نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


تمذهب وازدواجية ودعاة نجومية .... مخاطر التوظيف السياسي للدين في الفضائيات العربية




تونس - منير السويسي - حذر باحثان مغاربيان خلال لقاء فكري حول "الخطاب الدّيني في الفضائيات العربيّة: المضمون والتّداعيات"، من مخاطر القنوات الدينية العربية التي تعاظم تأثيرها مؤخرا وتحولها إلى مصدر أساسي للمعارف الدينية في المجتمعات العربية


تحولت القنوات الدينية إلى مصدر أساسي للمعارف الدينية في المجتمعات العربية
تحولت القنوات الدينية إلى مصدر أساسي للمعارف الدينية في المجتمعات العربية
يرى الدكتور المغربي محمد الغيلاني المتخصص في سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية وتنافس الهويات والمجتمع المدني، أن ظهور القنوات الدينية الفضائية في العالم العربي كان "استجابة مفتعلة" من قبل السلطات السياسية للطلب الشعبي المتزايد على التدين، الذي برز خاصة في العقد الأخير من القرن العشرين، رغم أنها (القنوات) ساهمت في "تعويض الجمهور عن العجز الذي يعاني منه الخطاب الديني الرسمي". وبحسب الباحث، فقد ساعدت دوائر القرار السياسي التي تخشى من توظيف "قوى غير متحكّم بها" للطاقة التعبوية الكبيرة للدّين، على ظهور هذه القنوات لتستعملها في "التحكم في منسوب التدين" وبناء مجتمع "متدين على المقاس" و"إعادة صياغة التدين وفق منهج يصور الدين كقضية فردية تتسم بروح التسامح والانفتاح والتأقلم".

وقال الباحث في حوار مع دويتشه فيله إن هذه القنوات "تستمد كثيرا من فلسفتها من السياسات الدينية الرسمية" وأنها ساهمت في إنتاج "متدينين متسامحين مع السياسات الرسمية مندمجين فيها". ولاحظ أن خطاب هذه القنوات "تغلب عليه ازدواجية، إذ يَعِدُ الفقراء ويُطمئن الأغنياء" مشيرا إلى الدور الذي يلعبه كثير من الدعاة في "علمنة الخطاب الديني" من خلال فصل أو تغييب قضايا المجتمع والسياسة عن هذا الخطاب. وشارك الباحثان المغربي والتونسي الى جانب عدد من المفكرين والباحثين والإعلاميين في ندوة حول "الخطاب الدّيني في الفضائيات العربيّة: المضمون والتّداعيات" نظمها منتدى الجاحظ (هيئة ثقافية تونسية غير حكومية) الأسبوع الماضي في تونس.

في المقابل نبه الباحث من خطورة التشدد المذهبي الذي تبديه كثير من هذه القنوات ضد المخالفين من داخل الدائرة الدينية، وسقوطها في ذمّ الخصوم المذهبيين (سنة وشيعية) وتصريفها خطابا مذهبيا منغلقا وغير متسامح قال إن الهدف منه "سدّ كل انفتاح أو تعاط متحرر من الموقف المذهبي"، مشيرا إلى وجود "مفارقة أساسية تدعو المتدين لأن يكون منفتحا متسامحا وفي الوقت نفسه منغلقا متشددا". الباحث الاجتماعي التونسي محسن المزليني دعم كلام الباحث المغربي إذ حذر من خطورة إحياء الفضائيات الدينية التي تتراوح بين سنية وشيعية وصوفية لصراعات تاريخيّة "خمدت حروبها منذ قرون" وأبرزها الصراع بين السنة والشيعة.


الدعاة "نجوم"
المزليني نبه أيضا من انعكاسات تعاظم المكانة الاجتماعية للدعاة التلفزيونيين الذين قال إنهم صاروا "نجوما" بعد أن جمعوا بين رأسمال رمزي يوفّره الاشتغال في الحقل الدّيني وثروات مالية يدرّها عليهم عملهم في "المقاولات الدينية". واعتبر أن تحول الداعية إلى نجم يقدّسه "مريدوه" ويتخذونه "مرجعا" دينيا "يمتلك الحقيقة" دون سواه، قد يفتح الباب على مصراعيه أمام رفض اختلاف الآراء والتأويلات الدينية ليصل الأمر إلى التكفير والرغبة في تصفية الخصوم.

وأشار في سياق آخر إلى أن الداعية الذين يُفترض أن يكون وسيطا في نقل رسالة معينة قد يتحول نفسه إلى رسالة لما يتركه من أثر بالغ في الأقوال الصادرة عنه. من ناحيته لفت محمد الغيلاني إلى أن الدعاة يستخدمون القرآن والسيرة النبوية والموعظة استخداما "براغماتيا" لاستقطاب ونيل إعجاب أكبر عدد من المشاهدين وفرض المنافسة في سوق الإعلام والإشهار.

وأوضح أن خطاب دعاة القنوات الدينية يشتغل على "اللاوعي الديني" والموروث العقائدي "المقدس" للمتلقّي ويتميز بطابع انفعالي ونفس تعبوي وشحن عاطفي متواصل. كما يعتمد الخطابة وفنونها أسلوبا للإقناع ولاستجلاب إعجاب المشاهد الذي يدخل في حالة تخدير ويتوقف عقله عن "التفكير أو التحليل أو المساءلة".

استبعاد تأثر أبناء المهاجرين العرب في أوروبا
وبحسب الباحث فإن الفضائيات الدينية صنعت جمهورا متلقّيا معجبا يستقبل الخطاب الديني بوصفه خطابا مقدسا غير قابل
للتشكيك، خطابا يخلق الرضا عن النفس ويجلب الطمأنينة الداخلية من خلال الانتماء إلى لحظة تاريخية مليئة بالأمجاد والبطولات والتفوّق (حياة الرسول والسلف الصالح)، خطابا يطور "نوستالجيا" دينية تعويضية من الناحية السيكولوجية على المستوى الفردي والجماعي ويخلق متعة واسترخاء سيكولوجيا، وبهذا الشكل يتحول التدين إلى شكل من أشكال الترويح عن النفس كما لو أن المشاهد يخضع لحصة علاج نفسي واسترضاء وجداني للتعويض عن انكسارات الحاضر.

في المقابل يزيد خطاب الفضائيات الدينية من "حدّة الشعور بالإحباط وترسيخ الانتظارية، لأن التقديس الذي تشحن به متون الخطاب الديني يولد تعجيزا سيكلوجيا، وبهذا المعنى فإن مفاعيل هذا الخطاب تزيد من منسوب الإعجاب بالماضي والإحساس بالعجز أمام مشكلات الحاضر والعجز عن اتخاذ القرار والمساهمة في تغيير المجتمع".

كما استبعد محمد الغيلاني أن تشمل التأثيرات "السلبية" للفضائيات الدينية العربية أبناء المهاجرين العرب في أوروبا باعتبار أن الجيلين الثالث والرابع للمهاجرين لا يتكلمون العربية لغة الخطاب في الفضائيات الدينية العربية كما أنهم "غير موصولين بالتراث الديني المحلي للمجتمعات الأصلية لآبائهم وأجدادهم". وتوقع الباحث أن ينتهي بعد سنوات قليلة "تاريخ صلاحية" القنوات الدينية مقابل تواصل القنوات الرياضية والفنية

منير السويسي - دويتشه فيله - قنطرة
السبت 18 سبتمبر 2010