نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


زمن ترقيع الأحزاب بتمزيق البلاد




قديما قال أجدادنا إنه لا يستدل على الحق بالرجال وإنما يستدل على الرجال بالحق. وهو ما يمكن ترجمته، بلغة اليوم، بأن معرفة مدى صحة موقف ما لا تتأتى بالرجوع إلى أسماء الأشخاص (زعماء كانوا أم شيوخا أم دكاترة..) الذين اتخذوه. بل العكس هو الصحيح: أي أن صحة المواقف هي التي تحدد قيمة الأشخاص. ذلك أن الشخص، أيا كان، ليس هو المعيار، بل صحة الموقف في ذاته.


وتمثل القيم الأخلاقية، في الغالب، المحك المرجعي الذي تمحص به صحة المواقف. صحيح أن مدى تطابق الرأي، بالاختبار العياني، مع الواقع هو محك صحة المواقف في مجال فهم راهن الشؤون البشرية أو توقع الآتي منها. غير أن من الجائز المحاججة بأن تقدير هذه الشؤون، التي تجد تعبيرها المركّز في السياسة والاقتصاد، إنما يكون أسلم كلما كان التقصي المعرفي مندرجا، بأوسع المعاني، في أفق الغائية الأخلاقية.
أما المنطق المعاكس لروح الحرص على تحري الحقيقة وطلب الحق والاستدلال بهما - 'الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها' - فهو منطق التعاطف أو التضامن البالغ حد 'التأييد الأعمى'. ولعل أبرز مثال لمنطق التضامن الآلي هذا هو مسلك أنصار فرق كرة القدم الذين ينصرون فريقهم المحبوب بارعا أو فاشلا، ظالما أو مظلوما. على أن التشيع لحزب سياسي لا يمنع، من الناحية المبدئية، من الاعتبار بالحقائق ومن الامتحان المستمر للأفكار والعقائد على محك الوقائع. أو هكذا كان الظن.. حتى أدركنا زمن حكم النهضة - هذا الحزب العقائدي الذي لا يمكن أن ينكر شعبيته إلا هواة التفكير الرغائبي.
ذلك أن هذا الحزب قد أدخل في عالم السياسة بدعة، هي نزعة العصبية المطلقة التي تضاهي، في ميكانيكيتها، تعصب أنصار الفرق الرياضية. وآية ذلك أنه إذا أحسن الحزب التقدير والتدبير عاضده الأنصار وآزروه. أما إذا أساء الحزب فهم الواقع، وأخفق في كل مجال، واستعدى معظم القوى الاجتماعية وأشاع الشعور بأنه قد زج بالبلاد في صحراء التيه، فماذا يحصل؟ô الشىء ذاته: يعاضده الأنصار كذلك ويؤازرونه، بل ويخرجون للشوارع في مظاهرات تأييد للنظام العتيد الذي يريد إسقاط الشعب الجحود! وما ذاك إلا من معجزات ما تسميه العامية التونسية 'اللعب على المريول'، أي تفاني اللاعبين والأحباء في بذل الغالي والنفيس في سبيل.. القميص (المريول) الرامز للفريق المعشوق.
هكذا آلت البلاد، بسبب من هذه العصبية المطلقة، إلى حالة عبثية من استحالة أي حوار حقيقي بين النهضة وبقية المجتمع. حيث يشعر معظم المواطنين أن بلادهم سائرة إلى المجهول أو صائرة إلى ما يهدد بنفي كل مقومات شخصيتها المعاصرة. أما سعيد النهضوي أبو النحس المتفائل أبدا، فإنه لا ينفك يردد كل يوم أن كفى تهويلا وتخويفا للتونسيين (كأن الواقع محايد في قضايا الخوف والطمأنينة!) ويجادل بشتى الطرق بأن الأمور عادية، بل وبأنها تتراوح بين الجيد والممتاز على مقياس ريختر الديمقراطي.
لقد أثمرت مثابرة النهضة على هذا التمرين مشهدا مخيفا: مجموعة 'شرعية' متراصّة، متحابّة في الحزب، ما تفتأ ترتق وترقع ثوب حزبها بتمزيق جسم بلادها وبث الفرقة بين أهلها...
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا، فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع!

مالك التريكي
السبت 2 مارس 2013