نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


رحلة عبر الجبال المعدنية حيث المناجم تتحول الى تراث انساني




ياميخوف (جمهورية التشيك) – توجد مساحة ضئيلة في قفص استخراج المعادن. يقول جيري فيرا مدير منجم "الوحدة" في ياميخوف على الجانب التشيكي من سلسلة "الجبال المعدنية" على حدود مقاطعة سكسونيا الألمانية: "الآن سنهبط على عمق 500 متر". يضغط رجل المناجم خمس مرات على زر ليحذر رفاقه في المركز التعديني أنه يتجه للخروج، يبدأ القفص في التحرك مصدرا ضجيجا هابطا بسرعة ثلاثة أمتار في الثانية الواحدة. يعتبر الكشاف في خوذة فيرا مصدر الضوء الوحيد الذي يبدد الظلام الدامس الذي يلف المكان في أعماق الجبل.


 

انضم منجم "الوحدة" مؤخرًا إلى قائمة منظمة اليونسكو لتراث الانسانية جنبًا إلى جنب مع عناصر جذب أخرى تستحق المشاهدة في الجبال المعدنية، وهي سلسلة جبال بين جمهورية التشيك وألمانيا.
ويعتبر "الوحدة"، وتعني بالتشيكية (svornost) أقدم منجم لليورانيوم في العالم، فضلا عن أنه مازال في الخدمة إلى الآن، وإن كان لأغراض أخرى. في القاعة رقم 12، حسبما يطلق على مستويات المنجم.
يفتح فيرا، الذي يعمل تحت الأرض منذ شبابه، صنبورًا أحمرا يتدفق منه الماء الساخن الذي يحتوي على غاز الراديوم ويتدفق إلى وعاء خشبي. مضخات كبيرة تحمله إلى السطح من خلال أنابيب طويلة. يتم توجيه المياه المشعة الحرارية إلى منتجع ياميخوف الذي يستخدمه في حمامات السباحة الخاصة به.
تعد الممرات الضيقة تحت الأرض نتيجة عمل يمتد لمئات السنين. هنا تم استخراج الفضة منذ افتتاح المنجم في عام 1518 ، وفي القرن العشرين تم استخراج اليورانيوم للقنبلة الذرية السوفيتية.
تقطر المياه من السقف في كل مكان وتشكل الجداول الصغيرة. تضم قاعة يزيد طولها عن كيلومترين أربعة منحدرات يتم الحصول منها على الماء الممزوج بالراديوم. أطلق على أحد الينابيع اسم المرأة التي اكتشفت النشاط الإشعاعي، ماري كوري (1867-1934). ولم يكن هذا على سبيل المصادفة: فالباحثة الفائزة بجائزة نوبل، نجحت في استخلاص المادة التي عمدتها باستخدام اسم الراديوم من مكعب يحتوي على المادة الخام لليورانيوم يطلق عليه (pecblenda) من هذا المنجم في ياميخوف. وكانت هذه أول مادة مشعة اكتشفتها مدام كوري.
يعلق إدوارد بلاها، مدير مركز ياخيموف الصحي، على حائط مكتبه صورة مدام كوري. ويؤكد الطبيب المتخصص أن "هذه المنطقة لديها إمكانات لا تصدق".
يأمل المتخصص في أن يساعد انضمام المكان إلى قائمة اليونسكو الجديدة للتراث العالمي في جذب الانتباه إلى هذا المكان، الذي تم نسيانه لفترة طويلة. قامت شركته بتجديد مرافق هذا المنتجع الصحي التاريخي، ولكن العديد من المنازل في المدينة القديمة، والتي هي أعلى إلى حد ما، في حالة متردية ومتهالكة للغاية. يقول بلاها: "بالنسبة لنا، فإن هذا المنظر يمثل مشكلة، لأنه عندما تأتي السياحة يجب أن نكون قادرين على توفير بيئة مناسبة".
يوضح الطبيب أن حمام السباحة المزود بالماء الغني بالراديوم يستخدم لعلاج الأمراض المؤلمة مثل الروماتيزم، مصحوبة بعلاج طبيعي مكثف. يقول بلاها: "إنها أمراض بدون علاج، ولكن هذا المنتجع الصحي بإمكانياته يساعد المرضى". أثناء العلاج، لا يتجاوز الإشعاع المستلم ما يتم استقباله عند إجراء الأشعة السينية للكشف على الصدر. يتحدث بلاها بفخر عن المكان خاصة حجرات البخار الجديدة الجديدة، المصممة على هيئة تشبه داخل المنجم.

تم إغلاق المستويات الأكثر عمقا من منجم "الوحدة" أمام الجمهور العام لأسباب تتعلق بالسلامة، إلا أن القاعة على المستوى الأول بطول 260 مترا فقد تم تحويلها إلى متحف، يستعرض أسلوب الحياة القاسي الذي كان يعيشه عمال المناجم في الماضي، خاصة وأن هذه الأماكن كانت تستخدم أيضا لاحتجاز سجناء الحرب والسجناء السياسيين الألمان، الذي أجبروا هناك على ممارسة أعمال السخرة عقب الحرب العالمية الثانية، ويستدل على ذلك الماضي المظلم من درجات السلم الوعرة البالغ عددها 200 درجة والتي مازالت قائمة إلى اليوم وكانت تفضي إلى عمق المنجم.
يعتبر الجيولوجي ميشال أوربان أحد الرعاة المسئولين عن ملف الترشيح التشيكي السكسوني لهذا المكان من أجل الانضمام إلى قائمة مؤسسة اليونسكو للتراث العالمي. يقول أوربان: "إنها سلسلة جبال لها تاريخ طويل". ويضيف أنه يعرف منذ طفولته "الجبال المعدنية" ، والتي يطلق عليها في التشيك "krusnohori". في عام 1970 ، اشترى والداه عقارا هناك واستخدماه كمنزل صيفي ولقضاء عطلة نهاية الأسبوع.
والآن عندما يسئل عن مكانه المفضل، فإن أوربان لا يتردد في الإجابة. إنه منجم موريشيوس، الذي كان يعتبر منجم القصدير الأكثر أهمية وسط الجبال المعدنية. ويوضح أوربان "أصبح من الممكن جعل أجزاء من المنجم يمكن الوصول إليها بعدما ظلت لعقود من الصعب دخولها". ويشير خبير الجيولوجيا إلى أن تاريخ التعدين في المنطقة متنوع مثل أي مكان آخر تقريبًا، فبالإضافة إلى القصدير استخرج من هناك معادن أخرى مثل الفضة والنحاس والرصاص والحديد. أما الشيء الوحيد الذي لم يكن هناك فهو الذهب.
يذكر أنه بالإضافة إلى المواقع الخمسة في منطقة التعدين المحمية من قبل اليونسكو على الجانب التشيكي، هناك 17 موقعًا أخرى على الجانب الألماني، في سكسونيا.
ويعترف أوربان أن الجانب الألماني يستفيد بشكل أفضل من ميزة الانضمام إلى قائمة اليونسكو للتراث العالم في الترويج الثقافي للمكان. ومن ثم يقول "إنه خطأنا ، علينا أن نتحمل المسؤولية".
ولهذا السبب من الضروري أن تقدم للزوار مجموعة أكبر من المطاعم وأماكن الإقامة حتى لو لم تكن المنطقة مكتظة بالسكان. كما يعتقد أن الأمر متروك الآن للشركات والسلطات في منطقة الجبال المعدنية لمعرفة التدابير التي يتعين عليها اتخاذها من أجل الترويج للمنطقة. يقول أوربان: "يمنح لقب قائمة اليونسكو للتراث العالمي نوعا من الامتياز، لكنه لا يولد المال بمفرده".

مايكل هيتمان
الخميس 29 أكتوبر 2020