نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


حزب الله... الواقع المأزوم والسوريالي




يعيش حزب الله الآن أسوأ فتراته على الإطلاق، وهو يعاني المأزق على كل المستويات السياسية الاقتصادية العسكرية، وللمفارقة يعاني الحزب المحتضر، والداخل حتى في حالة الموت السريري أساساً من حلفائه وحلفاء حلفائه، ويتصرف معه الجميع وكأنه بندقية للإيجار مرتزق لتنفيذ المهام الموكلة إليه، حتى بثمن انتحاره كحزب، وهو ما حدث فعلاً على أي حال منذ قراره المتغطرس والطائفي بالقتال في سورية إلى جانب النظام الساقط، ومشاركته جرائم الحرب الموصوفة التي ارتكبها، وما زال بحق الشعب السوري الثائر في وجه نظام أو عصابة الاستبداد والفساد.


 
يقاتل حزب الله في العراق كما يتباهى دائماً أمينه العام إلى جانب الحشد الشعبي الطائفي والمجرم، الذي يقاتل بدوره بتناغم تام وضمن السيناريو الذي رسمته الإدارة الأمريكية، وكما تباهى أيضاً ذات مرة قائد الحشد الشعبي الإقليمي قاسم سليماني فإن السماء في بلد الرافدين للأمريكان، والأرض لنا أي للحشد الشعبي المحلي والإقليمي بما فيه الحشد الشعبي اللبناني طبعاً.

المفارقة أو السوريالية حاضرة في كون الحزب يقاتل أو ينخرط في ما يصفه الحرب ضد التكفيريين والإرهاب تحت السقف، وضمن التصور أو السيناريو الأمريكي للعراق والمنطقة، بينما تفرض عليه واشنطن التي يقاتل معها وتحت سقفها حصار اقتصادي خانق وصارم، وتخوض ضده حرب مالية حامية الوطيس تركت وستترك آثار سلبية هائلة عليه، وعلى كل المستويات السياسية الأمنية العسكرية والإعلامية، كما على  بيئته الحاضنة التي تدفع الآن وبشكل مباشر ثمن مغامرات عنجهية "بطر" الحزب، وانخراطه الدموي ضمن المشروع الإيراني الأمبراطوري في البلاد العربية.

السوريالية حاضرة أيضاً في كون العقوبات الأمريكية الصارمة ضد الحزب تندرج ضمن الحزمة أو الاتفاق النووي الأمريكي مع طهران. الاتفاق نفسه الذي هلّل له الحزب وأبواقه الجوبلزية باعتباه أحد الانتصارات الإلهية المزعومة لمحور الممانعة، وهو الإسم الحركي طبعاً للحلف الأقلوي المذهبي الإقليمي وجناحه العسكري الحشد الشعبي الذي يشكل الحزب عموده الفقري.

تمثل جوهر الاتفاق النووي في تخلي إيران عن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية والغربية عنها، بما في ذلك رفع التجميد عن أموالها المحتجزة في البنوك الغربية، وعدم ممانعة واشنطن أن تواصل طهران سياستها الإقليمية التدميرية، بما في ذلك أمبراطورية الوهم والدّم التي تتباهى باحتلال أربع عواصم عربية، والتي تندرج أيضاً تحت السقف الأمريكي، وتلتزم بخطوط واشنطن الحمر الثلاثة المتمثلة بحماية أمن إسرائيل، حرية الملاحة وتدفق النفط عبر بحار ومضائق المنطقة، والحفاظ على حدود سايكس بيكو الشكلية حتى إشعار آخر.

أمام الرفض الواسع في الكونغرس، وتردد كثير من النواب بما في ذلك الديموقراطيين في دعم الاتفاق، الذي توهّم الرئيس أوباما أنه سيدخله التاريخ من أوسع أبوابه، كما فعل  نظيره نيكسون مع الصين فى سبعينيات القرن الماضي عمد أوباما إلى إغراء النواب المترددين من الحزبيين بحزمة مساعدات أمنية لإسرائيل، كما بتشديد الحرب الاقتصادية ضد حزب الله دون أن يمنع ذلك الاستعانة به، طبعاً في المعركة التي تخوضها واشنطن ضد داعش، وفي السياق ضد الكتلة الأكثرية العربية الإسلامية الثائرة ضد أنظمتها الساقطة والمستبدة المتناغمة أيضاً مع واشنطن إلى هذا الحدّ أو ذاك.

السوريالية تبدت في قبول طهران للاتفاق نصّاً وروحاً، رغم تضمنه تشديد العقوبات والحصار الاقتصادي ضد الحزب، وتخليها بالتالي عن حليفها الذي انتحر من أجلها في طول وعرض المنطقة وهو نفس الاتفاق الذي هلّل له الحشد الشعبي الإعلامي في بيروت والمنطقة ، رغم تضمنه إعلان الحرب الاقتصادية على منظومة الحزب المالية والمصرفية في لبنان المنطقة والعالم على حد سواء.

أمر مماثل تقريباً يحدث في سورية، ولكن بشكل مزودوج، أو بالأحرى سوريالية مزدوجة ترسم واقع الحزب المأزوم والمنهار، فهو يقاتل بتناغم تام مع الاحتلال الروسي الذي تباهى واحتفى به، أمينه العام أيضاً كما أبواقه الإعلامية وبعاصفة السوخوي - حسب التعبير المتغطرس والمنعدم الضمير لأحد أبواقه الإعلامية - التي تقتل الأطفال والأمنيين، وتدمر المستشفيات والمدارس والأسواق على رؤوس المدنيين العزل.

 هذا يحدث رغم أن موسكو تكاد تخرج عن طورها من أجل التقرب إلى تل أبيب ونيل رضاها، ناهيك عن غض النظر أو حتى التواطؤ في الاغتيالات التي تستهدف قادة الحزب بسورية، كما استهداف الطائرات الإسرائيلية – تحت سمع وبصر السوخوي وعاصفتها - لقوافل السلاح المنهوبة من مستودعات الدولة السورية أو تلك القادمة من إيران، كي يستقوي الحشد الشعبى على الداخل اللبناني ولتشجيعه على المضي قدماً في حروبه الإقليمية.

الحزب الذي بلع إهانة أو بصقة إعادة روسيا الدبابة الإسرائيلية التي أسرتها المقاومة الفلسطينية وجنود الشعب السوري الأبطال في حرب 1982، يبدو في طريقه لابتلاع ضفدع أكبر يتمثل بالمناورات العسكرية الروسية الإسرائيلية بين حميميم وطرطوس الخاضعتين للاحتلال الروسي، الذي مجّده وتغنّى به الحزب وميناء حيفا، حيث الاحتلال الإسرائيلي، الذي خاض ضده الحزب مقاومة شريفة طويلة مدعومة محتضنة شعبياً عربياً وإسلامياً قبل أن يتحول إلى ميليشيا طائفية مذهبية تقاتل العرب والمسلمين لصالح أمبراطورية الدمّ والوهم المتساوقة علناً مع الطغاة والغزاة على اختلاف أشكالهم ومسمياتهم.

في سورية أيضاً، وضمن المشهد السوريالي المتأزم للحزب الذي يتباهى أيضاً، كما قال ويقول أمينه العام دائما إن تدخله حمى العاصمة دمشق ومنع النظام من السقوط. يوصف الآن من قبل النظام وأعوانه بأنه أجنبي يجب أن يحترم السيادة الوطنية، وهي نفسها التي انتهكها بل اغتصبها  الحزب بتدخله العسكري في سورية، اما السيادة الشكلية والوهمية للنظام العصابة فما كانت لتستمر لولا انتحار حزب الله من أجله.
النظام المنتشي من عاصفة السوخوي الروسية الإجرامية، والمقتنع بأن حزب الله غارق في الوحل، ولا يستطيع التوقف أو التراجع والانسحاب - طبعاً لا يستطيع التقدم - وصل إلى حدّ قصف مواقع الحزب بالطائرات في مشهد يكاد يلخص واقع هذا الأخير المأزوم والسوريالي، والنظرة المتعالية والدونية إليه، ليس فقط من واشنطن موسكو طهران، بل وحتى من النظام الساقط والمتداعي في الشام، والذي افتداه الحزب بنفسه وما زال يفعل حتى الآن.

في الحقيقة فإن المأزق أو مسيرة الانتحار السوريالية لحزب الله بدأت نظرياً حتى قبل التدخل المتغطرس والعدمي في سورية. فمنذ العام 2000 تخلى الحزب عن المقاومة لصالح العسكرة  والعقلانية لصالح الجنون والحكمة لصالح الانتحار، وتم تأسيس جيش متضخم للمقاومة مع عشرات آلاف الصواريخ، بسيناريو ودهاء إيراني وسذاجة وضيق أفق من قبل بشار الأسد الغر الغبي والمتغطرس أيضاً، الجيش المتضخم أنهى اتفاق الطائف كسر التوازن الطائفي، ونال من هيبة الدولة وسلطتها، محولاً الواقع الداخلي من جنينة حديقة إلى مزبلة ف الداخل، ومتحولاً في الخارج إلى الحشد الشعبي المحلي والإقليمي، والذراع الطائفية لتأسيس الأمبراطورية الدموية الوهمية والمستحيلة.

الحزب الذي شاهدناه وعايشناه خلال العقود الثلاثة الماضية بات الآن مكسور الضهر سياسياً مالياً وعسكرياً ودخل فى حالة  موت سريرى ، والإعلان الرسمي عن ذلك بات مسألة وقت فقط، طال أم قصر، وهو مرتبط بالتأكيد بمآلات الأمور في سورية والمنطقة، علماً أن الحلف الأقلوي المذهبي الضيق الذي ينتمى إليه الحزب بل يمثل عموده الفقري لا يمكنه تاريخياً وواقعياً أن يربح الحرب لا في سورية، ولا في اليمن والعراق ولبنان أيضاً.
-------
اورينت

ماجد عزام
الاحد 19 يونيو 2016