نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


حمى التقشف في البرتغال جعلت الحكومة توفر حتى ورق الحمامات العمومية




لشبونة - إيميليو رابولد - بلغت حمى التوفير في البرتغال، التي تعد واحدة من أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضرراً من أزمة الديون السيادية التي تركت أثرأ سلبيا عميقا على اقتصاديات منطقة اليورو، مستويات غير مسبوقة، لدرجة أنها باتت تهدد بإصابة القطاع الحكومي والدولة بالكامل بالشلل التام.


حمى التقشف في البرتغال جعلت الحكومة توفر حتى ورق  الحمامات العمومية
كما أدت سياسات التقشف التي تبنتها الحكومة التي يتزعمها رئيس الوزراء المحافظ بدرو دو باسوس كوهليو إلى دفع البلاد إلى أعماق نفق الركود المظلم، فيما بلغت معدلات البطالة أرقاما قياسية للتجاوز حاجز الـ 17%. 
 
يكشف تقرير أعدته محطة راديو "ريناسينشا" التابعة للكنيسة الكاثولية إلى أي مدى بلغ الحال، فدورات المياه مثلا في العديد من المؤسسات الحكومية لم يعد بها ورق تواليت كما توقفت خدمات النظافة بها بشكل شبه كامل بعد انتهاء عقود شركات النظافة، في 31 من آذار /مارس الماضي.
 
 ولهذا يوضح التقرير نقلا عن هيئة أوضاع العمل (ACT) أن الكثير من الموظفين العموميين، بما فيهم موظفي الهيئة المذكورة، بدأوا يعتادون على تنظيف حماماتهم بأنفسهم وعلى إحضار الورق الصحي من منازلهم.
 
وفي هذا السياق، يقول باولو كونيا رئيس النقابة البرتغالية لمفتشي الرقابة على أوضاع العمل (SIT) "هذا وضع مزري"، خاصة إذا وصل الأمر إلى إدارات هيئة أوضاع العمل. "أن يضطر الموظفون لأن يحضروا الورق الصحي من منازلهم أمر مشين، ولكننا نقوم به".
 
 ويتساءل  كونيا: " ماذا بأيدينا لكي نضغط به على أي شركة لكي تمول شراء الموظفين للورق الصحي إذا كنا نحن أنفسنا لا نملك؟ مشيرا إلى الوضع يمضي من سيئ إلى أسوأ منذ فترة طويلة، ولكن حدته ازدادت مع قرار وزير المالية فيتور جاسبار، الذي تبنى قرارات تجميد الإنفاق العام، مما أدى إلى عدم تجديد خدمات النظافة والإمداد والتموين.
 
 جدير بالذكر أن هذا القرار جاء بسبب رفض المحكمة الدستورية في البرتغال للعديد من إجراءات التوفير المتضمنة في الموازنة العامة للدولة لعام 2013.
 
 وكانت البرتغال قد أصبحت على حافة الإفلاس مع مطلع عام 2011 ، مما اضطرها إلى التقدم بطلب للحصول على مساعدات إنقاذ من الاتحاد
 
الأوروبي وصندوق النقد الدولي تقدر بنحو 78 مليار يورو، مقابل تعهدات بتطبيق سياسات صارمة لضبط الإنفاق والدفع بإصلاحات هيكلية لتقليص مستويات العجز المرتفعة.
 
 بالرغم من ذلك، تسبب رد الفعل اليائس من جانب الحكومة، فضلا عن حكم المحكمة الدستورية  في صدمة وحالة احتقان ليس فقط بين العاملين بالقطاعين الحكومي والخاص وأحزاب المعارضة، بل وفي داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم الذي يتزعمه دو باسوس.
 
ووجهت مرشحة الرئاسة السابقة مانويلا فريرا ليتي انتقادات حادة لسياسات الحكومة قائلة "لا نعرف كيف تتصور وزارة المالية أنها بإصابة البلاد بالشلل سوف تتمكن من حل مشكلة الإنفاق".
 
وحمّلت فريرا ليتي /72 عاما/ والمعروفة بلقب "المرأة الحديدية" في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحكومة مسئولية ما يحدث قائلة "الحكومة تستعرض، وهذا خطير لأنه سوف يساهم في زيادة انعدام الأمان لدى مواطنين، يفتقدون بالفعل للأمان"، مشيرة إلى أن قرار المحكمة العليا لا يوفر أكثر من 1.3 مليار يورو، أي ما يعادل 1% فقط من الموازنة.
 
 من ناحية أخرى تشير التقارير الإخبارية حول أوضاع العمل في القطاع الحكومي إلى تفاصيل شديدة العبثية، حيث نشرت جريدة الأخبار "Diario de Noticias" تقريرا يوضح أن فئة ليست بالقليلة من الموظفين امتنعت عن القيام بمهامها، لفرضهم دفع ثمن وقود الانتقالات الخاصة بالعمل من جيوبهم.
 
 وتوضح الجريدة أن هناك قطاعات كبيرة مثل الجامعات الحكومية التي تٌجرى بها العديد من الأبحاث العلمية، وخدمات التوصيل في المطاعم وحتى دولاب عمل المحاكم، قد تأثرت، مشيرة إلى أن أي عطل طارئ يحدث بسبب خلل ما في ماكينة تصوير مثلا، قد يحول دون صدور حكم محكمة.
 
وكشفت وسائل إعلام أخرى أنه على سبيل المثال أن قوة الشرطة بقسم بوفوا دي سانتا إيريا (Povoa de Santa Iria)  شمال غرب العاصمة لشبونة، والبالغ عددهم 150 شرطيا، اضطروا للاستحمام بالماء البارد طوال فصل الشتاء برغم برودته القارصة، كما كانوا يضطرون لقطع مسافة 15 كيلومترا حتى قسم الشرطة الأقرب لهم لعمل نسخ من المستندات بسبب استمرار عطل أصاب ماكينة التصوير.
 
تتزايد حالة الاحتقان التي تسود البرتغاليين بشكل مطرد يوما بعد يوم، حيث قال أنتونيو سامبايو دا نوفوا، رئيس جامعة لشبونة العريقة إن "قرار جاسبار يضع بصورة خطيرة مستقبل البرتغال ومؤسساتها على المحك" داعيا إلى " مقاومة هذه الإجراءات غير المقبولة".
 
 البعض يتجه بأنظاره بعيدا، نحو رئيس الوزراء الأسبق والرئيس الحالي ماريو سواريس /88 عاما/، الاشتراكي المخضرم والسياسي الأسطورة، الذي كشف في وقت سابق عن إجرائه مباحثات مع قيادات المعارضة ومع بض السياسيين في الإئتلاف الحكومي الذي يتزعمه الحزب الاشتراكي الديمقراطي ويضم تيار الوسط الديمقراطي الاجتماعي من أجل "إسقاط الحكومة الحالية".
 
 في مقابلة له مع محطة "أنتينا1" (Antena1) اعتبر سواريس أن البرتغال "يستحيل عليها أن تتمكن من الوفاء بديونها الخارجية" مقترحا على البلد الأوروبي أن يحتذي بتجربة الأرجنتين خلال أزمة عام 2001 عندما امتنعت عن سداد ما عليها من ديون مستحقة للمؤسسات الدولية.
 
وأكد السياسي المخضرم أنه "حين لا نستطيع السداد، فالحل الوحيد يكون عدم السداد"، موضحا "انظروا إلى الأرجنتين؛ الأرجنتين كانت في أزمة وقالت عام 2001: نحن لن ندفع. فهل حدث شيئ؟ لا لم يحدث شيئ".
 
 ربما يؤيد بعض الموظفين الحكوميين الذين يضطرون لإحضار الورق الصحي من منزلهم لاستخدامه في عملهم، أو لتنظيف دورات المياه، الأفكار التي طرحها سواريس.

إيميليو رابولد
الاربعاء 22 ماي 2013