نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


رسالة إلى الرئيس أوباما




لعل من الإنصاف يا فخامة الرئيس باراك حسين أوباما أن أذكر في بداية رسالتي هذه بأني كنت من القلائل جدا بين العرب والمسلمين الذين لم يكونوا يتمنون فوزك برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008، معروف أن ترشيحك كرجل أسود من أصول نصف إفريقية تحمل اسما عربيا مسلما قد خلق حالة من التعاطف والتأييد العربي والإسلامي والإفريقي، كما أن لغتك الأقل "حربية" من سلفك جورج بوش الابن الذي تلاشت شعبيته في شهور رئاسته الأخيرة، كانت عاملا مهما في وصولك للبيت الأبيض، وكان منبع أمنياتي بعدم وصولك للرئاسة ثلاثة ملفات إقليمية رئيسية: الملف العراقي، وملف الصراع العربي-الإسرائيلي والملف النووي الإيراني.


 
 
 
فخامة الرئيس: "الكلمة اللي تستحي منها بدّها"، وهو مثل شعبي بمنطقة الخليج لعله الأقرب لعبارتكم CUT THE CHASE
بالملف العراقي كانت مخاوفي من تخليك عن مسؤولية بلادك القانونية والسياسية والأخلاقية لبلد احتللتموه بالقوة، ثم تركتموه نهبا للاقتتال الطائفي والفساد والهيمنة الإيرانية التي تسلمته على طبق من ذهب (أنتم تقولون طبقا من فضة باللغة الإنجليزية)، تتحكم إيران اليوم بقراره وتشعل نيران الطائفية الدامية فيه، وتساوم به كورقة هامة في مشروع طموحها النووي وهيمنتها الإقليمية.
وليس بخاف على أحد حالة الجمود والشلل في ملف السلام وإنهاء حالة الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث تحداك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وألقى عليك درسا "بالواقعية السياسية" بالشرق الأوسط داخل البيت الأبيض وفي مكتبك البيضاوي، واستمر بتجاهل وجودك بعد سنوات قليلة ليذهب لبرلمان بلادك ملقيا كلمة تجاوز فيها كل الأعراف الدبلوماسية وعدها المراقبون إهانة شخصية لكم ولمنصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، واستمر نتنياهو بسياسة الاستيطان والاحتلال دون أي اعتبار لندائك التاريخي بوقف الاستيطان بخطابك الشهير بجامعة القاهرة، ولم تحرك ساكنا – يا فخامة الرئيس- أو تعبر عن غضب تجاه هذه السياسة –إن لم نقل هذه الإهانة.
في الملف النووي الإيراني تبدو الأمور أكثر وضوحا للعالم الخارجي: دولة وقعت على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية ولكنها ترفض الخضوع للتفتيش الذي تفرضه الاتفاقية عبر الوكالة الدولية للطاقة النووية. إيران تكرر ليل نهار أن مشروعها النووي سلمي، ولكنها ترفض إخضاعه للتفتيش الدولي إلا وفق هواها، وهو أمر قاد لعزلتها وفرض عقوبات اقتصادية عليها، أدت لتدهور أوضاعها الاقتصادية وتفاقم مشاكلها الداخلية التي تحاول تصديرها للخارج العربي موهمة الـ5+1 أنها دولة إقليمية قوية تتحكم بأربع عواصم عربية، وعليه - حسب المنطق الإيراني- يجب على العالم أن يفاوضها على برنامجها وفق شروط وتفاهمات تتجاوز النووي نفسه، وهذا هو بيت القصيد- يا فخامة الرئيس.
إننا بالجانب العربي نرى أن سياسة بلادكم خضعت لهذا المنطق الإيراني بالتدخل بالشؤون العربية، وسايرت السياسة العدوانية الإيرانية بالمنطقة التي تتورط بدماء الشعب السوري ودمار سوريا وإبادة شعبها، كما غضت بلادكم الطرف عن ممارسات داعشية تقوم بها ميليشيات شيعية عراقية الأعلام، إيرانية التمويل والعقيدة، ضد سنة العراق بإسناد ودعم من لدن قواتكم الجوية، ووقفتم بخندق واحد مع قاسم سليماني بديالي وتكريت، مما يعده أي مراقب منصف بأنه انحياز واضح لطرف طائفي شيعي في مواجهة طرف طائفي سني آخر، لكن ضحايا هذا الانحياز هم العراقيون من كل الطوائف، ووحدة واستقرار العراق، ولابد من الإشارة هنا إلى أنكم حذرتم من انتهاكات مشينة قامت بها الميليشيات الشيعية بالعراق، لكن تحذيركم كان مثل وقع مطلبكم لنتنياهو بوقف الاستيطان.
إننا نرى أن سياسة بلادكم بتفاهمات مع إيران ستكون، بلا شك، على حساب سلام واستقرار المنطقة برمتها، فإيران تشعل الحرائق الطائفية بالعراق، وتساند الإبادة الجماعية بسوريا، وتعطل الحالة اللبنانية وتورطها بالاقتتال عبر ميليشيا حزب الله - الذي هو أول تنظيم ديني طائفي مسلح بالشرق الأوسط وهو صناعة إيرانية صرفة، وتثير النعرات الطائفية بالبحرين، كما تدخلت باليمن عبر وكيلها الحوثي ودفعته نحو التهور الدامي بالسيطرة على عاصمتها واختطاف رئيسها ووزرائه الشرعيين، ولا تزال تساند هذه العصابات المنفلتة التي ترفع شعار "الموت لأمريكا"- أي الموت لبلادكم – يا فخامة الرئيس.
فخامة الرئيس، إن رسالتي هذه كمواطن يعيش بهذه المنطقة، تعبر عن انطباع وشعور واسع لدى شعوب ودول صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، ترى في تلكؤ الولايات المتحدة الأمريكية بحسم ملفات كارثية مثل المأساة التي يسببها نظام بشار بسوريا، لا مبالاة أمريكية – إن لم نقل مباركة أمريكية باستمرار هذه المحنة، بل وكان تراجعكم عن معاقبة نظام بشار حين استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، صفعة للمعارضة وللأصدقاء بالمنطقة ولكل محب للسلام، أتذكر فخامتكم حين رسمتم خطا أحمر لبشار بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية، وإلا.
بالمناسبة - يا فخامة الرئيس – لا تزال التقارير الدولية المحايدة تتوالى عن استمرار استخدام نظام بشار للأسلحة المحرمة دوليا ضد الأطفال والمدنيين العزل!!.
فخامة الرئيس: ستلتقي فخامتكم بقادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال ساعات، وسوف يشهد لقاؤكم مصارحة الصديق للصديق - أو هذا ما نتمناه، ومن هذا المنطلق كتبت لكم هذا الخطاب المعلن لعله ينقل لكم بعض الانطباعات التي تنتشر بمنطقتنا حيال سياسة بلادكم الصديقة نحو أسخن الملفات وأهم القضايا بمنطقتنا، ويمكن اختصارها بالآتي:
نحن نفهم تفاهمكم مع إيران وهي في أشد حالات التدخل العدوانية بالمنطقة العربية، على أنه مباركة وتأييد لهذه العدوانية، ولن نطمئن لكم إن استمررتم بهذه السياسة، فلن تستطيع أن "تتفاهم" مع إيران عدوانية، وفي الوقت نفسه، تحاول أن تطمئن أصدقاء وحلفاء بالمنطقة يقعون ضحية هذه العدوانية الإيرانية، لأنه - يا فخامة الرئيس - "من أكل بالثنتين، غص".
------------
الشرق

سعد بن طفلة العجمي
الاثنين 11 ماي 2015