المسلسل الذي يروي قصة الجاسوس الإسرائيلي الأكثر شهرة “إيلي كوهين”، الذي شق طريقه إلى المناصب العليا في السياسة السورية أوائل فترة الستينيات، مستخدمًا هوية مزيفة باسم “كامل أمين ثابت”. وعلى الرغم من أن الأحداث الفعلية لافتة للنظر؛ فإن العمل جاء تقليديًّا للغاية ولا يترك أي انطباع حقيقي.
وقبل البدء في الكلام عن مسلسل “الجاسوس”، يجب أن نتوقف عند الهجوم المثير للشفقة الذي شنَّه نتنياهو على مسلسل “أولادنا”؛ خصوصًا أنه وبشكل فكاهي اتهم المسلسل بكونه “معاديًا للسامية”، ومع ذلك كان فخورًا به كمسلسل تم إنتاجه محليًّا؛ ليخبر العالم أن إسرائيل هي البلد الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط.
غير أن نتنياهو لن يشعر بمثل هذه الشكوك تجاه مسلسل “الجاسوس”، رغم أن قناة “إتش بي أو” إذا اكتشفت “فضيحة لافون” التي ذكرها مسلسل قناة نتفيلكس بشكل عابر، فإنها قد تصبح قصة أخرى.
ويختفي كوهين خلال سنوات تكوينه كيهودي مصري؛ حيث يعرض المسلسل السنوات الست التي أصبح خلالها “رجل إسرائيل في دمشق”، وبإخلاص تام يؤرخ المسلسل قصة تحوله من شخص حريص على التجنيد في تل أبيب عام 1959، إلى حياته في بوينس آيرس؛ حيث قام خلال هذا الوقت ببناء غطاء له كرجل أعمال عربي من أبوَين سوريَّين، وحتى وصوله إلى سوريا عام 1962؛ حيث استطاع بإقامة ورعاية الحفلات باهظة الثمن أن يشتري لنفسه أصدقاء رفيعي المستوى.
تم تصوير المسلسل بين المغرب والمجر، وهناك مشاهد كثيرة تم الإعداد لها في أثناء التصوير؛ ما يعطي شعورًا بانعدام التنسيق، كما لا تشعر فيه بروح الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الموسيقى التصويرية للمسلسل تفيض بنغمات العود والكليزمر اليهودي؛ فإنها تبدو أيضًا مؤذية لأذنَيك في بعض المشاهد.
أما عن الحوار شديد الصلابة، الذي لا يمكن أن تسمعه بعيدًا عن الحملات الإعلانية الانتخابية لنتنياهو، فيمكن أن تسمع جملًا؛ مثل: “لقد وجد هدفًا عليه أن يسعى لإنجازه”، “أنا امرأة من السفارديم، لن أسمح لك بالعودة إلى منزلك دون دعم”، أو “لقد جعلت أحلامه تتحقق، لكنك أفسدت أحلامي”. وهناك تعبير “رجلنا في دمشق” الذي يستحق كثيرًا من التأمل.
وقد تم عرض قصة كوهين على شاشات التليفزيون من قبل في الدراما البريطانية عام 1987، في مسلسل بعنوان “الجاسوس المستحيل”؛ لكن وبينما تأخذ من وقتك لمشاهدة سلسلة راف الأخيرة المكونة من 6 أجزاء؛ لمتابعة المزيد عن كوهين، لا ينجح العمل في إضافة أي عمق أو قيمة معينة إليك.
وربما تكون تلك هي طبيعة عملاء المخابرات الذين لا نعرف شيئًا عن حياتهم أبدًا. غير أن مسلسل “الجاسوس” لم يقترب من إظهار ما الذي يجعل كوهين يتجسس لصالح بلاده؟ أو ما الدوافع التي تجعله يتحمل المخاطر من أجلها؟ خصوصًا حين تتم معاملته في سوريا بطريقة ملكية.