نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


سامح شكري بين ‘رز‘ الخليج ومايكروفون الجزيرة ومعطف بوتين







سامح شكري... وزير خارجية من طراز خاص.

فالرجل الذي وصفته مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية بأنه: "يحاول تجميل وجه النظام البشع..." يبدو أنه بحاجة اليوم، لمن يجمّل مواقفه وردود فعله الشخصية هو أيضاً.


 
 

الوزير المصري قال في مقابلة مع (ديتشه فيلله) وفي إطار تعليقه على التحركات السعودية لإرسال قوات برية إلى سوريا: "إن العمل من خلال الأمم المتحدة والمبعوث الدولي هو الوسيلة المثلى لتحقيق وحدة سوريا". معتبرا أن: "الحل العسكري في سوريا أثبت خلال السنوات الماضية عدم جدواه، وأن الحلول السلمية هي المثلى".

كان يمكن أن يبدو هذا الكلام وجهة نظر تستحق الاحترام، بغض النظر عن اختلافنا حول التفاصيل، أو "الشيطان الذين يكمن في التفاصيل" لو قال هذا الوزير الكلام نفسه عن التدخل الروسي غير السلمي في سورية.. والذي لا يجهل أحد أنه لم يكن بتفويض من الأمم المتحدة!

غير أن مواقف شكري من العدوان الروسي على سورية كانت مختلفة تماماً... فالسيد شكري رفض من برلين قبل أسابيع، توجيه أي انتقادات للضربات الروسية على سورية، معرباً عن ثقته بما أسماه: " قدرة روسيا على التفريق بين المنظمات الإرهابية والأهداف الأخرى "

 وقبل هذا كان أول من أيّد هذا العدوان حين صرّح في مقابلته على قناة (العربية)  في الرابع من تشرين الأول /  أكتوبر 2015 وبعد أيام قليلة على بدء هذا العدوان في الثلاثين من أيلول / سبتمبر أن: "الضربات الجوية الروسية على معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا ستسهم في القضاء على الإرهاب في هذا البلد" وأن: "دخول روسيا بإمكاناتها وقدراتها في هذه الحرب، بتقديراتنا، سيحد من تأثير الإرهاب في سوريا، والقضاء عليه" مشيراً في الوقت ذاته أن اتصالاتهم المباشرة مع الجانب الروسي أكدت "اهتمام روسيا بمقاومة الإرهاب، والعمل على محاصرة انتشار الإرهاب في سوريا".

يومها لم يكن قد مضى 48 ساعة على البيان السباعي الذي أصدرته كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا وقطر والسعودية، لتندّد بالضربات الروسية في سورية، ولتقول بالحرف: "نحن حكومات كلّ من فرنسا وألمانيا وقطر والسعودية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، نعرب عن قلقنا البالغ حيال التعزيزات العسكرية الروسية في سوريا، وخصوصاً الهجمات التي نفذتها القوات الجوية الروسية في ‏حماة و‏حمص وإدلب، والتي أدّت إلى وقوع ضحايا في صفوفالمدنيين ولم تستهدف تنظيم داعش".  داعية روسيا إلى "وقف هجماتها فوراً على المعارضة السورية والمدنيين وتركيز جهودها على مكافحة تنظيم داعش".

ويومها كتب الإعلامي السعودي "جمال خاشقجي" مشيراً إلى أن السعودية لن تقبل من حليفتها مصر أن تدعم الخصم الروسي، منتقداً ما وصفه "التحمس المصري للعدوان الروسي في سوريا". لكن مصر "الحليفة" التي ودّعت الأيام الأخيرة من العام 2015 بحصولها على جرعة دعم إضافي من السعودية بلغت (8) مليار دولار أإضافة إلى توجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز  بالإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة 5 سنوات، إضافة إلى دعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية.. أعادت قبل أيام ليس فقط دعمها للعدوان الروسي، بل "ثقتها" فيه!

ويبدو أن الشعب السوري يشارك سامح شكري هذه "الثقة" بالعدوان الذي يتناول مدنهم وقراهم ومدارسهم ومستشفياتهم وبيوتهم، بدليل أن حصيلة المائة يوم الأولى من بدء العدوان كانت نزوح حوالي ربع مليون سوري واثقين من أن ما تفعله روسيا سيسهم في "مقاومة الإرهاب" بدل أن يحدث العكس كما يقول المنطق، ويعود المهجرون الذين أغلقت معظم دول العالم أبوابها في وجوههم... إلى وطنهم المبتلى بـ "أشقاء" من شاكلة سامح شكري ونبيل العربي والسيسي وسواهم!

سامح شكري يبدو أكثر ثقة من أمريكا نفسها... التي سبق أن صرحت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط (آن باترسون) أمام لجنة في الكونغرس في أكتوبر من العام الفائت أن:"ما بين 85 و90% من الضربات التي نفذتها روسيا في سوريا أصابت المعارضة السورية المعتدلة". وقالت (باترسون) أمام مشرعين بمجلس النواب الأمريكي "حاولت موسكو بأسلوب ساخر الزعم أن ضرباتها تتركز على الإرهابيين، لكن حتى الآن ما بين 85 و90 في المئة من الضربات الروسية استهدفت المعارضة السورية المعتدلة

منظمة (هيومنرايتسووتش) قالت في تقرير لها في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي أيضاً، إن غارتين جويتين روسيتين أدتا، بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول 2015، إلى مقتل 59 مدنيا – بينهم 33 طفلا – إضافة إلى قائد مجموعة معارضة مسلحة محلية. وأوضح تقرير المنظمة بشكل موثّق أن الهجوم الأعنف أصاب منزلا في قرية (الغنطو) بريف حمص، اتخذته عائلة (عساف) مأوىً لها، ما أسفر عن مقتل 46 من أفراد الأسرة جميعهم من المدنيين، بينهم 32 طفلا و12 امرأة وذلك وفقا لمسعفين ونشطاء محليين. الضحايا أقرباء قائد محلي ينتمي إلى "الجيش السوري الحر" المعارض، لكن شهود عيان قالوا إنه لم يكن حينها في المنزل بل على الجبهة. أما الغارة الجوية الثانية، فكانت على بلدة (تير معلة) المجاورة، حيث أصابت جوار مخبز، وفقا لشهود عيان محليين، وقتلت 13 مدنيا على الأقل وقائد محلي في الجيش الحر، منشق عن الجيش الحكومي.. لكن رغم ذلك فسامح شكري واثق ومرتاح الضمير.

منظمة العفو الدولية (أمنستي)، اتهمت في تقرير أصدرته في الثالث والعشرين من كانون الأول / ديسمبر 2015 روسيا بقتل "مئات المدنيين" والتسبب "بدمار هائل" في سوريا خلال الغارات الجوية التي تشنها على مناطق سكنية، معتبرة أن هذه الضربات قد ترقى لتكون "جرائم حرب"."

وقالت المنظمة في تقريرها إن "الضربات الجوية الروسية أسفرت عن مقتل مئات المدنيين وتسببت بدمار هائل في مناطق سكنية، حيث أصابت منازل ومسجداً وسوقاً مكتظة بالناس بالإضافة إلى مرافق طبية، وذلك في نمط هجمات يظهر أدلّة على وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني،  كما أفادت المنظّمة بأنها وثقت "أدلة تشير إلى استخدام روسيا للذخائر العنقودية المحظورة دولياً والقنابل غير الموجهة في مناطق سكنية مكتظة"، ومع ذلك فإنّ سامح شكري لا يخامره أي شك بأن روسيا تستطيع التفريق.. 

أكثر من ذلك... فإن ضربات موسكو "الموثوقة بقدرتها على التفريق" استهدفت ألدّ أعداء تنظيم الدولة الإسلامية ومن كان يقول فيها ما لم يقله مالك في الخمر، في منطقة خالية من وجود عناصر التنظيم ومحاصرة من قبل قوات الأسد: الشيخ (زهران علوش) قائد جيش الإسلام، والذي اغتيل يوم الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول 2015 بغارة جوية استهدفته وبعض قياديي (جيش الإسلام) في بلدة (أوتايا) بمنطقة المرج في الغوطة الشرقية (ريف دمشق).

(جيش الإسلام) الذي كان يقوده علوش، كان ممثلاً في مؤتمر الرياض. ولا ندري إن كان السيد شكري يعتبر أن السعودية التي تمنحهم المليارات، تجمع في عاصمتها ثلة من الإرهابيين في نظره.. كما يمكن أن يهمس بعض المماحكين المصريين، من أن عداء علوش لداعش ليس دليلاً على أنه ليس "إرهابياً" في المقاييس السيسية!

لطالما تساءلت وأنا أتابع تصريحات سامح شكري، التي تبيح قتل الأبرياء، وتتعامى بكلّ دم بارد عن كل التقارير والصور والأرقام والتصريحات التي صدرت بحق جرائم العدوان الروسي في سورية، وبعضها نشر في صحف ومواقع مصرية...  من أين يأتي سامح شكري بكل هذه الثقة... وبهذه الطمأنينة؟

الحقيقة أنني لم أجد جواباً على كل تساؤلاتي، سوى أنه شكري (الدكر) و(أسد الخارجية) كما وصفته قناة (الفراعين) التي تمثل اليوم أغرب تجليات العقل المصري، قد استطاع أن ينتصر على مايكروفون قناة (الجزيرة) في ختام اجتماعات سد النهضة في الخرطوم.. وأن يرمي به تحت الطاولة في المؤتمر الصحفي الذي أعقب إعلان فشل وهزيمة زعيم الديبلوماسية المصرية هذا، في تخفيف أي نتائج سلبية لهذا السد على اقتصاد وحياة بلاده... ما أشعل وسوم التوتير بالحديث عن عمله البطولي والديبلوماسي الرعاعي غير المسبوق... في زمن كل ما فيه غير مسبوق في مصر أيضاً! 
أما موقفه من التدخل السعودي – التركي المحتمل في سورية... فهو لا يشذ أبداً عن كل تناقضاته ومخازيه السابقة. أنه يقول ببساطة أن ما هو حلال على روسيا التي أهدت السيسي معطف النجمة الحمراء الذي ظهر وهو يتشارك في ارتدائه مع أحد مرافقي بوتين... حرام على حليفنا السعودي مهما تسولنا منه "الرز"  من فلوس الخليج التي "زي الرز"  وأن ما هو حلال على أصدقاء الأسد وداعمي وصناع إجرامه... حرام على كل من ينادي بإسقاطه... ومن مصر العروبة نقول لكم: إن روسيا التي اعتبرت كنيستها الأرثوذكسية حربها في سورية "مقدسة"... يحق لها في سورية ما لا يحق للشقيق
السعودي أو الجار التركي المسلم.. وتحيا مصر
--------
ليفانت


محمد منصور
الاربعاء 17 فبراير 2016