نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى


رصيف الشعب.... هايد بارك مصري أمام البرلمان للإحتجاج على ايقاع الطبول والهتافات اللاذعة




القاهرة - فادي عاكوم - عندما توجهت طلائع العمال المطالبين بحقوقهم نحو الرصيف المقابل لمجلس الشعب المصري منذ ثلاثة اشهر لم يخطر ببالهم ان هذا الرصيف سيتحول الى "هايد بارك" عمالي وشعبي لعرض المشاكل والهموم والاعتراض على الاوضاع الاجتماعية السائدة التي يعاني منها العمال، اما بسبب تدني الاجور والرواتب او بسبب الانتكاسات التي تعرضت لها العديد من الشركات على خلفية الازمة المالية العالمية، فالرصيف اليوم ممتلئ عن بكرة ابيه، ولا مكان لاي مجموعة جديدة.


بعض المحتجين على رصيف الشعب امام البرلمان المصري
بعض المحتجين على رصيف الشعب امام البرلمان المصري
فقد اصبح منظر الحشود على "رصيف الشعب" امرا حياتيا يوميا يستقطب جميع وسائل الاعلام المحلية والاجنبية، ويتفنن المعتصمون بطرق الاحتجاج من خلال ما تيسر لهم من شعارات وهتافات كتبت من وحي المناسبة بالاضافة الى الطبول والاكفان وما تيسر من مواد للتعبير عن حالتهم البائسة.

ويتحد العمال ايام الجمعة لتادية صلاة الجمعة امام مجلس الشعب ويؤدون صلاتهم، وكان لافتا ان الامام الذي امهم يوم الجمعة المنصرم اطلقت عليه تسمية "امام رصيف الشعب"، وفي الايام الاخرى تتفنن كل مجموعة بالتعبير عن غضبها، فعمال شركة امنستو حاولوا قطع الطريق امام مجلس الشعب وهم يرتدون اكفانا رمزية ونظموا جنازة رمزية كدلالة على موت حقوقهم، واوصلوا اصواتهم الى داخل المجلس من خلال الزمامير والطبول والطرق بالحجارة على الحواجز الحديدية التي تحيط بهم، اما عمال شركة النوبارية فقد حملوا في أيديهم قطع من الحجارة لإظهار عدم استطاعتهم شراء الطعام لأولادهم وأنهم سيأكلون الحجارة.

ابرز المعتصمين حاليا على رصيف الشعب والذين قضوا اكثر من شهرين في حركتهم الاحتجاجية:عمال شركة النوبارية للدراسات الزراعية، موظفي تحسين الأراضي وعمال أمونسيتو، ومجموعة الـ45 المطالبة بتنفيذ أحكام قضائية صدرت من المحكمة الإدارية العليا لتعيينهم بهيئة قضايا الدولة، وعمال الشركة المصرية للمعدات التليفونية، وبعض أعضاء نقابة التجاريين وذويي الاحتياجات الخاصة الذين يطالبون بحقهم في الحصول على تراخيص أكشاك لغير المتعلمين، وفرص عمل ووحدات سكنية من المحافظة.

وبالاضافة الى عمال المصانع والشركات توجه كل صاحب مشكلة الى رصيف الشعب ليعرض مشكلته على وسائل الاعلام لعل الوزير المختص يعلم بها فيتم حلها، وكان اطرفهم احد الاباء الذي اعتصم مطالبا ادخال ابنته الى المدرسة صف "كي جي وان" مستنكرا رفض المدرسة ادخالها لانها اصغر بشهرين من العمر الرسمي المقرر، واخر اعتصم بعد الضغط الذي احس به اولاده بسبب برنامج الامتحانات الرسمية والتي اتت متقاربة دون استراحات كافية بينها

الاعتصامات لم تخلو من الماسي فقد توفي احد العمال المعتصمين بسبب ضيق التنفس وهبوط في الدورة الدموية، كما نقل العديد منهم الى المستشفيات بعد ان دخلوا اضرابا مفتوحا عن الطعام، وابرز المشاكل التي تواجه المعتصمين هي "دخول المراحيض"، فقد امر الامن حراس المساجد القريبة بعدم فتحها الا قبيل مواعيد الصلاة واعادة اغلاقها بعد الانتهاء، وهو الامر الذي ذاق منه المعتصمين الامرين، لذا فهم يتوجهون الى حمامات المقاهي او محطات البنزين واحيانا الى الحمامات العمومية المدفوعة الاجر والتي تكلف الداخل نصف جنيه كل مرة.

وعند تجوالك امام رصيف الشعب لا يسعك الا ان تصغي الى الشعارات المنطلقة من حناجر العمال، فعمال النوبارية حرفوا النشيد الوطني المصري ليصبح كالاتي:"بلادي بلادي بلادي ... مش لاقي قوت ولادي ... مصر ابنك على الرصيف ... مش معاه حق الرغيف ... وعد منا يا نظيف .. علي الرصيف هيكون جهادي"، واخرون ارتدوا الملابس المهلهلة التي كتبوا عليها " اكفنة العمال المقهورين ـ غسل عمالك ياريس "، و"حسبى الله ونعم الوكيل" و"تسقط حكومة نظيف"، اما أعضاء نقابة التجاريين فقد رددوا"٥٠ جنيه نعمل بيهم إيه" فى إشارة منهم الى الراتب التقاعدي الذي يتقاضونه حاليا والذي يطالبون برفعه، و"القانون إدانا الحق وأحمد عز بيقول لأ"، اما موظفي مراكز المعلومات بمجلس الوزراء فتوجهوا الى جمال مبارك نجل الرئيس مرددين: "يا جمال يا ابو فريدة احنا بقينا على الحديدة"، و"يا أبو فريدة قول لأبوك الكلام ده مش مضبوط"و "يا وزير حرام عليك مصير ولادنا بين أيديك".

مشهد لا شك انه يفطر القلب، وهو من دون شك نتيجة تراكمات السنوات الماضية التي ضيقت الخناق على المصريين بهذا الشكل، لكن مع كل ما يجري فان رصيف الشعب واحداثه سيظل محفورا في ذاكرة الكثيرين في المستقبل، باعتباره اكبر حركة احتجاجية حضارية عرفتها مصر بل المنطقة العربية في العصر الحديث، فلا اشتباكات مع رجال الامن ولا مناكفات بل مساحة لايصال الصوت ان استطاع الوصول...







فادي عاكوم
السبت 22 ماي 2010