نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


تراجع هطول الأمطار يعرض أنهار كمبوديا وسكانها للخطر




بنوم بنه – يقف هو سان بالقرب من القارب الخشبي الذي يصفه بأنه بيته، ويشير إلى ضفة النهر المنحسرة عنها المياه، والمحيطة بقرية تشروي تشانجفار وهي شبه جزيرة ممتدة من الضفاف، حيث يتلاقى نهرا الميكونج وتونلي ساب عند العاصمة الكمبودية بنوم بنه.


تراجع منسوب الانهار في لاوس
تراجع منسوب الانهار في لاوس
 
وقال هو سان ، صائد أسماك من كمبوديا : "يمكنك أن ترى من مستوى الطمي المرتفع المكان الذي كانت تصل المياه إليه عادة، نحن لم نشهد على الإطلاق هذا المنسوب المنخفض من المياه، وعندما يصبح مستوى المياه إلى هذا الحد المنخفض نتعرض للجوع".
ويواجه نهر الميكونج الذي يبلغ طوله 4350 كيلومترا أزمة، وتتمثل أهميته في أنه يمر بكل من الصين وميانمار وتايلاند ولاوس وكمبوديا وفيتنام، ويوفر سبل العيش لما يقدر بنحو 60 مليون نسمة.
وامتدت موجة جفاف مدمرة ظهرت آثارها على مساحة كبيرة من النهر، للعام الثاني على التوالي، مما نجم عنه مستويات منخفضة قياسية في منسوب المياه.
وانخفضت معدلات تساقط الأمطار بحدة في حوض الميكونج الشمالي بسبب تأثير ظاهرة "إلنينو" المناخية، والتي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة مياه المحيط الهادي، وخلال الفترة من كانون ثان/يناير إلى تموز/يوليو تلقى الحوض 397 ميلليمترا من الأمطار المتجمعة، وهو ما يقل بنسبة 36% عن معدلات عام 2019 وبنسبة 62% عن معدلات عام 2018.
ويعني ذلك حدوث انخفاض بنسبة 45% في معدلات تساقط الأمطار مقارنة بمتوسط المعدلات التي تم تسجيلها خلال الفترة بين 2008 و2017.
ومن ناحية أخرى يقول الخبراء إن السدود المقامة أعلى النهر لتوليد الكهرباء في الصين، تلحق الضرر أيضا بالنظام البيئي للنهر بما في ذلك تدفقات الطمي، وما يحمله من مواد غذائية في مجرى النهر مع هطول الأمطار الموسمية، وهذه ظاهرة حيوية بالنسبة لنشاط صيد الأسماك والزراعة في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك نجد أن تجريف الرمال والطمي من قاع النهر يلحق الضرر بضفافه ويعوق بقوة تدفقات الرواسب.
ويقول مارك جويشوت وهو خبير بأنظمة المياه العذبة ويعمل لدى الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية، إن الآثار التراكمية تغير نهر الميكونج بشكل لا يمكن إصلاحه.
ويضيف "عندما تصل إلى عتبة التحمل يكون الوقت متأخرا لإعادة الحال لما كان عليه، وسيتكيف النهر مع الأوضاع الجديدة ولكنه سيكون نهرا مختلفا، ويتعين إعادة اختراع العلاقة مع النهر برمتها، وهذا يمكن أن تكون لها تكلفته الهائلة بالنسبة للسكان الأكثر ضعفا".
وأحد مقدمات الحالة الخطيرة التي يتعرض لها نهر الميكونج هي بحيرة تونلي ساب ذات المياه العذبة، وتوصف بأنها "مصنع الأسماك" الرئيسي بحوض الميكونج، وتقع داخل أراضي كمبوديا وتعد أكبر بحيرة منتجة للأسماك في منطقة جنوب شرقي آسيا إلى جانب أهميتها في الزراعة.
وخلال موسم الأمطار تمتلأ البحيرة عادة، حيث أن نهر تونلي ساب يعكس مساره ويغرق حوض البحيرة والسهول والغابات المحيطة بها بالمياه، ويرجع ذلك إلى قوة الأمطار الموسمية وامتلاء نهر الميكونج.
وبسبب ضعف تدفق المياه في نهر الميكونج لم يبدأ نهر تونلي ساب في عكس مساره، هذا العام وأيضا العام الماضي، إلا في أوائل آب/أغسطس أي بعد مرور شهر من الموعد المعتاد، وتشير لجنة نهر الميكونج إلى أن منسوب المياه بالنهر أصبح الآن في أقل معدلاته التي تم تسجيلها من قبل.
ويعاني السكان الذين يعتمدون على ارتفاع منسوب المياه في معيشتهم، ويقول سالاس فيل وهو رجل مسن في قرية "تشروي تشانجفار" التي يعمل سكانها بصيد الأسماك والكائنة بشمال شرقي بنوم بنه، إن كميات الأسماك تقلصت بنسبة أكثر من النصف، ولا يحمل المستقبل كثيرا من الأمل.
ويضيف فيل "عادة تتدفق المياه إلى داخل البحيرات والبرك حيث يمكن للأسماك أن تتكاثر، ولكن لا يمكن ان يحدث ذلك الآن، أما كميات الأسماك التي تتكاثر في النهر فلن تكون كافية".
وتحول صائدو الأسماك إلى مهن أخرى، فمن يمتلك المال اشترى مركبات نقل الركاب الصغيرة المعروفة باسم "توك توك"، بينما عمل آخرون في قطاع التشييد، أما الذين لا يمتلكون المال "فعليهم أن يتحملوا المعاناة"، على حد قول فيل.
ومن جهة أخرى صارت أزمة انخفاض منسوب المياه أكثر تعقيدا بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة كوورنا.
والقرويون مثل السيدة خينج كيمنا التي تدير منزلها لاستضافة الزوار في قرية كامبونج بلوك، الكائنة على مشارف مدينة سيم ريب بالشمال الغربي من كمبوديا، يعتمدون على الزوار الذين يأتون لمشاهدة الغابات التي غمرها الفيضان والمحيطة بالقرية.
وتقول كيمنا التي لم يحجز أحد للنزول لديها منذ أوائل العام الحالي، "صارت البحيرة الآن ضحلة، ويتعين علينا استخدام قوارب أصغر حجما في بعض المناطق".
وكانت كيمنا تستضيف عادة ما بين أربعة إلى 15 زبونا، وتعلق بقولها "لم يعد أحد يأتي الآن".
وأوصت لجنة نهر الميكونج في آب/أغسطس الماضي بأن تطلب الدول الواقعة في اتجاه مصب النهر من الصين أن تطلق مزيدا من المياه من مخزونها خلف السدود.
وأضحت بكين تحت الأنظار منذ أن خلص تقرير إلى أن سدودها احتجزت "مزيدا من المياه بشكل لم يسبق له مثيل" عام 2019، على الرغم من معدلات الأمطار فوق المتوسط التي تعرضت لها.
وانتهز الدبلوماسيون الأمريكيون المعتمدون بالمنطقة فرصة هذه القضية ليتدخلوا فيها، وجعلوا نهر الميكونج جبهة أخرى للمنافسة الجارية بين واشنطن وبكين، وتشير الصين إلى دراسات أجرتها تقول إن سدودها ساعدت على تخفيف الأوضاع الناتجة عن الجفاف، في الدول الواقعة على مجرى المصب.
ويرى جويشوت الخبير بالصندوق العالمي للحفاظ على الحياة البرية أن ثمة حلولا، لكنها تتطلب العمل من جانب الحكومات والمنظمات الدولية.
ويؤكد قائلا "إننا وسط أزمة عميقة، ونحن بحاجة الآن وليس العام المقبل لأن نبدأ العمل وننفذ الخطة المناسبة الصائبة".

شاون تورتون
الاربعاء 25 نونبر 2020