نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


رئاسيات الجزائر ... ضبابية وغموض أم أمر مقصود؟




الجزائر - يبدو أن معالم السباق نحو رئاسيات 2014 بالجزائر، مستمرة في التوجه نحو التعقيد اكثر فأكثر، فبالرغم من انحسار الفترة التي تفصل عن هذا الموعد الانتخابي إلى أقل من تسعة أشهر، لا تزال الساحة السياسية يكتنفها الكثير من "الضبابية" وذلك نتاج معطيات ومتغيرات كثيرة داخليا وإقليميا، منها تفكك ما يسمى بالتحالف الرئاسي المساند للرئيس بوتفليقة، وعجز مختلف الأحزاب عن تقديم وجوه قادرة على نيل رضا الشعب بعد انسحاب قياداتها الكاريزماتية، فيما أدى مرض الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، خلال الأسابيع الماضية إلى خلط كل الأوراق والسيناريوهات المحتملة.


رئاسيات الجزائر ... ضبابية وغموض أم أمر مقصود؟
الحديث الجدي عن الرئاسيات لم ينطلق بعد، حيث أحجمت عديد الأحزاب السياسية والشخصيات عن الإفصاح عن وجهة نظرها، أو البوح باسم من ترغب في ترشيحه على خلاف الاستحقاقات الماضية التي كانت كل مؤشراتها واضحة قبل شهور عدة. مشهد كانت تتصدره آلة عديد التنظيمات المساندة لصالح شخصية معينة.
 
البديل الجاهز والمرشحون "الافتراضيون"
مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، المفاجئ، زاد الضبابية بشأن الانتخابات الرئاسية وأضفى عليها غموضا أكثر، حيث أدى طول غياب بوتفليقة في مستشفى "فال دوجراس"، ومن بعد ذلك مركز "ليزانفاليد " بالعاصمة الفرنسية باريس، الى توقف احزاب السلطة، وبخاصة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، تماما عن التفكير في المسألة إلى غاية عودة الرئيس وإعلانه ما إن كان سيستمر في السلطة أم سيغادرها قبل الموعد المحدد. كما توقف ما يسمى "جمعيات المساندة لبرنامج الرئيس" والتي غالبا ما يتم استدعاؤها لتسخين الأجواء قبيل وبعد إعلان الرئيس لترشحه.
 
ووجدت تلك الأحزاب نفسها في حرج مع إعلان طيف من المعارضة تفعيل المادة 88 من الدستور التي تتضمن إعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، وتسليم مهمة تسيير البلاد لرئيس مجلس الأمة الذي ينظم في أجل أقصاه 40 يوما تحضيرا لانتخابات رئاسية مسبقة.
 
وبالرغم من ظهور الرئيس على شاشة التلفزيون الحكومي وإعلان مؤسسة الرئاسة استقرار وضعه الصحي، بقي الجمود سيد الموقف بالنسبة للموالين للرئيس وركون احزاب الموالاة إلى ترتيب بيتها الداخلي وتسيير الانقسامات الداخلية التي كشفت في النهاية أنها لا تعدو كونها أحزابا "صغيرة" هي من تكون بحاجة للرئيس وليس العكس.
 
ويعتبر التحالف الرئاسي "اول المطبلين" الذي كان المحيط المباشر للرئيس بوتفليقة يعول عليه كلما حان موعد إعلان الرئيس الترشح لعهدة رئاسية جديدة، فكان كل من حزب جبهة التحرير الوطني "الافلان"، التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي" وحركة مجتمع السلم "حمس"، يدعون الرئيس للترشح في مختلف نشاطاتهم ثم يساندونه دون قيد او شرط خلال ترشحه ويقومون بدور منشط الحملة الانتخابية إلى جانبه. غير أن هذا التحالف تفكك في خضم الاحداث التي شهدتها الجزائر، ميزها خروج حركة "حمس" من التحالف وانضمامها الى صف المعارضة، فيما دخل "الافلان" و"الارندي" في دوامة من الصراعات الداخلية والانشقاقات، مما جعلهما حزبين فاقدين لقوة التأثير في المشهد السياسي أو هكذا يبدو. وعلى غير ارادتهما ينشغل هذان الحزبان "الكبيران" بالحفاظ على موقعهما في الساحة السياسية ومعالجة تداعيات أزماتهما دون الخوض في موضوع الرئاسيات، وما إن كانا سيدعمان مرشحا معينا، أم انهما سينتظران أن ينزل عليهما أمرا من أعلى ليعلنا مساندة هذا المرشح او ذاك، كما دأبا عليه في الفترة الأخيرة.
 
ويرى متتبعون للشأن السياسي في الجزائر، أن مفاتيح  المستقبل السياسي للبلاد لا زالت بيد الرئيس بوتفليقة رغم مرضه، مؤكدين أن إمكانية ترشحه لعهدة رابعة تبقى قائمة، كما لم يستبعدوا فكرة تمديد الولاية الرئاسية الحالية التي تنتهي في نيسان /ابريل المقبل الى 2016.
 
هذه الفرضية اكدها رئيس حزب تجمع امل الجزائر" تاج"، عمر غول، الذي يتولى منصب وزير في الحكومة منذ سنوات عدة، عندما أكد أن الحزب يحضر بكل حكمة وحنكة للانتخابات الرئاسية، وأن الحزب الذي تأسس على انقاض حركة "حمس" الإخوانية، سيكون رقما أسياسيا للعب الأدوار الأولى فيها. كما جدد غول وفاءه  للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وهو موقف لا تشاطره الكثير من الأحزاب إسلاميه او غيرها.
 
بينما يعتقد اخرون أن النظام وحتى يضمن بقاءه يتجه في حالة ثبوت عجز بوتفليقة عن الاستمرار في الحكم، إلى تقديم رئيس الوزراء الحالي، عبد المالك سلال، بديلا جاهزا. وفعلا يظهر سلال منذ فترة ليست بالقصيرة، في ثوب الرئيس القادم، من خلال توليه بعض من صلاحيات رئيس الجمهورية.
أحزاب وشخصيات تتحين الفرص
اختارت شخصيات تداول اسمها بقوة في الأسابيع الأخيرة الصمت ودخلت في حالة ترقب لتطورات الساحة السياسية، منها على وجه الخصوص رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس،  والرئيس السابق ليامين زروال، حيث تعالت أصوات تدعوهما للترشح لهذا المنصب، وتكفل محللون وخبراء اقتصاد بالمرافعة لهذا الشخص وذاك، دون أي تحرك من أي طرف لإعلان نيته في خوض غمار هذا الاستحقاق ، منتظرة عودة الرئيس إلى أرض الوطن.
 
زعماء أحزاب كثر  وجهت لهم أسئلة من قبل الصحافة عن ترشحهم للرئاسيات جاء ردهم محتشما، وأكدوا أنهم لن يساندوا أي طرف أخر، على غرار ما قاله رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، الذي لمح لرغبته في الترشح لكنه أجل الحديث عن الموضوع داخل حزبه إلى موعد لاحق، رغم اأن المجلس الوطني للحزب منحه الضوء الاخضر لدخول سباق الرئاسيات.
 
 
كذلك فعلت زعيمة حزب العمال اليساري، لويزة حنون، فيما لم يشأ حزب جبهة القوى الاشتراكية (أقدم حزب معارض في الجزائر منذ 1963) الذي اعلن زعيمه التاريخي حسين آيت أحمد اعتزال السياسية قبل أسابيع، الخوض في الموضوع، وهو نفس الموقف الذي اتخذه حتى الآن حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية العلماني.
 
وتشترك كل هذه الأحزاب في الاعتقاد أن الوضع السياسي في الجزائر غير واضح، ومعالمه قابلة للتغير في أية لحظة، مما يستوجب التريث والحذر خوفا من حسابات خاطئة تدفع ثمنها لاحقا.
 
بخلاف ذلك، يعد رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، الوحيد الذي كشف علنا نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك منذ شهر كانون أول/ ديسمبر الماضي، وفتح له مناصروه صفحة على شبكة التواصل الفيس بوك تحت تسمية "الصفحة الرسمية لمساندة بن بيتور رئيسا للجمهورية".
 
وجدد بن بيتور نيته في الترشح وقال إنه سيعمل في الفترة الحالية على بناء قوة سياسية قوية يسعى لتكون حاضرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة وما بعد مرحلة الرئاسيات، كاشفا أنه يسعى في الوقت الراهن إلى تجنيد 350 إطارا عبر مختلف ولايات (محافظات) الجزائر الـ48 لتوضيح برنامجه.
 
وبالإضافة إلى ذلك يقوم بن بيتور، بزيارات إلى مختلف المدن من أجل تنظيم محاضرات في مجال تخصصه، الاقتصاد، مضمنا إياها رسائله السياسية والخطوط العريضة لبرنامجه السياسي، في حملة انتخابية مسبقة الهدف منها جس النبض قبل أشهر من فتح باب الترشيحات، حيث يقوم بزيارة المساجد والاحتكاك بالمواطنين في المقاهي والساحات العمومية ومآدب الغذاء والعشاء، وذهب إلى أبعد من ذلك بتأسيس مكاتب مساندة في كل ولاية تقريبا.
 
إسلاميون ومعارضون يبحثون عن توافق
بالموازاة مع خروج حركة "حمس" المحسوبة على التيار الاخواني وطرقها باب المعارضة، بعد اكثر من 14 سنة من "الانبطاح والتبعية لأحزاب السلطة" ، عمدت اطارات الحزب إلى تغيير فلسفتها، وتجسد ذلك من خلال انتخاب "الراديكالي" عبد الرزاق مقري، رئيسا للحركة خلفا لوزير الدولة السابق أبو جرة سلطاني الذي ترك منصبه بعد ولايتين.
 
ولم ينتظر مقري، طويلا ليعلن عن التوجه الجديد لحركة مجتمع السلم باتجاه خندق المعارضة، كما كشف عن مبادرة للتوجه إلى باقي الأحزاب الإسلامية لخلق تكتل قوي يمكن التقدم به في الاستحقاقات القادمة.
 
ونجح الرجل في إعطاء دفع قوي لما يسمى بتكتل الجزائر الخضراء الذي يضم بالإضافة إلى حركته، كلا من  حركتي النهضة والإصلاح الوطني، وهي احزاب محسوبة على التيار الإسلامي. كما نجح مقري في جمع جبهة التغيير المنشقة عن الحركة الأم "حمس"، وجبهة العدالة والتنمية لرئيسها عبد الله جاب الله، فيما يجري كذلك مشاورات مع أحزاب عديدة في إطار ما يسمى بمجموعة الـ 14 للحفاظ على الذاكرة، تعد الأحزاب المذكورة آنفا طرفا فيها.
 
غير أن التوافق الحاصل حتى الآن  بين كل تلك الأحزاب ونجاح المبادرة التي تقودها "حمس" نسبيا، لا يمكن تطبيقه على الاستحقاق القادم، حيث لم تطرح  مسألة الرئاسيات بشكل جدي للنقاش إلى حد الساعة، ويفسر ذلك بصراع الزعامة الموجود بين مختلف الأحزاب، وبخاصة الإسلامية منها، حيث انقسمت خلال السنوات القليلة الماضية بسبب من يكون زعيما أبديا للحركات، على غرار ما حدث لعبد الله جاب الله الذي ضغط عليه أصحابه لإخراجه من حركة النهضة ومن بعدها الإصلاح، ووصل الأمر إلى حد الاعتداءات الجسدية وتصفية الحسابات.
 
تعديل الدستور.. شوكة في الحلق
 
وضوح الساحة السياسية مرتبط ، بالإضافة الى تطور مرض الرئيس بوتفليقة ، بإعلان تعديل الدستور المرتقب والذي شكلت بشأنه لجنة تقنية لبحث مواده منذ نحو ثلاثة اشهر، حيث لم تتضح معالم الدستور الجديد الذي وعد الرئيس أن يكون قبل الرئاسيات، وهو في الحقيقة بارومتر الثقة بين السلطة والأحزاب.
وترى الطبقة السياسية أن إقرار دستور للبلاد  دون استشارتها مؤشر إلى ما ستؤول اليه الأمور في الرئاسيات المقبلة.
غير أان مرض الرئيس أوقف معه كل نشاط ولم يعد موضوع التعديل الدستوري حديث الساعة إلى غاية عودته إلى الجزائر ربما خلال الأيام القليلة القادمة، وحينها ستتضح دون شك..مستقبل صورة الجزائر.

د ب أ
الاربعاء 10 يوليوز 2013