاذقية في آذار الماضي، كما اندلعت في محافظة السويداء في جنوبي البلد أحداث عنف مشابهة تورطت فيها عناصر من الطائفة الدرزية والبدو وقوات الأمن، وذلك خلال شهر تموز الفائت.
عملية انتقالية محفوفة بالمخاطر
ومما زاد الطين بلة إسرائيل التي تسيطر على مساحة شاسعة من الأراضي السورية عند الحدود الجنوبية، والتي استهدفت بغاراتها الجوية قوات الأسد ووزارة الدفاع بدمشق زاعمة بأنها تدافع عن الدروز من خلال ذلك.
يحدثنا بيدرسن عن الوضع فيقول: "كثير من الناس أخبروني" بأن العنف كشف "بأنه [أي الشرع] لا يستطيع أن يسيطر على شعبه، وسألوني: ما هي الرسالة الموجهة من خلال ذلك؟ إلا أن قراءتي للأمور ترى بأنهم لم يستوعبوا تماماً مدى خطورة ذلك على العملية الانتقالية برمتها".
كما أبدى بيدرسن حزنه تجاه بطء وتيرة عملية إدماج الفصائل الثورية السنية على تنوعها والتي دعمت الهجوم الذي شنه الشرع في كانون الأول الماضي، ثم أصبحت جزءاً من حكومته، ومن منظومته الأمنية الرسمية، وهذا ما دفع بيدرسن الذي شارفت فترة عمله على الانتهاء إلى القول بأن الشرع: "لا يبدو على استعداد" لإجراء إصلاحات أمنية، لأن ما يحدث هو أن جميع هذه الفصائل قد بدأت بتأسيس مناطق نفوذ لها في مختلف أنحاء البلد".
وفي الوقت ذاته، تسعى الحكومة لبسط سيطرتها على مساحات شاسعة من سوريا.
-----------
تلفزيون سوريا