ومع دخول الازمة الاوكرانية فصلا جديدا ساخنا تعود للذاكرة عبارته التي اختتم بها اول خطاب له في البرلمان بعد انتخابه
"أحل البرلمان الأوكراني الثامن.. المجد لأوكرانيا" وفي ذلك اليوم ختم رئيس البرلمان أندري باروبي الجلسة بالقول ساخرا "شكرا لكم.. كان الأمر مرحا"، ثم أقر أن هذا الأمر يتجه بالبلاد نحو أزمة سياسية وصيف شديد السخونة. ويبدو ان توقعه كان صحيحا ففي الوقت الذي تشتد فيه المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة بما يوصف بأنه أخطر صراع جيوسياسي منذ نهاية الحرب الباردة، تحولت أوكرانيا تحت قيادة الممثل الكوميدي السابق فولوديمير زيلينسكي الذي تولى حكم البلاد في حالة نادرة الحدوث عام 2019، لتصبح المسرح الرئيسي لهذه المنافسة المحتدمة.
فبعد نجاح حملته الانتخابية البسيطة في استقطاب الأوكرانيين الذين سئموا من فساد النخبة السياسية التي حكمت البلاد طوال 3 عقود في مرحلة ما بعد الحكم السوفييتي، اصطدم زيلينسكي بواقع الأطماع الروسية التي احتلت شبه جزيرة القرم عام 2014 وتحاول الآن فرض سيطرتها على الجارة أوكرانيا وانتزاع حكم ذاتي للانفصالين الموالين لها بالمناطق الشرقية.
ولد فولوديمير زيلينسكي لأبويْن يهودييْن في مدينة كريفي ريه الصناعية في جنوب أوكرانيا يوم 25 يناير/كانون الثاني 1978. عندما كان طفلاً صغيراً، انتقلت عائلته إلى إردينت في منغوليا لمدة أربع سنوات قبل العودة إلى مسقط رأسه حيث التحق بالمدرسة هناك. ومثل العديد من الأشخاص من منطقة دنيبروبتروفسك بأوكرانيا، نشأ كمتحدث للغة الروسية، لكنه اكتسب أيضاً طلاقة في اللغتين الأوكرانية والإنجليزية.
عقب الإطاحة بحكومة فيكتور يانوكوفيتش بعد شهور من الاحتجاجات الشعبية في فبراير/شباط 2014، وانتخاب الملياردير بيترو بوروشنكو رئيساً لأوكرانيا الذي شهدت حقبته اندلاع التمرد المدعوم من روسيا في شرق أوكرانيا واستشراء الفساد الذي قوّض ثقة الجمهور في الحكومة، تقاطعت مسيرة فولوديمير زيلينسكي الترفيهية مع الأحداث الزلزالية التي كانت تعيشها بلاده.
وفي عتمة الليالي الحالكة التي كانت تعيشها أوكرانيا، عرضت شبكة 1+1 الأوكرانية لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2015 مسلسل خادم الشعب الذي لعبه فيه زيلينسكي دور مدرس تاريخ انتخب رئيساً لأوكرانيا بعدما أصبح ظاهرة فيروسية على الإنترنت بعد أن صوره أحد الطلاب وهو يلقي خطاباً حماسياً ومليئاً بالألفاظ النابية ضد الفساد الحكومي.
اتخذ زيلينسكي خطوات لإبعاد نفسه عن الملياردير كولومويسكي مالك شبكة 1+1 والذي كان سابقاً حليفاً قوياً لبوروشنكو، وهي المهمة التي نجح بتبسيطها من خلال اتباع استراتيجية غير تقليدية في حملته الانتخابية، إذ فضل تجنب البيانات السياسية التفصيلية والمؤتمرات الصحفية لصالح الخطب القصيرة أو الفيديوهات الكوميدية التي كان ينشرها على يوتيوب وانستغرام
وعلى الرغم من محاولة بوروشنكو تصوير زيلينسكي على أنه مبتدئ سياسي يفتقر إلى الجرأة لمواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإنه فشل في توجيه أي ضربات كبيرة ضد خصمه، الأمر الذي مكن زيلينسكي من الفوز بالجولة الانتخابية الثانية التي عقدت في 21 أبريل/نيسان 2019، والتي انتهت بانتخاب زيلينسكي رئيساً لأوكرانيا بعد حصوله على 73% من أصوات الناخبين.
وامس فقط وصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، بـ"الشخص غير المتوازن وغير المستقل" و"يمكنه الإقدام على أي شيء".
وأوضح لافروف، في حديث للقناة "روسيا-1"، اليوم الثلاثاء، تعليقا على إمكانية اتخاذ زيلينسكي خطوات لتصعيد العلاقات بين روسيا وأوكرانيا، أنه قرأ ما قاله الأخير في الخطاب الذي ألقاه فجر الثلاثاء للشعب الأوكراني، مصرحا: "يمكن توقع كل شيء منه. إنه شخص غير متوازن وغير مستقل يعتمد على إملاءات المشرفين الأمريكيين عليه".