وهي تقوم على المرتكزات الآتية: احتكار السلطة والثروة والقوة، من خلال هيمنة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على مجمل حياة السوريين، واحتكار الحقيقة، والغلبة والقهر، وشخصنة السلطة، وجعل الناس مجرد كائنات اقتصادية. فقد قال حافظ الأسد، لحمود الشوفي (الأمين العام لحزب البعث) في سنة 1971: “الناس لهم مطالب اقتصادية في الدرجة الأولى”.
وقد أدت هذه المرتكزات، من جهة، إلى إحلال الأوامر محل القوانين، والامتيازات محل الحقوق، والولاء والمحسوبية محل الكفاءة والجدارة والاستحقاق، ومن جهة ثانية، أدت إلى احتكار وسائل الإعلام المختلفة، وجعلها تُسمع السوريين ما يريده الحاكم الفرد وتمنع عنهم ما لا يريده، كما أدت إلى احتكار الموارد الاقتصادية للتحكم في قُوت السوريين وأرزاقهم، وتغوّل السلطة التنفيذية التي يترأسها الحاكم الفرد.
إنّ المنظومة الشمولية للدولة الأمنية، التي نظّمت إرهاب الدولة على المجتمع السوري، لم تفعل ذلك لصالح الدولة وإنما لصالح “قائد المسيرة”. وكما كتبت حنة أرندت: “إنّ الشمولية تختلف، من حيث الجوهر، عن الأشكال الأخرى للقمع السياسي، مثل الاستبداد والطغيان والدكتاتورية، بل تحوّل دائمًا الطبقات إلى جماهير، وتستبدل منظومة الأحزاب بحركة جماهيرية”. وهذا ما فعلته الدولة الأمنية السورية، عندما حوّلت أغلب المجتمع السوري إلى جماهير تهتف “قائدنا إلى الأبد حافظ الأسد”.
لقد كان حافظ الأسد يرى أنّ توطيد نظامه يتطلب إرساءه على قاعدة اجتماعية واسعة، لذلك قامت خطته على نقطتين أساسيتين: الأولى تعبئة القوى السياسية والاجتماعية حول السلطة؛ والثانية تقوية السلطة عن طريق احتواء القوى المجتمعية لاستخدامها ضد خصوم النظام.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة (التحميل)، إضافة إلى تحميل ملف يتضمن (شهادات من الحياة السياسية في سورية).