نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


ظاهرة " السيدة نادين " تهدد حكومة البيرو فالسيدة الأولى لها الكلمة الأولى والأخيرة




ليما - حونثالو رويث توبار - بعد أكثر من عقد على سقوط نظام ألبرتو فوخيموري الديكتاتوري، الذي كان يديره بطرق شيطانية رئيس جهاز استخباراته فلاديميرو مونتسينوس، ينتاب البيروانيين مرة أخرى الشعور بأن هذا النوع من الأنظمة المزدوجة عاد ليسيطر على مقاليد الأمور في بلادهم. تلك المخاوف عبرت عنها استطلاعات الرأي والتعليقات التي لا تتوقف عبر شبكات التواصل الاجتماعي والبرامج الحوارية وتحليلات الخبراء.


ظاهرة " السيدة نادين " تهدد حكومة البيرو فالسيدة الأولى لها الكلمة الأولى والأخيرة
ربما تكون نادين هيريديا، السيدة الأولى في البلد اللاتيني، أبعد ما يكون عن إدارة أو التورط في شبكة فساد وخطف وابتزاز، كما كان يفعل مونتسينوس، وهي الجرائم التي أدين بارتكابها رجل بيرو القوي في السابق، ولكن الشعور السائد في البلاد حاليا أن السيدة الأولى باتت تحظى بنفوذ قوي جدا يعادل سلطة الرئيس أولانتا أومالا ذو الخلفية العسكرية، فيما تسري شائعات قوية للغاية أن لها الكلمة الأولى والأخيرة في واقع الأمر.
وفقا لاستطلاع رأي حول أداء السلطة خلال عام 2012 أجرته مؤسسة "إبسوس أبويو" (Ipsos Apoyo) شمل 236 شخصية في مراكز سياسية عليمة بأساليب عمل الإدارة السياسية، أطلق 62% من الذين شملهم الاستطلاع "حكومة مزدوجة" على الثنائي (أومالا-هيريديا). أما فيما يختص بالشخصيات الأكثر نفوذا وتأثيرا في صنع القرار، فقد أفاد 80% بأنها السيدة الأولى، وهو الأمر الذي يتساوى فيه النظام الحالي مع نظام فوخيموري، فيما يختص بنفوذ مونتسينوس.
وينطبق الأمر ذاته على استطلاعات الرأي العامة، حيث ترتفع نسبة من يؤكدون أن السيدة الأولى ذات الـ 36 ربيعا، تحظى بنفوذ كبير، إلا أن الطريف في الأمر أن نسبة من يروقهم الأمر تصل في كثير من الأحيان إلى 61%. ليس هذا فقط بل أن السيدة هيريديا تفوق زوجها في معدل الرضا الشعبي عن الأداء الرئاسي، فبينما حصل أومالا على درجة النجاح، 50% فقط، حصلت السيدة الأولى على 68%.
غير أن قوة ونفوذ السيدة الأولى باتت تمثل مصدر قلق كبير بالنسبة للمعارضة، والتي لم تعد تستبعد إقدامها على الترشح للرئاسة، بالرغم من أنه ممنوع عليها ذلك بموجب القانون بحكم صلة القرابة التي تجمعها بالرئيس.
اللافت للانتباه هنا، هو أن استطلاعات رأي أجرتها مؤخرا مؤسسة "داتوم" (Datum) أوضحت أن غالبية البيروانيين يؤيدون منافسة نادين على المنصب وأنها ستصبح الأوفر حظا للفوز به في حال ترشحها، لتصبح أول سيدة في التاريخ تتولى رئاسة البلد اللاتيني.
جدير بالذكر أنه تحت ضغط احتجاجات المعارضة المتصاعدة، تم سحب مشروع قانون تم تقديمه للهيئة الوطنية العليا للانتخابات في بيرو لإلغاء الحظر المفروض على ترشح زوجة الرئيس. بالرغم من ذلك تلوح في الأفق عدة أراء قوية تصب في صالح السيدة الأولى، من بينها رأي رئيس اللجنة العليا للانتخابات فرانثيسكو تابرا، الذي يؤكد أن "الدستور الذي هو مصدر كل التشريعات لا ينص على مثل هذا المنع".
ويصر قادة المعارضة على انتزاع اعتراف صريح من جانب السيدة هيريديا بأنها لن تترشح للرئاسة. فيما أكدت هي في أكثر من مناسبة أن الترشح للرئاسة عام 2016 ليس من بين أولويات أجندة أعمالها، كما أكدت في السياق ذاته أنه "لن يتم تفصيل قوانين خاصة" لإتاحة الفرصة أمامها لخوض غمار المنافسة على الرئاسة. ومع ذلك يؤكد معارضو أومالا أن هذه مجرد عبارات منمقة، منتقاة بعناية لا تنفي ولا تثبت شيئا.
وفي تعليق منه على الأمر قال الرئيس أومالا "هذه الإشكالية الجدلية لم نتسبب نحن فيها، ولا تشغل بالنا على الإطلاق، وإذا كنتم تستمتعون أيها السادة الصحفيين بالأمر، فإنني أقدم لكم التهاني". وأضاف "هذه المناقشات تشغل الصحفيين والسياسيين الذين يتوافر لهم الكثير من أوقات الفراغ".
جدير بالذكر أن ويكيليكس كشفت مؤخرا أن الشعور المتزايد تجاه نوايا السيدة الأولى سرى منذ بداية عهد الرئيس أومالا الذي وصل إلى السلطة، بسبب وجود رغبة قوية في التغيير. وتوضح الوثيقة التي لم يتم الكشف عن مصدرها، أنه "بالرغم من فوز أومالا بالمنصب، إلا أنه يعد شخصا بلا مؤهلات أو خبرة، ومنقاد تماما لتأثير زوجته ذات التوجه الماركسي".
ويبدو أن السيدة هيريديا لم تكن ماركسية على الإطلاق، فبعد تسعة عشر شهرا من وصول الرئيس إلى السلطة، تواجه السيدة الأولى اتهامات من قبل المعارضة بتحويل توجه زوجها نحو اليمين وجره نحو البرجماتية المادية، التي تعد أسوأ ما يميز اليمين المحافظ. غير أن هناك أراء أخرى تبرز أنها كانت من أثنى الرئيس عن المضي قدما في توجهاته القومية المتشددة والتي نشأ وتربى عليها أبا عن جدا.
يذكر أن نادين هيريديا الشابة ذات الـ 36 ربيعا، والتي كانت في مرحلة الدراسة تقوم بغناء الأغاني الشعبية الكوبية في حانات العاصمة البيروانية ليما البوهيمية، حولتها الصحافة إلى نجمة مجتمع تتصدر صورها أغلفة المجلات والصفحات الأولى بكبرى الصحف بصورة تفوق زوجها نفسه.
كما تحظى الزوجة الشابة بكاريزما قوية، حيث تحرص بالإضافة إلى ملامحها التي تتسم بالذكاء والبساطة على الظهور بمظهر راق في غير تكلف في المناسبات الرسمية، في حين لا يضيرها على الإطلاق ارتداء التي شيرت والجينز خلال جولاتها لمتابعة سير الأعمال والمشروعات الاجتماعية، حيث يؤكد المحللون أن طلتها المميزة تسرق الكاميرا وتلفت الأنظار إليها أكثر من أومالا نفسه.   
يرى خبراء الراي العام أن نادين كما تحب أن يناديها المقربون منها، نجحت في أن تجمع بين مظهر الشابة النشطة الفعالة اللطيفة والمرأة العاملة بجد والزوجة المخلصة لشريك حياتها والأم التي ترعى مسئولياتها بجدارة نحو ثلاثة من الأبناء، والسيدة الأولى ذات الشخصية المؤثرة في مجريات الأمور ولكن دون أن تفقد ابتسامتها في أي من المواقف التي تواجهها. 
 
تتمتع نادين بقدرة خاصة على إدهاش من حولها، منذ أن وقعت وهي الشابة الجامعية اليسارية المتمردة، وعلى عكس كل التوقعات، في غرام رجل عسكري يكبرها بأربعة عشر عاما، ومنخرط في قتال الجماعات الماوية الماركسية مثل الدرب المضيئ، والطريف في الأمر أنه اتضح بعد ذلك وجود صلة قرابة من ناحية الأم تجمع بينهما.
يتوقع المحللون أن تصبح التخمينات حول قرار نادين بشأن الرئاسة، محور المدة المتبقية من ولاية أومالا والتي تتجاوز ثلاث سنوات. بالنسبة للمعارضة، سيعد هذا القرار محاولة إعادة انتخاب مقنعة للرئيس الحالي، في بلد يمنع بموجب القانون على الرئيس الترشح لفترة ثانية، بعد التجربة المريرة التي عاشها مع نظام ألبرتو فوخيموري.
يصدق بعض المحللين هيريديا عندما تؤكد أن الترشح للرئاسة اليوم ليس من ضمن أولويات أجندتها، ولكنهم يتساءلون ماذا سيحدث عندما يجري الزمن وتمر الشهور والأعوام المتبقية لزوجها على رأس السلطة، ويتأكد الأمر الذي يبدو أنه قادم لا محالة أنه لا يوجد في الحزب القومي الحاكم من يستطيع الحيلولة دون التعرض لهزيمة منكرة.

حونثالو رويث توبار
الاحد 14 أبريل 2013