نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


حين تدفع الرشوة تفعل ما يحلو لك في بنين الجائعة الى كل شئ




بنين - باستيان بيجيه - أحيانا لا يمكن بالفعل تحمل درجة حرارة الصباح المرتفعة هنا فى بنين: فالشاب الهولندي الذي يدرس الطب يمسح قطرات العرق المتساقط من جبهته بينما يهرول فى الفناء المترب متجها إلى المبنى الذي توجد به غرفة العمليات .. إنها حالة طوارئ مرة أخرى.


بائع الدجاج فى سوق
بائع الدجاج فى سوق
ويقول الشاب الهولندي يوردين مولاج " ربما يتعلق الأمر بمشكلات في عملية ولادة أو شيء جراحي ..غالبا ما تحدث مثل تلك الأمور."

يوشك مولاج على الانتهاء من دراسته فى وطنه أما في مدينة نيكي الصغيرة النائية في شمال بنين فإن خبرته تساوي ذهبا.
وتبدو المستشفى هنا كما لو كانت معسكرا للاجئين إذ تتكون من أكواخ وطوابير انتظار طويلة أمام وحدة الاستقبال ونظرا لهذا الإقبال فإن المستشفى يرحب بالطبع بكل شخص يرغب في مد يد المساعدة.

ولكن هذه المساعدة غالبا ما تأتي متأخرة إذ يقول مولاج / 25 عاما / الذي يقضي شهورا في التدريب التطوعي في نيكي "يموت الكثيرون بسبب الملاريا أو التيفود وهما أكثر الأمراض انتشارا هنا، كما أن كثيرا من الناس هنا لا يثقون دائما فى إمكانيات الطب الحديث ويفضلون التداوى بالطبيعة إلى أن يفوت الوقت."

هذا ليس بغريب فمدينة نيكى تنتمي إلى إحدى المدن الإفريقية التى تبدو وكأن عجلة الزمان توقفت فيها فهنا يسكن الناس في الأكواخ الطينية بدون مياه جارية والانترنت كلمة غريبة عنها، والأمية منتشرة بصورة كبيرة لدرجة أنه لا يتم بيع الجرائد هنا. وبالرغم من أن هذه المدينة بصفتها المقر الملكي لقبائل بريبا الشعبية تحتل مكانه مهمة إلا أنها بعيدة كل البعد عن الرفاهية الملكية.

وهذا يتجلى أيضا من خلال عروض المواد الغذائية الشحة مثل: منتجات الألبان التى لا توجد تقريبا والفواكه والخضروات النادرة، وفى الأسواق تجد دائما شيئا واحدا: جذور نبات الكاسافا التى تعد الغذاء الرئيسي لأهل بنين . ولا يمكن الحديث عن الجوع هنا طالما لا توجد كارثة في الحصاد. ويقول رجل عجوز يجلس أمام كوخه الصغير على الأرض " لا نشتكى، طالما أن هذه إرادة الله فنحن راضون".

والملاحظ أن الثقة بالله كبيرة حتى أنها أكبر بكثير من الثقة بالحكومة. ويقول الرجل المسن وهو ينظر إلى مجموعة من الأطفال يصرخون بصوت عال وهم يحاولون اصطياد دجاجة فى الفناء ": الساسة في العالم كله مثل بعضهم..يعدون بالكثير قبل الانتخابات ولكنهم لا يفعلون شيئا بعد ذلك."

والأمر المؤكد هنا هو أن الساسة لم يفعلوا شيئا لمحاربة الفقر الملموس في بنين البلد الواقع بين نيجيريا وتوجو والذي يعد من أفقر دول العالم حيث أن دخل الفرد لا يتعدى 500 يورو سنويا كما أن معدلات وفيات الأطفال مرتفعة ومتوسط عمر الفرد لا يكاد يصل إلى 60 عاما . والنمو الاقتصادي في بنين ضعيف ويرتكز بصفة خاصة على الزراعة والتجارة.

ولكن التناقض يظهر واضحا عند مقارنة هذه الأوضاع بمدينة كوتونو الساحلية التي تتمتع بقدر من الجاذبية والتي عمر المنتمون إلى القبائل والديانات المختلفة شوارعها التي تسير فيها الدراجات البخارية الأجرة التي يطلق عليها هنا "تسميدي". ويوجد في المدينة القصر الرئاسي المراقب بدقة وصرامة ومقاهي الانترنت وسوق "دانتوكبا" الذي يجد فيه الزائر كل ما يتخيله من فاكهة وخضروات ودجاج حى وأشياء مستعملة حتى القطع الفنية المليئة بالأسرار. ويثرثر الناس هنا في كافة الموضوعات التي تتعلق بالسياسة أواتهامات الفساد الجديدة التي تواجهها الحكومة والتغير المناخي.

وأصحاب البشرة البيضاء ليسوا بشيء غير عادى هنا إذ يتجول السائحون ويخرجون النقود من جيوبهم لشراء ما يرغبون ويمشون في طمأنينة إلى حد كبير.

وتوصف كوتونو بأنها البوابة إلى أوروبا ، فكل يومين تقلع طائرة اير فرانس متجهة إلى باريس. إلا انه بالنسبة لمعظم سكان بنين لا يزال الطيران يمثل حلما لاسيما لسكان الأحياء العشوائية على أطراف كوتونو والذين يعيشون في أكواخ مصنوعة من طين وصفيح وجبال القمامة تنتشر ببشاعة وبرائحة كريهة، وتتجمع هنا مشكلات عديدة مثل المياه الجوفية الملوثة والايدز والملاريا و عدم توافر فرص تعليم الأطفال.

و يشير رودولف كونيج موظف بالهيئة الألمانية للتنمية إلى أن نقص التعليم هو سبب الكثير من المشاكل في تلك المنطقة.

وتتعثر سيارة كونيج رباعية الدفع في الطريق الوعر بالحي الفقير. ويحمي مكيف السيارة، ركابها من الروائح الكريهة والحرارة المرتفعة في الخارج في حين يذيفرارهما. نبأ وقوع الكثير من القتلى جراء سطو لصوص على بنكين و فرارهما . واستطاع أ فراد العصابة المسلحون الهروب فى النهاية بغنيمتهم مستخدمين اللنشات إلى بحيرة شاطئية.

وتعد بنين آمنة نسبيا مقارنة بالدول المجاورة مثل نيجيريا فحوادث الخطف والقتل نادرة الحدوث فيها. والسبب فى ذلك يرجع إلى الاستقرار السياسي لبنين التى كانت من قبل مستعمرة فرنسية: أما الدستور والانتخابات المستقلة وحرية الرأي فإن الفضل فيها يرجع إلى "الانقلاب المدني" الذي يعود لعام 1990.

على الجانب الآخر فإن مفهوم الأمن في أفريقيا نسبي إلى حد كبير وهو أمر يتجلى بوضوح من خلال عمليات السطو الأخيرة على البنوك. ومنذ هذا الوقت قامت الحكومة بوضع الجنود أمام البنوك حتى يشعر المواطنون بالطمأنينة وإيصال رسالة مفادها "الحكومة مهتمة بكم".
ويقول رجل أعمال سويسري يمتلك فيلا فاخرة عند أطراف الحي الفقير "أدفع بانتظام رشاوى كبيرة وبالتالي تغلق السلطات عينها وأفعل ما يحلو لي".

وتسير الأمور على هذا النحو منذ سنوات على حساب نحو تسعة ملايين من سكان بنين الذين ينحتون في الصخر من أجل قوت يومهم. وتحاول هيئة التنمية الألمانية ومنظمات أخرى مساعدة هؤلاء الناس.
ويوضح ردولف كونيج "نعمل على جبهات عديدة، واهم النقاط الصعبة التى نواجهها تشجيع الديمقراطية والإمداد بمياه الشرب وإدارة البيئة والموارد".

ويعيش مساعد التنمية الألمانية كونيج وزوجته منذ نحو عام فى بنين. والعمل يكون أحيانا متعبا وأحيانا مخيبا للآمال وعديم الجدوى وأحيانا كثيرة يصعب تثبيت النجاح، ومع ذلك يؤكد كونيج أن عمله متنوع ومفيد.
ويتفق طالب الطب الهولندي يوردين مولاج الذي جاء من مدينة نيكى مع هذا الرأي، وبالنسبة له فان هذه أول إقامة فى إفريقيا. ويقول مولاج "سآتي مرة أخره في وقت ما..لا أعرف بالتحديد أين سأعمل في المستقبل ولكن الحاجة هنا ملحة للمساعدة"

باستيان بيجيه
الاثنين 31 غشت 2009