نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


تبسيط العلوم من الشربيني الأب الى الشربيني الأبن




يذكرنا كتاب الشربيني الأبن عن الشربيني الأب ولو بشكل غير مباشر بجيل ذكي من علماء الذرة العرب الذين ادركوا مبكرا ومنذ مصطفى مشرفة أهمية المشروع النووي للأمن القومي العربي ذلك المشروع الذي تم اجهاضه باغتيال العلماء العرب المساهمين فيه فالشربيني الأب من جيل العالمة سميرة موسى التي اغتيلت بتدبير حادث خارج مصر عام 1952 ثم تبعها يحيى المشد الذي أغتالته مخبرة من الموساد في باريس عام 1982 لاجهاض المفاعل النووي العراقي الذي تم قصفه لاحقا وتدميره في العام ذاته
أن احياء تراث الدكتور الشربيني في كتاب ضخم يحمل الى جانب لمسة الوفاء من ابن لأبيه قوة التذكير بوجود علماء ذرة عربا أغتالت اسرائيل بعض رموز الجيل الأول منهم وقضى الاهمال العربي على طموحات الجيل الثاني


تبسيط العلوم من الشربيني الأب الى الشربيني الأبن
لم يلتفت العالم الى علم الفيزياء مثل إلتفاتًه بعد أن حُسمت الحرب العالمية الثانية لصالح الولايات الأمريكية بفضل السلاح النووي الفتاك ، ذاك الذي دمر مدينتين يابانيتين كاملتين و حول بعض ضحاياه الى مجرد غبار في زمن لا يكاد يكون محسوس ، و لصعوبة استيعاب ما حدث ، انبرى القليل من العلماء لمحاوله تبسيط العلوم للعامة ، من هؤلاء في العالم العربي الأستاذ الدكتور محمود أحمد الشربيني و من ثم خليفتة في العلوم الاستاذ الدكتور ثروت محمود الشربيني الذي جمع تراث والده في كتاب ضخم صدر حديثا في القاهرة
منذ كسر أينشتاين نظريات الطبيعة الكلاسيكية بنسبيته الشهيرة ، و العلوم تحتاج بالنسبة للقارئ العادي الى وسيط يتمتع بعمق المعرفة العلمية إضافة الى فصاحة اللغة و قدرات خاصة على أستخدام المفردات العلمية القريبة من مخيلة المتلقي المتعطش للمعرفة العلمية دون الدخول الى قاعات المحاضرات في الكليات العلمية ، و تلك من المهام الصعبة و الشاقة التي تأخذ من وقت العالم وجهدة الكثير دون أن تعتبر إضافة علمية الى سيرته الذاتية و ملفاته العلمية أو أبحاثه المعملية ، لكنه وفي عالمنا العربي كان هناك من أعتبر هذة المهمة شرفاً يزدان به وواجب العالم نحو الناطقين بلسانه وهي تشبة زكاه المال المفروضة على من يملك تجاه من لا يملك ، من هذه الأقليه التي تحملت تلك المهمة دون كلل ، الاستاذ الدكتور محمود أحمد الشؤبيني (1908-1998) الذي حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء من كلية ا لعلوم بالجامعة المصرية (القاهرة حالياً ) عام 1930 ، و بدأ مشوارة في البحث العلمي منذ ذاك التاريخ لتكون سيرته العلمية حافلة بالنجاحات و والنظريات التي أسسست لتطوير علم الفيزياء الذي يدرس في جامعات العالم اليوم ، لكنه – الشربيني – و بالتوازي مع البحث العلمي أخذ على عاتقة مهمه وضع المعرفة في متناول الجميع ، فبدأ و من العام 1932 بنشر مقالاته العلمية المبسطة في معظم المجلات العلمية الصادرة ذاك الوفت مثل العلم ، رسالة العلم ، العلم و الصناعة ، العلم و التكنولوجيا ، عالم الفكر ، عالم الغد ، كتراث الانسانية بهدف تبسيط العلوم و رفع مستوي الثقافة العلمية في الوطن العربي ، ذاك بالاضافة الى إلقاء محاضرات عامة تصب في الهدف ذاتة ، كما انه سخر ملكاته العلمية في تأليف ثلاثة من أهم المراجع العربية في علم الفيزياء و هي : علم الحرارة و الديناميكا الحرارية ، اصول علم الديناميكا الكهربائية ، أصول علو م فيزيقا الكم .
و على مدى ما يقاررب ستين عاماً ، ظل الشربيني – رحمة الله – مخلصاً للبحث العلمي كعالم لا يكتفي بنقل النظريات العلمية بل صانع للفيزيقا الحديثة ، و في الوقت ذاته ظل باراً بحق المجتمع العربي علية بترجمة تلك العلوم و النظريات الى لغة الضاد في قالب من البساطة و التشويق ، فقرب للقارئ العربي نظريات : بقاء الطاقه ، تمايل الأشعة ، الحرارة ، الصوت ، بناء النواة ، القنبلة الذرية ، الضوء و الالوان ، الأشعة المظلمة و الراديوم ، نسبية أينشتين ، الفيزيقا التقليدية و الحديثة ، الفيزيقا الحيوية ، لغة الأمواج ، أشعة الليزر ، العلم والبيئة ، فييزيقا الكم ، الطاقة ، قنبلة نيوتن النظيفة ، و غيرها من النظريات العلمية التي شغلت و ما تزال تشغل المتلقى الغير متخصص و لكنه يحتاج لأن يعرف ، ففي معرض حديث الشربيني عن نظرية النسبية يقول " لا عجب أن ضاقت النسبية بالأثير وسطاً يحمل النور إلينا وفي إمكان النور أن يصل في غير وسيط ، ثم جعلت النسبية للنور مركز الامتياز فكانت ، سرعته في الفراغ مطلقة ثابته دائماً حتى لو للراصد سرعة تقارب سرعة النور ، و كذلك انكرت النسبية المركزية في العالم و جعلت كل منطقة كفيلة بقوانينها و إن تشابهت القوانين ، فقد قُدست شكل القوانين وحفظت للشكل هيكلته مهما كانت الأحوال " و كفي بهذا الاقتباس الذي يوضح بلاغة العالم الكاتب الشربيني .
للشربيي – رحمه الله – أبناء و طلاب على أمتداد الوطن العربي و العالم أجمع ، لكن الدكتور ثروت محمود احمد الشربيني يحمل أرث الشربيني الأب ليس في عشق الفيزيقا فقط و التي جعلته يحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم ثم جائزة التميز و عدد آخر من الجوائز و الأوسمة التي تمنحها الدولة المصرية لحملة لواء العلم من أبنائها ، الشربيني الابن هو استاذ الفيزياء في جامعة القاهرة ، لكنه أيضا وجد في مهمة تبيسط العلوم زكاة علمه ، فعمد الى جمع تلك المقالات التي كتبها الشربيني الأب على مدي ستين عاما لما فيها من شرح و بساطة ما يزال المتلقي يحتاجها اليوم لإستيعاب أصول النظريات العلمية لا سيما و قد تحولت تلك النظريات اليوم الى تطبيقات مثمثلة في الثورة التكنولوجية التي نشهدها كإستخدام الطاقة النووية في الطب و الصناعة و الزراعة و التعقيم و غيرها من مجالات الحياه ، و تكنولوجيا الإتصالات التي صارت سمة العصر من خلال شبكة الانترنت العنكبونية و الأقمار الصناعية و أجهرة الارسال و الاستقبال شديدة الحساسة ناهيك عن غزو الفضاء و اكتشاف أسرار الكون التي كانت تنتمي الى عالم الغيبيات الغير قابل للتداول الا من خلال الأساطير و الخرافة ، هذة التكنولوجيا المتداخله بيومياتنا و كل جوانب الحياة العصرية ، الشربيني الأبن وجد في الشروح الأولى للشربيني الأب خير إهداء لمتلقي اليوم من الأجيال الشابه لمن أن يعرف أسرار الفيزياء بلغه سهلة .
و في هذا أصدر الشربيني الإنن في وقت سابق من الشهر الحالي – يناير2009 - كتاباً ضخماً بعنوان " أحاديث في علم الفيزيقا للدكتور محمود الشربيني " و ذلك بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الشربيني الاب الذي اعتبره رائداً لعلم الفيزيقا في مصر و العالم العربي ، حيث جمع الكتاب أكثر من الثلاثين مقالة علمية للشربيني الأب ، قدم للكتاب الاستاذ الدكتور محمد صالح أحمد ، عميد كلية العلوم الاسبق بجامعة الاسكندرية ، أما الشربيني الابن و الذي قام بهذا الجهد الضخم على مدى أكثر من خمس سنوات لجمع هذا التراث العلمي لحفظه و لإعادة تقديمة لقارئ اليوم ، فقد اكتفي بكتابة الاهداء الى العالم الراحل في كلمات هي الرثاء و الوفاء ، حيث قال " الى روح والدي و استاذي في علم الفيزيقا " فلا أقل و لا أدل من ذاك الاهداء .
هذا الكتاب المعبر عن قيمة الوفاء من جيل العلماء الى الجيل الذي سبقه ، يمثل أيضا إضافة الى المكتبة العلمية العربية التى تشتاق لمثل هذه الإضافات القيمة ، فهو مرجع في شرح العلوم يحتاجه الطالب الجامعي و الاستاذ الجامعي غير المتخصص ، و هو في ذات الوفت يحمل قيمة معنوية عالية لكونه الوفاء من العالم الفيزيائي الابن الى العالم الفيزيائي الأب .

الهدهد - القاهرة
الثلاثاء 3 فبراير 2009