نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


تاريخ ميشال عون








لا يمرُّ يومٌ على لبنان وإلا ونسمع فيه خبر اعتقال أحد ناشطي وسائط السوشال ميديا، والسبب يكاد يكون واحداً: المسّ بإحدى الشخصيات السياسية، عبر منشور أو صورة، أو حتى عبر إعادة تغريد ما كتبه الآخرون. وبالطبع، على رأس تلك الشخصيات التي اتُّهم بقدحها هؤلاء الناشطون رئيس الجمهورية اللبنانية الحالي ميشال عون.



 
لكنَّ المشكلة التي تطرحها جناية "القدح والذمّ" مع شخص على شاكلة ميشال عون، هو تاريخ عون نفسه! بمعنى أن تاريخ هذا الشخص كان حافلاً -وبشكل موثَّق- بما يُعتبر قدحاً وذمَّاً له. فهل استذكار ذلك التاريخ يُعتبر جنايةً يُعاقب عليها القانون حقَّاً؟

على سبيل المثال، إذا قام مواطن لبناني بإعادة نشر صورة الجنرال عون وهو يصافح قائد جيش الدفاع الإسرائيلي سنة 1982 في بيروت مهنّئاً له على نجاح الاجتياح، فهل ستتمّ محاكمة ذلك المواطن بجرم الإساءة إلى رئيس الجمهورية؟

إذا حدث ذلك فعلاً -وبالمناسبة من غير المستبعدّ حدوثه قياساً إلى ما نشهده من محاكمات غرائبية على منشورات بسيطة تتناول ما هو أقلّ من قضية عمالة عون- فسنكون أمام حالة فريدة من نوعها يقوم فيها أحد الأشخاص بمحاكمة الآخرين على تاريخه هو!

***
اليوم، حاضرُ ميشال عون يتشدَّق بكلّ ما هو نقيض لماضيه. فهو اليوم "الرئيس المقاوم" ضدّ إسرائيل، بينما كان بالأمس عميلاً إسرائيلياً صريحاً، بشهادة الصورة المنشورة أعلاه، وبشهادة صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية التي وصفت، في عددها الصادر بتاريخ 27 تشرين الأول 2016، العلاقة بين القيادة الأمنية الإسرائيلية وعون خلال تسعينيات القرن الماضي بـ"الغَزَل المتواصل". مؤكّدةً أن الجنرال اللبناني أبلغ الإسرائيليين أن لبنان تحت قيادته سيكون "صديقاً لإسرائيل".

ولا يجب أن ننسى أنَّ ميشال عون في الثمانينيات، ومن أجل الحصول على أموال الدعم العراقي، ادَّعى تبنّيه خطاب "العروبة" و"القومية العربية" في رسائله المحرَّرة إلى صدَّام حسين، قبل أن ينتهيَ به الحال عضواً في "حلف الأقلّيات" ومنظّراً لهذه النظرية الفاشيَّة.

ولا يجب أن ننسى، أيضاً، بأن ميشال عون الذي تحوَّل إلى الحليف الأوثق لنظام بشار الأسد، هو الذي سبق له أن تفاخر مراراً بوقوفه وراء صدور "قانون محاسبة سوريا" الذي أقرَّته إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في كانون الأول 2003.

ناهيك عن أن هذا الشخص سبق له أن اجتمع بعتاة داعمي الحركة الصهيونية من أجل محاربة "حزب الله" بوصفه "منظَّمة إرهابية"، قبل أن يتسنَّم منصب قائد السريَة المارونية في جيش "ولاية الفقيه" إثر توقيعه ما يُسمَّى بـ"اتفاقية مار مخايل" مع "حزب الله" بتاريخ 6 شباط 2006.

بل إنَّ هذا التناقض، الذي يُطابق وصف الانقلاب على الذات، لا يقتصر على المقارنة بين ماضي ميشال عون وحاضره، فحاضر عون يزخر بكمّ من التناقض لو وُجِدَ في بلدٍ يتمتَّع بحدّ أدنى من المحاسبة لكان وبالاً على صاحبه.

فيكفي، على سبيل المثال، تعداد أسماء الأقارب المباشرين لميشال عون الذين تمَّ تعيينهم في أعلى مناصب الدولة والتيَّار السياسي الذي يقوده، بينما هو يدَّعي بأنه حامل شعارَي "الإصلاح والتغيير" و"محاربة الإقطاع العائلي"، لنعرف مدى الزيف المستحكم الذي يطبع مسيرة هذا الشخص:
نوَّاب التكتل البرلماني التابع لميشال عون: آلان عون، ماريو عون، سليم عون، وشامل روكز (صهره) زوج ابنته كلودين عون، وزير الخارجية: جبران باسيل (صهره) زوج ابنته شانتال عون، رئيس مجلس إدارة تلفزيون "أو. تي. في": روي هاشم (صهره) زوج ابنته ميراي عون التي تحتلّ منصب مستشارة رئيس الجمهورية، قائد الجيش اللبناني: جوزيف عون... إلخ.

***
إنَّ الانتهازية السياسية، بوجهها الانقلابي المتطرّف، التي مارسها ميشال عون، مع رفع الشعارات الوطنية والأخلاقية شديدة الزيف، انتهت به بأن يصبح مجرَّد ذكر تاريخه بمثابة سُـبَّة له تستوجب محاكمة الشخص الذي تحدَّث عنه، باعتبار أنَّ كل محطَّة في تاريخ هذا الرجل هي "قدح وذمّ" لمقام الرئاسة الذي يتولَّاه!
-------------
زمان الوصل

ماهر شرف الدين
الجمعة 22 مارس 2019