نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


جهود مجتمعية وحكومية أمريكية لمواجهة انتشار جرائم الإتجار جنسياً بالقاصرات






واشنطن - شارلوت ماك - كان حلم حياة شاميري ماكينزي وهي في التاسعة عشر من عمرها أن تصبح محامية، وعندما صارت ماكينزي وهي من مدينة نيويورك في السنة النهائية في الكلية خسرت المنحة الدراسية المقدمة لها، عندئذ انتابها اليأس من القدرة على دفع الرسوم الدراسية المطلوبة منها ثم قابلت رجلا عرض عليها نقودا مقابل العمل كراقصة في ملهى ليلي.


جهود مجتمعية وحكومية أمريكية لمواجهة انتشار جرائم الإتجار جنسياً بالقاصرات
ولكن في أول ليلة عمل لها بالملهى طلب منها أحد الزبائن خدمات جنسية وقالت ماكينزي التي بلغت الآن 29عاما من العمر لوكالة الأنباء الألمانية ( د.ب. أ ) إن هذا الرجل الذي  كان وراء تشغيلها في الملهى وأصبح قوادا لها وضعها في الركن وحاصرها بالهجوم قائلا " يجب عليك الاستجابة إلى كل ما يطلبه منك الزبائن وإلا فإنك لن تخرجي من هذا المكان وأنت على قيد الحياة ".
 
وأضافت ماكينزي إنها أدركت وقتها أنه ليس أمامها أمل وأنه يجب عليها أن تواصل حياة الطاعة لهذا القواد حتى لا تتعرض أسرتها لأذى كما كان يذكرها كل يوم، وبالتالي أصبحت أمة  له على حد تعبيرها.
 
 ويشير تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإتجار بالأشخاص لعام 2012إلى أنه يتم إجبار مليون قاصر من الأولاد والبنات تحت سن 18عاما على ممارسة الدعارة أو العمل القسري في مختلف أنحاء العالم كل عام. 
 
ويقول تقرير آخر وهو التقرير الوطني حول الإتجار الجنسي للقصر محليا الذي نشرته منظمة " الأمل المشترك الدولي " غير الحكومية إن ذلك الرقم يشمل " مئة ألف مراهق ومراهقة أمريكية "، يتم تحويلهم إلى ضحايا من خلال الدعارة والاستغلال الجنسي التجاري للأطفال إلى جانب " اغتصاب الأطفال ".
 
 وأخذ بيزنس الإتجار الجنسي بالشباب الأمريكي في الازدهار حيث أصبح أكبر نشاط تجاري إجرامي آخذ في النمو.
 
 ويتم تحويل الفتيات إلى ضحايا في سن صغيرة تبدأ من 12إلى 14عاما، أما الفتيان فمن سن 11إلى 13عاما.
 
 ومع انتشار الإنترنت صارت أساليب القوادين في استهداف الأطفال أكثر ذكاء واستخداما للتقنية الحديثه، فهم لم يعودوا يبحثون عن ضحاياهم من الأطفال في الشوارع أو الملاعب ولكن في غرف نومهم عندما يدخلون على المواقع الإليكترونية.
 
وفي الولايات المتحدة وحدها يتلقى واحد من بين كل سبعة أطفال من المستخدمين للإنترنت بانتظام تحريضا جنسيا على المواقع الإليكترونية، كما يتعرض واحد من كل ثلاثة أطفال إلى مواد جنسية غير مرغوب فيها بينما يتلقى واحد من بين كل 25طفلا طلبا لمقابلة شخص في الحياة الحقيقية بعد المقابلة على الإنترنت، وذلك وفقا لتقرير للمركز الوطني للأطفال المفقودين والذين تعرضوا للاستغلال التابع لوزارة العدل الأمريكية.
 
 ويقدر التقرير أن واحدة من بين كل خمس فتيات وواحد من بين كل عشرة أطفال يتحولون إلى ضحايا جنسية قبل أن يصلوا إلى سن الثامنة عشر ومع ذلك يحكي واحد فقط من بين كل ثلاثة أطفال عما تعرض له لشخص ما. 
 
وعلى الرغم من أن شاميري ماكينزي لم تكن قاصرا عندما صارت ضحية إلا أن تجاربها كضحية دفعتها لكي يكون لها حياة مهنية وأن تأخذ على عاتقها مهمة كرست لها طوال حياتها، وهي أن تحذر الصغار البنات والأولاد وتنبيههم عن طريق زيارة المدارس وإعطاء المحاضرات بعدم التحول إلى ضحايا للإتجار الجنسي. 
وتعمل ماكينزي حاليا لدى منظمة " الأمل المشترك الدولي ". 
 
وعندما تعرضت ماكينزي للعبودية الجنسية كانت لا تزال في سن المراهقة وغير قادرة على معرفة طريقة آمنة للخروج من سيطرة قواد أجبرها في وقت من الأوقات على أن تقود مجموعة من الفتيات القاصرات من ولاية لأخرى من أجل الحصول على المال  داخل الملاهي الليلية والشوارع.
 
 وكان عمر بعض البنات في مجموعتها صغيرا يصل إلى 13عاما عندما بدأن العمل كعاهرات، وتقول ماكينزي إنها لم تكن تتحدث حقيقة مع أي من البنات أو حتى مع أي شخص آخر. 
وتتذكر قائلة إنها لا تثق في الشرطة حيث أن بعض رجال الشرطة من الزبائن وبالتالي لم يكن ثمة مجال أمامها لتتصل بالشرطة طلبا للمساعدة أو الوثوق بها. 
 
ولم تدرج حالة ماكينزي مطلقا في إحصائيات الجرائم الجنسية، فهي لم تسعى أبدا للحصول على مساعدة من الشرطة أو الأصدقاء أو الأسرة.
 
وتعود ماكينزي بذاكرتها إلى الوراء فتقول إنها كانت تشعر بالعار والخوف من أن يقتلها القواد.
 
 ونفس هذا الخوف يمنع معظم الضحايا من طلب المساعدة، ويطلب المتاجرون بالبشر من ضحاياهم قطع الاتصال مع الأهل والأصدقاء، وتزداد صعوبة الوضع إذا كانت الفتاة تحمل جنسية أجنبية. 
ويعتبر بعض المسؤولين عن تنفيذ القانون أن الدعارة غير مشروعة وأن الفتيات مجرمات، وعندما تتعامل الشرطة معهن وفقا لذلك التصنيف لا يكون أمامهن فرصة كبيرة ليكونوا صادقات بشأن أوضاعهن.
 
ويوضح مسؤول التحري بيل وولف من وحدة التحريات حول العصابات والإتجار بالبشر في مدينة فيرفاكس بولاية فيرجينيا الأمريكية والتي تقع خارج العاصمة واشنطن هذه المعضلة ولكنه يشير إلى حدوث تغييرات.
 
 ويسلم وولف بأنه من الناحية التقليدية إذا لم " تعترف " الضحية بأنها تعرضت للإساءة القسرية فإن الشرطة " لا تستطيع أن تفعل لها شيئا ".
 
 وقال وولف لوكالة الأنباء الألمانية ( د.ب. أ ) إن الإجراء الوحيد الذي تتصرف فيه الشرطة مع الدعارة هو إلقاء القبض على الفتيات، ولكن وقتذاك ستكون الشرطة قد نفذت نفس الإجراء الذي يحذر القوادون الفتيات منه. 
وأضاف إن الشرطة لديها اليوم وحدات متخصصة تتعامل مع الفتيات كضحايا وليس كمتهمات. 
وفي عام 2000تم في الولايات المتحدة إصدار قانون فيدرالي جديد تحت اسم " قانون حماية ضحايا الإتجار بالبشر "، ووفر القانون الأدوات اللازمة لمكافحة الإتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة، وتم تشكيل قوة عمل رئاسية خاصة للإشراف على التنفيذ.
 وتؤكد جيسكا ديكينسون جودمان من " مشروع بولاريس " وهو منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان مقرها واشنطن أن هناك تحسنا كثيرا طرأ على التشريع وأن التطور جاري في هذا الصدد، وتقوم هذه المنظمة غير الحكومية بجهود لإصدار قانون لإلغاء الإتجار في البشر.
ومنذ عشر سنوات كان عدد الولايات الأمريكية التي تتعامل في قضية الإتجار بالبشر لغرضي الجنس والعمل أربع ولايات فقط وأصبحت الآن 49ولاية.
 وتقول ديكينسون جودمان إنه أصبحت هناك حركة حقيقة في الاعتراف والتعامل مع الإتجار بالبشر..
ويشغل " مشروع بولاريس " خطا ساخنا منذ عام 2004بدعم حكومي جزئي لتلقي المعلومات والشكاوى حول الإتجار بالبشر، وتلقت هذه المنظمة قرابة 60ألف اتصال هاتفي من بينها اتصالات لنحو 2700ضحية قامت بالاتصال بالخط الساخن بالأصالة عن نفسها. 
ويربط الخط الساخن الضحايا بخدمات مثل المساعدة النفسية والطبية وأماكن الإنقاذ التي يمكن أن تأوي الضحايا.
 ويشير وولف إلى التحسن الجذري في الوضع مع وجود هذه التحركات على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي.
 
 ويقول وولف إنه منذ ثلاثة أعوام كانت الشرطة تنفق الكثير من الوقت وساعات لا تحصى من عمل أفرادها وحملات تستمر شهرا كاملا لوضع المتاجرين بالبشر في السجون لمدة عام واحد، ولكنهم كانوا يخرجون ويعودون لممارسة أعمالهم الإجرامية مرة أخرى، ولكن في الأسبوع الماضي استطعنا سجن مجرم منهم لمدة أربعين عاما، ونأمل أنه عندما يخرج من السجن يكون قد طعن في السن بحيث لا يستطيع تحويل أي شخص لضحية.
 
وتم إرسال قواد شاميري ماكينزي إلى السجن عام 2008حيث يقضي حكما بالسجن لمدة 30عاما بتهم الإتجار بالقاصرات جنسيا والاغتصاب والمشاركة التجارية في الدعارة. 
ويرى وولف أنه لا يكفي محاكمة وسجن المجرمين، ويقول " إنه في الإمكان سجن الأشرار ولكن سيظهر مجرم جديد الواحد تلو الآخر، فالذين يخرقون القانون موجودون على الدوام ".  وقد أسهم الإنترنت في زيادة معدلات استغلال الأطفال جنسيا.
 
 ويشرح وولف كيف يصبح الصغار عرضة للاستغلال عن طريق الإنترنت.
 ويوضح أن الفتيات يضعن معلومات خاصة عن حياتهن على مواقع التواصل الاجتماعي مما يشي بنقاط الضعف في شخصيتهن، كما أنهن على استعداد لقبول عروض الصداقة من أي شخص، ويقوم القوادون باصطياد الفتيات من هذه المواقع الإليكترونية بالقول : " أهلا، إن والدك رجل حقير وأنت تستحقين أفضل من ذلك ". 
ومن أجل تنوير الشباب وإعلامهم بمثل هذه المخاطر يلقي وولف وفريقه محاضرات في المدارس العليا وأماكن عامة أخرى ويعمل بالتعاون الوثيق مع منظمات أهلية مثل " الأمل المشترك الدولي ". 
 
وتنظم هذه المنظمة ندوات للقائمين على تنفيذ القانون والأخصائيين الاجتماعيين والأطفال.
 
وتقول تارين ماسترين مديرة الاتصالات بالمنظمة " إن مهمتنا تتمثل في الدفع لإصدار تشريع  والقيام بتحرك لمنع حدوث مثل هذه الأزمة للنساء والأطفال وإنقاذهم منها، ونحن نمثل منهاجا يكون محوره الضحية ".
 
والآن بعد مرور عشرة أعوام منذ تعرضها للسخرة الجنسية تم تشغيل شاميري ماكينزي في المنظمة وأصبحت عضوا في " قوة العمل لمكافحة الإتجار بالبشر " التابعة للعاصمة الأمريكية، وهي تلقي كلمات وتعمل مشرفة لرعاية الناجين من الإتجار الجنسي. 
 
وتقول ماكينزي : " إن دخول طفل في السخرة الجنسية يكون بمثابة الجحيم، كما أن كل فتاة في مجموعتنا تعرضت حياتها للدمار ". 
 
وتضيف " يجب علينا أن نذهب إلى المدارس العليا وإعلام الفتيات عن هذه الممارسات قبل أن يصل القوادون إليهن، وإني أشعر أنه كان من الضروري أن أمر بتجربتي ومعاناتي تلك حتى يمكنني أن أتحدث علنا عن المخاطر المحدقة بالصغار، والآن يمكنني أن أتحدث للعالم كله عن ذلك الجحيم، هذا الجحيم الذي يكمن في الركن المجاور لنا ".

شارلوت ماك
الاحد 21 أبريل 2013