نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


صرعة أميركية.. باعة جائلون يقدمون فنون الطهي العالمية على نواصي الشوارع




واشنطن - سيلفيا أيوسو - ماذا نتناول اليوم على الغداء هل التاكوس المكسيكي أم المقبلات الإسبانية، أم الكباب العربي، أو الباربكيو الأمريكي، أطباق هندية أم صينية، أم الباستا الإيطالية التقليدية أو أطباق البيم بيم باب الكورية المطعمة بالخضار واللحم والبيض، أم نكتفي أحيانا بمجرد قطعة كيك أو شطيرة محلاة بالسكر؟


صرعة أميركية.. باعة جائلون يقدمون فنون الطهي العالمية على نواصي الشوارع
إذا كان السؤال محيرا فإن الجواب عليه أصبح بالفعل في متناول اليد أو على مرمى حجر، حيث أصبحت كل هذه الخيارات مجتمعة متاحة على الناصية المقابلة، وبأسعار تناسب الجميع، بسبب صرعة جديدة تجتاح الولايات المتحدة تسمى "عربات الغذاء"، وهي عبارة عن شاحنة يتم تحويلها إلى مطعم متجول يقدم فنون الطهي العالمية لجمهور متنوع من الزبائن.
 
كانت العاصمة واشنطن آخر مدينة أمريكية تحتفي بهذه الصرعة الغذائية الجديدة، التي غزت الولايات المتحدة منذ سنوات من كاليفورنيا وحتى نيويورك.
 
تقول داون موظفة تعمل بوسط واشنطن "أتردد على هذه النوعية من المحال، مرة واحدة أسبوعيا على الأقل، الطعام لذيذ، كما أنها طريقة جيدة للتواصل الاجتماعي، رؤية الناس، فضلا عن ممارسة القليل من رياضة السير لعدة أمتار من مكتبي إلى المكان، إنه أمر رائع". 
 
قبل قليل من انتصاف النهار، تجلس برغم ملبسها المتأنق وتنورتها الضيقة، على العشب بأحد ميادين المدينة، عقب حصولها على طبق طعام من هذه الشاحنات. تمزح قائلة "كان اختياري هذه المرة من القائمة الهندية على سبيل التغيير حيث اعتدت على تناول الطعام الكوري". 
 
بالرغم من أن شاحنات الطعام تتواجد طوال أيام الأسبوع، إلا أن الجمعة، يعتبر أفضل الأيام بالنسبة لنشاطها، نظرا لأن إيقاع العمل في معظم المكاتب الحكومية ومكاتب المنظمات الدولية المنتشرة بوسط المدينة، يكون أهدأ. في مثل هذا اليوم يمكن أن تتجمع بوسط واشنطن أكثر من عشر شاحنات طعام في منتصف النهار تقدم الأطباق المتنوعة من مختلف الثقافات العالمية.
 
الأخوان البيروانيان جوزيبي وماريا، هما أحدث العاملين في هذا المجال، حيث افتتحا مشروع شاحنتهما منذ عدة شهور فقط، ودشناه تحت مسمى "الإخوان البيروانيون"، وبالرغم من ذلك فإن مطعمهما المتجول يحظى بإقبال جماهيري كبير لدرجة أن طوابير الزبائن عليه أصبحت ظاهرة في وسط واشنطن.
 
برغم أعوامه الثلاثين يعتبر الدخول في مجال الطعام نقطة تحول هامة في مسار حياة جوزيبي، حيث قبل عام واحد فقط في لندن يشارك ضمن فريق التجديف الأمريكي في بطولة الألعاب الأوليمبية. ومع ذلك يرى الشاب البيرواني أنه برغم اختلاف المجالين فإن العمل بالمطاعم يتطلب التزاما كبيرا وتحمل للمسؤولية على غرار التجديف.
 
ويؤكد جوزيبي "يجب أن يكون طعامنا ممتازا كل الأيام، يجب أن تكون مواعيدنا دقيقة ومحددة كل الأيام، وانضباطي كرياضي سابق ساعدني على أن أدخل في مجال المطاعم وأن أصبح صاحب مشروع ناجح يقبل عليه الناس".
 
ولهذا لا يشعر الشاب البيرواني بأي عبء بسبب الأيام التي يكون ضغط العمل فيها أكبر، أوبسبب اضطراره لبذل المزيد من الجهد للترويج للشطائر البيروانية التقليدية، جنبا إلى جنب مع شطائر اللحم أو أطباق الباربكيو أو السلطات أو أطباق الحلوى المصنوعة من الهلام والقرفة أو الأرز بالحليب أو الغريبة ذات الأصول الشرقية، والتي لا يزال شقيقه ماريو يحتفظ بأسرارها التي ورثها عن عائلته أبا عن جدا.
 
 
يمزح جوزيبي قائلا "أحيانا أعتقد أن الناس لن يأكلوا كل الأطباق وأنه في النهاية سيتبقى لنا شيئا لنتناوله في المساء، ولكننا كل مرة نفاجئ بأن الزبائن أجهزوا على الطعام بالكامل ولم يتبق لنا شيئا".
يعتبر منتصف النهار، ساعة الذروة بالنسبة لعربات الطعام، بالرغم من أن بعضها لديه بالفعل تصاريح للعمل إلى ساعات إضافية، فيما يبدأ توافد الزبائن على العربات منذ الحادية عشرة صباحا، وفي هذه الساعة يكون الأخوان لورنزو قد بدءا بالفعل نشاطهما، الذي يمتد لساعات طويلة بعد منتصف النهار وبلا توقف. 
 
نظرا لضيق المساحة المخصصة لكل عربة في المكان، يضطر العاملون لاستخدام الحيز المتاح لهم بحساب، كما يقتصدون في الأجهزة المستخدمة سواء الموقد أو المبرد أو غسالة الأطباق، أو الحامل الذي يتم ترتيب أصناف الطعام، والمفارش. ويشرف على كل عربة شخصان على الأكثر، برغم ضيق المكان وارتفاع درجات الحرارة.
 
إنه عمل دقيق يمثل النجاح فيه تحدٍ كبير بالنسبة لمن يخوضون هذا المجال، لكي تحافظ على زبون يقبل على قائمة طعام معينة، مع الاستمرار في المنافسة من خلال سرعة الأداء وجودة المنتج، حيث لا يتعين على الزبائن الانتظار لمدة طويلة في حر الشمس لحين تلبية طلباتهم، وإلا انصرفوا إلى عربات أخرى وهي كثيرة.
 
يتحدث ماريو دون توقف عن أداء عمله، حيث يقوم بوضع أواني اللحم وأطباق الشطائر المحشوة التي يتم إعدادها يوما بيوم في المنزل، بينما يضع اللمسات الأخيرة على أصناف السلطات والصلصات المختلفة.
 
في الوقت نفسه يقوم جوزيبي الذي وصل قبل أخيه بعدة ساعات ليتمكن من حجز مكان مميز لعربتهما، بترتيب العبوات التي يقدم فيها الطعام، نسق الزهور التي يتم تقديمها للترحيب بالزبائن، على المشرب المعدني الذي يتم إقامته أسفل المظلة المتدلية من فتحة الشاحنة لكي يتم استخدامها كنافذة للتعامل من خلالها مع الزبائن، ولمزيد من سرعة الأداء، يتأكد من توافر كميات كافية من الفكة لرد الباقي.
 
  هاجر ماريو وأخاه جوزيبي من مسقط رأسهما بميناء كاياو، في ضواحي العاصمة البيروانية ليما، إلى الولايات المتحدة منذ خمسة عشر عاما، ولكنهما يحرصان على الاحتفاظ بروح بيئتهما الطبيعية، ومن ثم يحتفظان بالموسيقى الفولكلورية التي كان يستمعان إليها في صباهما، داخل الحيز الضيق الذي توفره لهما عربة الطعام المتمركزة في وسط واشنطن.
 
وتحتدم المنافسة بين عربات الطعام التي تم تسجيل نحو 50 منها في واشنطن وحدها في السنوات الأخيرة، ولكن في إطار روح المودة والتعاون كما يؤكد جوزيبي، وخير دليل على ذلك هو طبق طعام الغداء الذي يسعى جارهم في النفس المجال للحصول عليه يوميا، برغم أن له عربة تقدم طعاما شهيا.     
أصبحت عربات الطعام المتجولة، رمزا للحداثة في الولايات المتحدة، ويعتبر عدم استقرارهم في مكان محدد من العوامل الأساسية لنجاحها، حيث يسعى أصحابها دوما إلى البحث عن المكان المناسب للوقوف في المكان الأفضل. كما أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك، باتت فضاء مهما يساعد على انتشارها، حيث يعلنون من خلالها يوميا عن مكان تواجدهم الجديد، فضلا عن قائمة الطعام، وعدد ساعات التواجد.
 
يؤكد جوزيبي "إنها وسيلة دعاية بسيطة وسهلة وقليلة التكاليف، مما جعلها لا غنى عنها بالنسبة لمشاريعنا". فيما يوضح ماريو أن افتتاح مطعم ثابت يحتاج إلى مبالغ ضخمة، مما جعلهما يضحيان بحلمهما في افتتاح مطعم ثابت من أجل عربة الطعام التي تنتقص من قدرهما كطهاة محترفين.
 
يقول ماريو "مهما كانت شاحنتك قبيحة أو جميلة، كبيرة أو صغيرة، الناس تأتي، يريدون تذوق أطعمة مختلفة، لهذا قررنا الرهان على مشروع الشاحنة، وقد جلب لنا هذا المطعم المتنقل على أربع عجلات سعادة حقيقية، خاصة بعد الإقبال الجماهيري وعبارات الإطراء التي نسمعها من الناس على ما نقدمه من طعام. وفي النهاية إذا أردت الحصول على طعام من أي بلد فعليك الحضور إلى هنا. عليك الحضور إلى هنا لتقرر إلى اي بلد تريد أن تذهب".
 
يبدأ يوم عمل كريج وجيسي، وهما رفيقان وزملاء في نفس المجال، مع طلوع الشمس، وخاصة يوم الجمعة، حيث يجدا صعوبة في العثور على مكان مناسب لشاحنتهما، في نيويورك.
 
تقول جيسي إن "المطاعم الكبيرة تصنع جوا خاصا بها لتروج لقوائم طعامها، أما نحن فنروج لأطعمة جديدة كل يوم، وهذا جعل المدينة المشهور بناطحات السحاب تعشق ما نقدمه". 
  
تقول داون "أستطيع أن أطلب هنا طعاما هنديا أو كاريبيا أو أمريكيا، كله متوفر وبأسعار في متناول اليد، وهو عكس ما تقدمه المطاعم الثابتة التي تقدم قوائم محدودة".
 
من ناحية أخرى باتت المطاعم الثابتة تشعر بخطورة غزو شاحنات الطعام للسوق، بعد كم الزبائن الهائل الذي تخلى عن أطعمتها السريعة، سابقة التجهيز، واتجه عن طعوم مختلفة ومتنوعة، تقدمها تلك المطاعم التي تسير على عجلات، في عبوات كارتونية يتم تناولها بملاعق وشوك بلاستيكية، جلوسا على العشب. 
 
 
من هذا المنطلق، بدأت الملاحقة القانونية لأصحاب هذه الشاحنات من جانب سلطات البلدية، المدفوعة بضجر أصحاب المطاعم الذين تزايدت خسائرهم بسبب استمرار الوضع، فيما يرى بعض أصحاب الشاحنات أمثال كريج وجيسيكا أن الأمور يمكن حلها بالتفاوض دون اللجوء للقضاء.

سيلفيا أيوسو
الاحد 4 غشت 2013