نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


رمضان في إندونيسيا ... مظاهر احتفالية خاصة وأنماط معيشية مختلفة




جاكرتا - سامى راتب - اعتاد مسلمو إندونيسيا على وجه الخصوص على استقبال شهر رمضان بمظاهر احتفالية تميزهم عن سائر مسلمى العالم حيث تتبدل أنماط معيشتهم وتتغير بصورة كبيرة خلال شهر رمضان ويصبح شاغلهم الأول علي مدى أيام الشهر هو العبادة وتلاوة القرآن والإكثار من ارتياد المساجد .


رمضان في إندونيسيا ... مظاهر احتفالية خاصة وأنماط معيشية مختلفة
ومن المعروف أن الإسلام دخل إلى إندونيسيا في القرن الثامن الهجرى  )الرابع عشر الميلادى ( على يد التجار المسلمين من العرب والهنود والفرس ثم انتشر بين جزر الأرخبيل عن طريق السكان الوطنيين أنفسهم. وكانت جزيرة سومطرة أول مركز للدعوة الإسلامية ونشأت بها أول دولة إسلامية أقامها أحد الأمراء هو أمير سامودرا بعد إسلامه وعرف بالملك الصالح ومن ملوكها السلطان "اسكندر مودا" الذي حاول طرد البرتغاليين من الملايو عام 1928 .
 
ومن مظاهر الترحيب بشهر رمضان فى إندونيسيا وهي أكبر دولة من حيث عدد السكان المسلمين في العالم  والتى يمثل فيها السكان المسلمون  نسبة تزيد علي 85 في المئة من إجمالى عدد سكانها  البالغ حوالي  238 مليون نسمة ( وفق إحصاء عام 2010 ) تلك الاستعدادات التي يقوم بها مسلمو إندونيسيا لاستقبال الشهر الكريم بدءا من الاهتمام بمنازلهم وتزيينها ووضع الزخارف عليها وكذلك تزيين الشوارع ورفع اللافتات التي ترحب بقدوم الشهر الكريم  لتبدو في أفضل وأبهى صورة ووصولا إلى  العناية  بالمساجد علي نحو خاص  حيث يحرصون علي آداء صلاة التراويح في كافة مساجد الأرخبيل الإندونيسي خاصة مسجد الاستقلال  بجاكرتا أكبر مساجد  إندونيسيا ومنطقة جنوب شرق آسيا علي الإطلاق ويسع حوالي 120 ألف شخص . ويختلف طرازه المعمارى وشكله عن سائر المساجد الأخرى التى نعرفها  إذ يظن الزائر عند النظر لأول مرة إلى المسجد أنه أحد المباني الإدارية أو أنه مقر لإحدى الشركات أو المؤسسات حيث لايوحى تصميمه بأنه مسجد .
 
وتبدأ الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان حتي قبل إعلان وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية عن موعد بدء الشهر بأكثر من إسبوعين حيث تستند في ذلك إلى الرؤية الشرعية للهلال من خلال اللجان التي تبعث بها إلى مختلف مناطق  إندونيسيا لاستطلاع الهلال كما تضع في اعتبارها أيضا الحسابات الفلكية عند تحديد أول أيام الصوم .
 
وكان الرئيس الإندونيسي الراحل أحمد سوكارنو قد وضع حجر أساس مسجد الاستقلال في  آب / أغسطس 1961 واكتمل البناء في شباط / فبراير 1978 في عهد الرئيس الإندونيسيالراحل سوهارتو وقد استغرق بناء المسجد 17 عاما. ويعود تصميم المسجد إلى مهندس مسيحى فاز تصميمه في المسابقة التي أعلنت لاختيار أفضل تصميم للمسجد .وللمسجد قبتان قبة كبيرة وتقع أعلى ساحة الصلاة وقبة صغيرة وتوجد أعلى مدخل المسجد . يضم المسجد منشآت وقاعات وفصولا دراسية وإدارات للخدمات الاجتماعية وتوجد خارجه حدائق وبحيرة ونافورة ومحال تجارية ويتكون المسجد من أربعة طوابق . يوجد بالمسجد مدارس لتعليم الدين الإسلامى ولتحفيظ القرآن الكريم فضلا عن لجنة للأعمال والأنشطة الخيرية لمساعدة الفقراء ولجان للوساطة والصلح وتسوية الخلافات بين العائلات والأفراد. ويقدم المسجد في شهر رمضان آلاف الوجبات المجانية يوميا لإفطار الصائمين .
 
ومن التقاليد والعادات الرمضانية في إندونيسيا قيام المطاعم والمقاهى بإغلاق أبوابها  في نهار رمضان كما تغلق النوادي الليلية خلال الشهر كمظهر من مظاهر الاحترام للشهر الكريم مضيفا أن  المساجد في إندونيسيا تقدم وجبات الإفطار المجانية للصائمين خلال هذا الشهر مشيرا إلى أن إندونيسيا تستقبل الشهر الكريم بقرع الطبول الأندونيسية التقليدية المعروفة باسم " البدوق " وهي طبول ضخمة يتم قرعها فور الإعلان عن حلول شهر رمضان حيث تجوب الشوارع شاحنات صغيرة تحمل طبول " البدوق " ويقوم الشباب بقرعها  للاحتفال بقدوم رمضان كما تقرع هذه الطبول قبيل آذان المغرب مباشرة إيذانا بحلول موعد الإفطار وتعتبر هذه الطبول رمزا للشهر الكريم في إندونيسيا  .
 
ولاتتخلف المدارس والمعاهد الدينية عن الظهور في مشهد هذه الاستعدادات الاحتفالية لاستقبال  شهر رمضان وإحياء لياليه حيث يقوم المسئولون بتنظيم تجمعات حاشدة لطلاب تلك المدارس والمعاهد لتقديم البرامج المناسبة لهم من أجل توعيتهم بآداب وعظمة الشهر الكريم .
 
ومن العادات المحمودة لدي بعض الأسر ميسورة الحال في إندونيسيا الذهاب إلى أحد ملاجيء الأيتام في البلاد لتناول طعام الإفطار معهم  كما تقوم الكثير من الأسر بدعوة الأيتام للإفطار معهم في المنزل في جو عائلى بهيج .
 
وتختلف موائد الإندونيسيين في أيام شهر رمضان عما سواها من  أيام شهور السنة الأخرى حيث يقبل الأندونيسيون علي تناول أنواع معينة من المشروبات والأطعمة والفواكه ويبدأ الصائمون إفطارهم بأنواع مختلفة من المشروبات مثل شراب " تيمون سورى " وهو نوع من الشمام يوضع عليه شراب أحمر كما يفطرون أيضا علي شرائح ثمار جوز الهند الطازجة الطرية المخلوطة بالسائل الموجود داخل ثمرة جوز الهند ويعرف باسم حليب جوز الهند مضافا إلي ذلك الفانيليا فيروى ظمأ الصائم عند الإفطار كما يحرص الكثيرون منهم علي الإفطار علي التمر واللبن اقتداء بسنة النبى محمد .ويقبل الإندونيسيون عامة في شهر رمضان علي تناول البطاطا حيث يقومون بسلقها وخلطها بالسكر البنى وجوز الهند ويطلق الإندونيسيون علي هذا النوع من حلوى البطاطا " الكولاك " .
 
ويحتل الأرز مكانا رئيسيا علي موائد الإندونيسيين سواء في رمضان أو في شهور السنة الأخرى ويقدم في صور عديدة أشهرها الأرز المسلوق الأبيض والأرز المحمر الذي يعرف باسم " ناسى جورينج " ويقدم إلي جانب الأسماك أو الدجاج أو اللحوم  . ويقوم الإندونيسيون في رمضان وأيام العيد بتناول نوع من الأرز المسلوق والمضغوط حيث يتم وضع الأرز قبل طهيه في عبوات صغيرة مغلقة علي شكل مربع أو مثلث  تصنع من أوراق النبات الخضراء المجدولة التى يتم أخذها من أشجار الموز أو سعف النخيل أو أشجار جوز الهند   ثم توضع العبوات الصغيرة المجدولة والمغلقة وبداخلها الأرز  في الماء الغزير المغلى حتي نضوج الأرز وتمدده ليصبح مضغوطا داخل عبوات أوراق النبات المجدولة وليكتسب المذاق الخاص الذي يفضله الإندونيسيون .
 
وعادة ما يؤدي الإندونيسيون صلاة المغرب مباشرة بعد تناول المشروبات والحلوى الرمضانية سريعا ثم يعودون للتجمع علي مائدة الإفطار لتناول الوجبة الرئيسية  التي عادة ما تتكون من الأرز الذي يتم طهيه بطرق متنوعة إلي جانب الأسماك أو الدجاج أو اللحم . ويستخدم عادة في طهى هذه الوجبة الرئيسية  حليب جوز الهند والتوابل والفلفل الأحمر الحريف والزنجبيل .
 
ويستعد الأندونيسيون بعد الإفطار لأداء صلاة العشاء والتراويح في المساجد والزوايا الصغيرة أو في ساحات المنازل الواسعة ويكثر الإندونيسيون من الذكر وتلاوة القرآن الكريم وحضور الندوات والدروس الدينية بالمساجد والتي تعرف باسم " تدارس " . ولايعرف الإندونيسيون السهرات الرمضانية التي يعتاد عليها المسلمون في دول أخرى  حيث يخلدون للنوم عقب صلاة التراويح والاستيقاظ قبل الفجر لتناول وجبة السحور .أما الشباب في المناطق والأحياء بمختلف أنحاء إندونيسيا فهم يتجمعون بالقرب من المساجد لترديد الأناشيد والابتهالات الدينية حتي موعد السحور حيث يوقظون النائمين من أجل السحور مستخدمين الطبول التقليدية الكبيرة التي تعرف باسم " البدوق " .ولا يوجد هناك تغيير كبير في مواعيد العمل بدواوين الحكومة أو شركات ومؤسسات القطاع الخاص خلال شهر رمضان  في إندونيسيا .
 
ويتميز سكان العاصمة الإندونيسية جاكرتا و خاصة سكانها الأصليون  الذين يعرفون باسم " البتاويين " بترحيبهم الخاص بشهر رمضان الذي يغير من عاداتهم اليومية المعروفة لتظهر  عاداتهم وتقاليدهم التى ارتبطت بالشهر الكريم وعاشت وقاومت الزمن وحافظت علي نفسها من الاندثار مثل حرص البتاويين على التجمع حول موائد الإفطار والحرص علي تلاوة القرآن الكريم وأداء صلاة التراويح بمساجد العاصمة ومن بينها مسجد الاستقلال .
 
ويرتبط  شهر رمضان في جاكرتا بوجود أنواع معينة من المأكولات والحلوى مثل الحلوى التي تعرف باسم " بوتو مايانج " وهي نوع من المخبوزات وكعك  " الدودول " الإسفنجي الذي يوضع في قوالب صغيرة وحلوي الكولاك التي تصنع من البطاطا المسلوقة وتكون علي شكل كور صغيرة مغطاة بجوز الهند الجاف المبشور وتعتبر ثمار جوز الهند التي تشتهر إندونيسيا  بإنتاجها هي القاسم المشترك بين مأكولات ومشروبات وحلوى  شهر رمضان بمختلف مناطق إندونيسيا  .

سامى راتب
الاربعاء 10 يوليوز 2013