المراعي السورية جافة أيضا والكل ينتظر الرحمة
" لقد جفت ارضي بالكامل" يقول أبو عبد الله بتأثر بينما ينظر باقي أفراد أسرته المكونة من 15 طفلا، في الخيمة التي تشكل غرفة المعيشة. أتي مع أسرته الكبيرة من الشمال الشرقي لسوريا حيث كانت معيشته المتواضعة تعتمد علي قطعة صغيرة خصبة يزرعها بالقمح.
يقضي أبو عبد الله أيامه ألان في حقل مغبر جوار طريق المرور السريع بين دمشق والجنوب السوري. إن وجد ثمة عمل فهو المشاركة في جني ثمار الطماطم لمزارع في الجوار، حيث يحصل الفرد علي 100 ليرة في اليوم، وهو ما يساوي يورو ونصف، الأمر الذي لا يكفي لتوفير العيش في مسكن خاوي من كل شيء.
هنالك كارثة لا يستهان بها تنذر بالحدوث في سوريا في الشمال الشرقي الذي يعتبر بمثابة مخزن الحبوب للبلد كله، حيث لم تهطل أمطار للعام الثالث علي التوالي. بحسب أرقام الأمم المتحدة واجه حوالي 150 ألف مزارع فشل موسم الحصاد. ملاك المواشي الكبار والمتوسطين فقدوا ثمانين بالمائة من قطعان مواشيهم التي نفقت جراء نقص العشب والغذاء.
كما فقد حوالي 800 ألف شخص كل ما يملكونه، حيث تمثل هذه النسبة واحدا من كل 25 شخص في سوريا.
" نحن نتحدث هنا عن أناس يعيشون علي الخبز والشاي المحلي بالسكر لأكثر من عام "
تقول سيلفانا جيوفريدا Silvana Giuffrida نائية رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في سوريا.
تقول تقارير الأمم المتحدة بأن واحد من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة في محافظة الرقة في الشمالي الشرقي لسوريا مصاب بسوء التغذية، مقابل واحد من كل عشرة أطفال في باقي أنحاء البلاد.
الجفاف الضارب مضاف إليه ارتفاع أسعار الوقود والغذاء تجبر الناس علي بيع ممتلكاتهم وتشغيل أطفالهم. تضاعف عدد المشردين في الأشهر الستة الماضية ليصل إلي 60 ألف أسرة تتجول عبر سوريا بحثا عن سبل لكسب العيش مثل جني الطماطم أو اقتلاع الأعشاب الضارة في ألاماكن الخصبة بالقرب من هضبة الجولان جنوب سوريا.
حين تفارق طريق المرور السريع ستجد في منطقة زراعية صغيرة (خمسة في عشرة كيلومترات) العشرات من تجمعات الخيام يسكنها مواطنين يعيشون في فقر مدقع أتوا من الشمال الشرقي. يقدر عددهم بالآلاف مما يشير إلي أن جنوب سوريا يأوي عشرات الآلاف من النازحين الهاربين من الجفاف.
يهاجر الرجال في الغالب منذ بضع سنوات للعمل كعمال موسميين، ولكن استمرار الجفاف اضطرهم لقضاء فصل الشتاء في الجنوب حيث لحقت بهم أسرهم أيضا.
" قريتي كلها متواجدة هنا"، يقول محمد مزارع القمح الذي يعيش منذ ثلاث سنوات في خيمة مهلهلة بالقرب من مزرعة للطماطم. ويضيف " في السنة الأولي كانت هنالك حوالي 20 أسرة ، ثم ارتفع العدد إلي خمسين ليبلغ الآن خمسمائة".
الأطفال يلعبون بأقدام حافية علي الرمال وبين الحشرات. ليست هنالك مياه شرب ولا كهرباء، لا تصريف صحي ولا أي نوع من المساعدة. غياب المساعدة يعود لسببين، الأول أن هذه الظاهرة جديدة تماما وغير مسبوقة. السبب الثاني أن الحكومة السورية غير راضية عن زحف عشرات الآلاف من السكان المنكوبين ناحية الجنوب ليؤثروا بشكل سلبي علي الحالة الاقتصادية هناك. كما أن قلة الموارد المالية بشكل مزمن يلعب دوره أيضا في هذه الحالة.
طلبت منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا مبلغ عشرين مليون دولار في العام الماضي لمساعدة المتأثرين بالجفاف، ولكنها لم تحصل إلا علي أربعة ملايين.
أنشطة المساعدة القليلة الموجودة تم تركيزها في الشمال الشرقي حيث بدأت الحكومة السورية العام الماضي ،مدعومة من قبل برنامج الغذاء العالمي وعدد من المنظمات غير الحكومية ، بتوزيع الأغذية علي الأسر الضعيفة التي تخلفت في تلك المنطقة.
تقول الأمم المتحدة إنها تحتاج لمبلغ 53 مليون دولار في العام المقبل لتوفير ا لعون الغذائي والطبي للمتأثرين. كما تنوي المنظمة تزويد المزارعين بالبذور والمواشي بأمل أن يتحسن منسوب هطول الأمطار في الموسم القادم.
مشرد
يجب أن يساهم تحسين الحالة في الشمال الشرقي في تشجيع العائلات المهاجرة علي العودة إلي ديارها. المشكلة أن الكثير من هذه العائلات لا تري أية فائدة من العودة كما يشرح أبو عبد الله ذلك : " لم يتبق للأرض ما تعطينا إياه ".
ولكنه مع ذلك يتطلع للأخبار القادمة من الشمال لان الفقر قد نهشه.
" قبل توقف الأمطار كان العشب ينمو لوسطي" يقول هذا واضعا يده علي خصره. " كانت الحالة جيده وكنت انفق علي أسرتي ، ولكني تحولت الآن إلي مشرد، صار الناس ينفرون مني، لقد جردتني هذه الحياة من قيمتي"
يقضي أبو عبد الله أيامه ألان في حقل مغبر جوار طريق المرور السريع بين دمشق والجنوب السوري. إن وجد ثمة عمل فهو المشاركة في جني ثمار الطماطم لمزارع في الجوار، حيث يحصل الفرد علي 100 ليرة في اليوم، وهو ما يساوي يورو ونصف، الأمر الذي لا يكفي لتوفير العيش في مسكن خاوي من كل شيء.
هنالك كارثة لا يستهان بها تنذر بالحدوث في سوريا في الشمال الشرقي الذي يعتبر بمثابة مخزن الحبوب للبلد كله، حيث لم تهطل أمطار للعام الثالث علي التوالي. بحسب أرقام الأمم المتحدة واجه حوالي 150 ألف مزارع فشل موسم الحصاد. ملاك المواشي الكبار والمتوسطين فقدوا ثمانين بالمائة من قطعان مواشيهم التي نفقت جراء نقص العشب والغذاء.
كما فقد حوالي 800 ألف شخص كل ما يملكونه، حيث تمثل هذه النسبة واحدا من كل 25 شخص في سوريا.
" نحن نتحدث هنا عن أناس يعيشون علي الخبز والشاي المحلي بالسكر لأكثر من عام "
تقول سيلفانا جيوفريدا Silvana Giuffrida نائية رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في سوريا.
تقول تقارير الأمم المتحدة بأن واحد من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة في محافظة الرقة في الشمالي الشرقي لسوريا مصاب بسوء التغذية، مقابل واحد من كل عشرة أطفال في باقي أنحاء البلاد.
الجفاف الضارب مضاف إليه ارتفاع أسعار الوقود والغذاء تجبر الناس علي بيع ممتلكاتهم وتشغيل أطفالهم. تضاعف عدد المشردين في الأشهر الستة الماضية ليصل إلي 60 ألف أسرة تتجول عبر سوريا بحثا عن سبل لكسب العيش مثل جني الطماطم أو اقتلاع الأعشاب الضارة في ألاماكن الخصبة بالقرب من هضبة الجولان جنوب سوريا.
حين تفارق طريق المرور السريع ستجد في منطقة زراعية صغيرة (خمسة في عشرة كيلومترات) العشرات من تجمعات الخيام يسكنها مواطنين يعيشون في فقر مدقع أتوا من الشمال الشرقي. يقدر عددهم بالآلاف مما يشير إلي أن جنوب سوريا يأوي عشرات الآلاف من النازحين الهاربين من الجفاف.
يهاجر الرجال في الغالب منذ بضع سنوات للعمل كعمال موسميين، ولكن استمرار الجفاف اضطرهم لقضاء فصل الشتاء في الجنوب حيث لحقت بهم أسرهم أيضا.
" قريتي كلها متواجدة هنا"، يقول محمد مزارع القمح الذي يعيش منذ ثلاث سنوات في خيمة مهلهلة بالقرب من مزرعة للطماطم. ويضيف " في السنة الأولي كانت هنالك حوالي 20 أسرة ، ثم ارتفع العدد إلي خمسين ليبلغ الآن خمسمائة".
الأطفال يلعبون بأقدام حافية علي الرمال وبين الحشرات. ليست هنالك مياه شرب ولا كهرباء، لا تصريف صحي ولا أي نوع من المساعدة. غياب المساعدة يعود لسببين، الأول أن هذه الظاهرة جديدة تماما وغير مسبوقة. السبب الثاني أن الحكومة السورية غير راضية عن زحف عشرات الآلاف من السكان المنكوبين ناحية الجنوب ليؤثروا بشكل سلبي علي الحالة الاقتصادية هناك. كما أن قلة الموارد المالية بشكل مزمن يلعب دوره أيضا في هذه الحالة.
طلبت منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا مبلغ عشرين مليون دولار في العام الماضي لمساعدة المتأثرين بالجفاف، ولكنها لم تحصل إلا علي أربعة ملايين.
أنشطة المساعدة القليلة الموجودة تم تركيزها في الشمال الشرقي حيث بدأت الحكومة السورية العام الماضي ،مدعومة من قبل برنامج الغذاء العالمي وعدد من المنظمات غير الحكومية ، بتوزيع الأغذية علي الأسر الضعيفة التي تخلفت في تلك المنطقة.
تقول الأمم المتحدة إنها تحتاج لمبلغ 53 مليون دولار في العام المقبل لتوفير ا لعون الغذائي والطبي للمتأثرين. كما تنوي المنظمة تزويد المزارعين بالبذور والمواشي بأمل أن يتحسن منسوب هطول الأمطار في الموسم القادم.
مشرد
يجب أن يساهم تحسين الحالة في الشمال الشرقي في تشجيع العائلات المهاجرة علي العودة إلي ديارها. المشكلة أن الكثير من هذه العائلات لا تري أية فائدة من العودة كما يشرح أبو عبد الله ذلك : " لم يتبق للأرض ما تعطينا إياه ".
ولكنه مع ذلك يتطلع للأخبار القادمة من الشمال لان الفقر قد نهشه.
" قبل توقف الأمطار كان العشب ينمو لوسطي" يقول هذا واضعا يده علي خصره. " كانت الحالة جيده وكنت انفق علي أسرتي ، ولكني تحولت الآن إلي مشرد، صار الناس ينفرون مني، لقد جردتني هذه الحياة من قيمتي"