الصفحات
سياسة
وقد عثر جويرا تاناتنا على شجرة سيبا ، وهي شجرة استوائية ضخمة يمتد ظلالها، ويُعتقد أن لها خصائص طبية. ووصول جويرا تانانتا البالغ من العمر 55عاما إلى هذه الشجرة بعد المسيرة المنهكة خلال الغابة الحارة والرطبة أمر يستحق العناء.
"الشجرة الطبية هي شيء خاص. إنها تعطي قوة للمناطق المحيطة بها والكائنات الحية" ، حسبما اوضح المعالج التقليدي ، الذي كان يرافق وهو طفل والديه إلى الغابة لجمع النباتات الطبية وللتعرف على أسرارها.
لكن هذه المرة ،لايبحث تانانتا فقط عن النباتات التي يستخدمها في الشفاء ، فهو يخطط لشراء قطعة الأرض التي تنمو فيها اشجار السيبا من مزارع محلي لحماية المنطقة ، و تشكل جزءا من غابة الأمازون المطيرة ، التي يُطلق عليها اسم "رئة الكوكب" وتمتد إلى عدة بلدان في أمريكا الجنوبية.
وفي السنوات الأخيرة ، تم قطع الكثير من الأشجار هنا ، شرقي مدينة تامشياكو في مقاطعة لوريتو الواقعة شمالي بيرو.
وقد تم اقتلاع الأشجار من الغابة لبيعها كاخشاب ولزراعة الكاكاو. وتصدر بيرو 62000طن من محصول الكاكاو سنويا ، مقارنة بـ 4000 طن فقط في عام .2007
ويكافح هذا الاستغلال جويرا تانانتا وزوجته الألمانية أنجيليكا كوتزور (55 عاما) من خلال الجمعية المدنية لجسر الصداقة (أيه سي إي إل جي أيه ) التي قاما بتأسيسها قبل ثماني سنوات.
وقال جويرا تانانتا: "نريد أن نشتري أكبر مساحة من الأرض بقدر الإمكان للحفاظ عليها للمنطقة وحمايتها".
في البداية تم تأسيس الجمعية المدنية لجسر الصداقة لمساعدة الأطفال الفقراء على تلقي التعليم. ولكن بعد ذلك رأى الزوجان أن التهديد بإزالة الغابة يقترب منهما بشكل مباشرة.
وتتذكر كوتزور قائلةً: "لقد جاءوا في منتصف الليل وبدأوا في قطع الأشجار بمنشار ميكانيكي". وكان يتم اقتلاع الأشجار من الغابة لزراعة الكاكاو على بعد بضعة كيلومترات من الأكواخ التي بناها الزوجان كمركز للعلاجات الطبية التقليدية يتم توفيرها لزبائن اوروبيين .
وبعد أن اختفت مئات الهكتارات من الغابة ، قالت كوتزور ، "كان علينا القيام بعمل شيء "، مضيفة "لم نتمكن من إنقاذ الغابة بمفردنا . فالأشخاص هنا لن يتحركوا ،إلا إذا كانوا يقدرون قيمة الغابة ويفهمون أنها مورد رزقهم" .
وتم تحويل الجمعية المدنية لجسر الصداقة إلى منظمة بيئية، وبدأت بشراء 30 هكتارًا من الأراضي في عام 2014. وتمتلك الجمعية الآن أكثر من 300 هكتار وتوظف حوالي 12 شخصًا.
وقال راينهارد بيرند من الجمعية الألمانية "انقذوا الغابة المطيرة" إن شراء مساحات معينة من الغابة المطيرة هو وسيلة مؤكدة للحفاظ على الطبيعة.
وتدعم الجمعية الألمانية العمل الذي تقوم به الجمعية المدنية لجسر الصداقة ، مثلما يفعل البنك الاجتماعي الإيكولوجي الألماني(جي إل إس).
وقال بيرند: "من الأهمية بمكان حماية الغابة بشكل دائم بعد شرائها ، ولذلك من المهم للغاية دمج السكان المحليين في المشروع".
لم يتضح بعد ما إذا كانت عملية إزالة ما يصل إلى 3000 هكتار شرق تامشياكو لزراعة الكاكاو كانت قانونية.
وينص القانون البيروفي على أنه لايجوز ازالة الغابات الأصلية من أجل الزراعة الصناعية ، وهو ما يعتقد المعنيون بالحفاظ على البيئة أن هذا ما فعلته شركة الكاكاو المتحدة . ومع ذلك ، دفعت الشركة بقولها بإن جزءًا كبيرًا من المنطقة بالفعل يستخدم في الزراعة
وقال انصار حماية البيئة إن الشركة دفعت 1500 دولار لكل 50 هكتارًا من الأرض - وهي أموال كثيرة بالنسبة للسكان المحليين.
لم ترد شركة الكاكاو المتحدة ، ،التي مقرها جزر كايمان ،على رسالة بالبريد الإلكتروني ارسلتها وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وفي تامشياكو، وهى بلدة تطل على ضفة نهر الأمازون ، يعيش معظم السكان البالغ عددهم 6000 نسمة في منازل خشبية بسيطة سقوفها مصنوعة من أوراق النخيل أو الحديد المموج. ويعتقد الكثيرون منهم أن زراعة الكاكاو يمكن أن تجلب فرصًا اقتصادية للبلدة ، بينما يتوقع البعض الآخر اضطرابات ومشاكل فقط. من جهة اخرى ،تقترح الجمعية المدنية لجسر الصداقة استبدال مثل هذه المشاريع الصناعية وإحلال الزراعة الأيكولوجية محلها.
وقطعة الأرض التي تملكها الجمعية بالقرب من تاماشياكو ، يتم فيها زراعة الكاسافا والموز والأناناس وغيرها من المحاصيل. و زراعة خليط الفواكه والخضروات المختلفة يوفر بيئة نمو أفضل من زراعة محصول واحد مثل الكاكاو ، وفقا للجمعية.
"نأمل في إقناع المزراعين باللجوء بشكل اكبر إلى الزراعة الأيكولوجية في أراضيهم وبطرق مثمرة" ، بحسب كوتزور ، التي لا تزال ترتدي أحذية مطاطية بعد زيارة قطعة الأرض التابعة للجمعية.
وباستخدام منجل لشق طريقه عبر متسلقات خشبية والشجيرات الصغيرة ،وجد زوجها طريق عودته من الغابة ، والقى نظره حوله.
وتصدر الحشرات ازيزا بين الاشجار . ويحلق طائر طنان بالقرب منه ، وهذا ما يريد جويرو تانانتا الحفاظ عليه للاجيال القادمة.
