نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة

تأملات في الثورة الفاشلة

16/03/2024 - ماهر مسعود


خطابات بشار





في خطابه الأخير (17 شباط 2019) سرقَ بشار الأسد أشهرَ وأقدمَ نكتةٍ قيلتْ عنه وعن أبيه من قَبْله: "أسد في لبنان، وأرنب في الجولان"، حيث توجَّه بالخطاب إلى معارضيه قائلاً لهم: "ما لي أراكم أُسوداً على دولتكم، وقططاً أمام المحتلّ"!


 
ولتمام الفكاهة، خرج من بين جمهور المصفّقين شخصٌ قال جملةً، لو جاءت على لسانِ معارضٍ لاعتُبرت إهانةً وتلميحاً بأن الأسد أرنب فعلاً: "الجولان ينتظركم يا سيادة الرئيس"!
 
والحقّ أن هذا الخطاب -لولا الصفة الحاسمة لصاحبه كمجرم حرب- ليس أهمّ بكثير من القصائد والكلمات التافهة التي ألقاها المصفّقون الذين كانوا في القاعة والذين يحملون صفة "رؤساء المجالس المحلّية".
 
فمنذ تاريخ 30 آذار 2011، وهو اليوم الذي ألقى فيه الأسد خطابه الأوَّل بعد اندلاع الثورة، لم يعد هناك من أملٍ جدّي لكي يُعلَّقه البعض على ما يمكن أن تحمله الخطابات الجديدة. فقد أنهى بشار في ذلك اليوم الكذبةَ الكبرى، التي تمَّ التسويق لها طوال أكثر من عقدٍ من الزمن، عن أنه شابّ إصلاحيّ منفتح يختلف عن أبيه. قهقهاته المتواصلة، يومذاك، وسط تهريج المصفّقين في "مجلس الشعب"، كانت أهمَّ فقرة في ذلك الخطاب، لأنها قالت ما لا يمكن لأكبر الكلمات أن تقوله. كانت بشكلٍ من الأشكال قهقهةً صريحةً من الذين صدَّقوا خرافةَ تأثير الدراسة في بريطانيا وإتقان لغة أجنبية على الرئيس الشابّ.
 
بعد ذلك الخطاب الذي أثبت فيه بشار سذاجةَ المراهنين على إصلاح غير قابل للوجود، لم يعد بوسع أحدٍ أن ينظر إلى الخطابات اللاحقة إلا كمرايا عاكسةٍ لحالة الأسد نفسه. لم يعد بوسع أحدٍ أن يتعامل مع تلك الخطابات إلا كحالةٍ نفسيةٍ لما هو عليه الرئيس في زمن الخطاب. هل هو خائف؟ هل هو غاضب؟ هل هو نادم؟... إلخ.
 
وبالإضافة إلى كونها مرايا حالٍ، قدَّمت تلك الخطابات بعض زلَّات اللسان (الفرويديَّة) التي أنتجت مصطلحاتٍ روَّستْ لعناوين مشاريع خطيرة لا يرغب النظام بالاعتراف بها، مثل مصطلح "المجتمع المتجانس" الذي استعمله بشار لأوَّل مرَّة في خطابه في مؤتمر المغتربين بتاريخ 20 آب 2017. 
 
أو حديثه عن أن سوريا "ليست لمن يسكن فيها بل لمن يُدافع عنها" في خطابه أمام النقابات وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة بتاريخ 26 تمُّوز 2015.
 
بل وحتى في خطابه الأخير، والذي جاء نموذجاً لخطاب الشتيمة السياسية حيث امتلأ بمصطلحات مثل: العملاء، السماسرة، الازدراء، الاحتقار، النفوس المريضة، قلَّة الأخلاق... إلخ، فقد اجترح بشار مصطلح "الشعب الوهمي" في إشارة إلى الملايين من معارضيه، مستغرباً عدم تفكيرهم بـ"حكم التاريخ" عليهم!!
 
إنَّ جمع خطابات بشار الأسد ومقابلاته الإعلامية، على تفاهتها الفكرية، في كتابٍ –إذا تمَّ- هو نوع من التأريخ للمأساة السورية، لجهة أنَّ هذه الخطابات والمقابلات ترسم صورةً، عقليةً ونفسيةً، دقيقةً للشخص المعتوه الذي وُضِعَ مستقبل البلاد بين يديه، والذي لم يتورَّع عن قول كلّ ما يُدينه، وكلّ ما يفضح تعثُّر شخصيته التي تقودها نرجسيته العمياء، ولم يتورَّع حتَّى عن المزاح بموضوع مجزرة الكيماوي التي ارتكبها جيشه (راجع مقابلته مع جريدة "الأخبار" اللبنانية، 14 تشرين الأول 2013) حين قال بأنه بات يستحقّ "جائزة نوبل للسلام" لأنه وافق على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا!
------------
زمان الوصل

ماهر شرف الدين
الجمعة 22 فبراير 2019