نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


خان شيخون : وقفة مع تلفيقات بشار الأسد وموسكو





 :  .. 

 
 
 
 
 

  د

تفطّرت القلوب لمشهد أولئك الأطفال وقد بدوا في انطفائهم العلني كأنهم مستغرقون في أحلامهم. لم يدروا ما دهاهم حتى لم يعودوا قادرين على آخر ما تبقّى لهم: أن يتنفّسوا. لعل صواريخ السارين دهمتهم وهم لا يزالون نياماً. تُرى أين كان أولاد بشار الأسد في تلك اللحظة، وهل عرفوا أن أطفالاً مثلهم وفي سنّهم قتلوا بأمر من والدهم، وهل عرفوا أن عدداً من هؤلاء الأطفال كانوا يُسعَفون وكان يمكن أن ينجوا لولا أن والدهم بشار، الذي نسي أن لديه أبناء، أرسل طائرات لملاحقتهم في المشفى ليتأكّد من قتلهم مع الأطباء والمسعفين.

كانت جريمة بين عشرات أخرى مثلها، بالسلاح الكيماوي، ولكن العالم الذي أدمن العجز واعتاد الموت اليومي في سوريا لم يستطع السكوت هذه المرّة، تحديداً بسبب الأطفال. صحيح أن الضربة الأميركية لمطار الشعيرات أرسلت إنذاراً قوياً لنظام الأسد، لكن ما يساوي الجريمة بالفظاعة أن الأسد يريد، كالعادة، أن يرتكبها وأن يرويها على طريقته: فالجناة معروفون، إنهم الضحايا أنفسهم. ربما قدّر أن مكان الجريمة لن يثير أي ردّ فعل، وأن الصور لن تثبت شيئاً، لأن صوره التي تُروّج لإدلب تفيد بأن الإرهابيين فيها يساكنون إرهابيين. أما أبواق النظام، وقد نسي أشخاصها أن لديهم أبناء أيضاً، فلم تتأخّر في إشاعة التشكيك بالمجزرة. قالوا إنها لم تحصل، وأنها مسرحية، وأن الإرهابيين جاؤوا بالأطفال للتمثيل بجثثهم أمام الكاميرات. وفي خطوة ظن الأسد أنها تقطع الشكّ باليقين طلب أن يُذاع نفيٌ «قاطعٌ» بلسان «مصدر في الجيش العربي السوري» لأن تكون أي من طائراته قصفت المكان، أو أن تكون لديه أسلحة كيماوية، أو…، أو…، لكن أحداً لم يصدّق هذا المصدر أو يعتدّ بصدقية ما يمثّله. 

لا يزال هذا الطاغية، وكذلك الطغاة الذين جاؤوا لإنقاذه، يعتقدون أن البلد مقفلٌ كما ألِفوه طوال عقود ماضية، ويمكن أن يرتكبوا فيه كل أنواع الجرائم، بما فيها إخفاء الحقائق، باستحماقٍ مستدامٍ للعالم. لم يكن استنكار الجريمة أول ما اهتمت به روسيا وإنما إعلان أن طائراتها لم تغر على منطقة خان شيخون، ثم أقرّت بأنها طائرات الأسد، وكانت الأمم المتحدة أول من أكّد أن الضربة جوية، هنا حاولت الأبواق إياها تمرير احتمال أن تكون الطائرات إسرائيلية أو تركية. أما إيران فتأخر استنكارها للواقعة أربعاً وعشرين ساعة، وجاء بعد اتهامها بتحريض الأسد

قبَيل ساعات من المواجهة الساخنة في مجلس الأمن كانت موسكو توصّلت إلى الكذبة الملائمة: نعم، طائرات النظام هي التي قصفت مخزناً لمواد سمّية نقلتها جماعات إرهابية من العراق. إنه «الإرهاب الكيماوي»، كما أراد المندوب الروسي فلاديمير سافرانكوف أن يروّج، متجاهلاً أنه يخاطب مندوبي دول لديها استخباراتها مثل دولته، وأن ما يعرفه لا بدّ أن الآخرين يعرفونه أيضاً، لكنه يختلف عنهم بسياسة الإنكار الدائم رغم أن الواقعة مكشوفةٌ جدّاً هذه المرّة. وما دام أنه بدأ بكذبة المخزن الكيماوي فقد أكمل بمثلها، فالصور والفيديوهات والمعلومات كلّها عنده «مفبركة»، والنتائج التي توصّل إليها المحققون الدوليون «مسيّسة»، وبعثات التحقيق «غير محايدة»، والتقارير تتلاعب بالوقائع لأنها موجّهة «نحو تغيير النظام»، وكأن النظام الذي يستخدم هذا السلاح يستحق أن يبقى. فحتى لو توصّل محققون روس إلى الاستنتاجات العلمية نفسها فإن موسكو لن تبدّل موقفها، لذا فهي تعفي الأسد من المسؤولية لتعفي نفسها أيضاً.;
---------------

 العرب القطرية


عبد الوهاب بدرخان
الثلاثاء 11 أبريل 2017