نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


علماء سويسريون يقتربون من معرفة أسرار آلات كمان ستراديفاري




جنيف - كريستيان أولريك - يعكف فريق من العلماء في سويسرا على محاولة التوصل إلى طريقة لصناعة آلة كمان تكون بنفس جودة كمانات ستراديفاريوس الشهيرة التي صنعت قبل ثلاثة قرون، ومازالت حتى يومنا هذا مثالا يحتذى في دقة الصناعة وعذوبة الألحان.

ولكن لماذا تتميز آلات الكمان التي صنعها أنطونيو ستراديفاري بمثل هذا الصوت الرائع؟ لقد شغل هذا السؤال أذهان الموسيقيين والعلماء طيلة ثلاثة قرون، وحتى الآن لم يتوصل أحد إلى إجابة حاسمة لتفسير هذا اللغز.


 وهناك نظريات عديدة تحاول تفسير هذه الظاهرة، مثل أن ترجع أسبابها إلى خواص الخشب أو الانحناءات الدقيقة للكمانات أو الطلاء والمواد الكيماوية التي استخدمت أثناء صناعتها، ولكن بالرغم من المحاولات المستمرة، لم ينجح أحد في صناعة آلة كمان عصرية يتفق الجميع على أن ألحانها تبدو بنفس جودة كمانات ستراديفاري.
غير أن علماء سويسريين يعتقدون أنهم أوشكوا على إثبات إمكانية تكرار مواصفات كمان ستراديفاري إعتمادا على أخشاب معالجة بنوعية من الفطر.
وأمضى خبراء من المختبرات الاتحادية السويسرية لعلوم المواد والتكنولوجيا سنوات عدة في تطوير آلات كمان استطاعت أن تحقق نتائج جيدة خلال تجارب غير رسمية.
ويعرف الباحثون أن الوصول إلى النتيجة المرجوة يتطلب تضافر جهود علماء وعازفين وموسيقيين متخصصين.
أما الخطوة التالية، فتتمثل في البرهان العلمي. وتعكف المختبرات حاليا على إجراء سلسلة من الاختبارات المعملية على الخواص الصوتية للآلات الجديدة، أملا في وضع نهاية للتكهنات بشأن كمانات ستراديفاري.
ومازالت تلك الآلات الموسيقية التي صنعها هذا الحرفي الإيطالي خلال القرنين الـ17 والـ18 هي الاختيار المفضل لكبار العازفين في العالم، وكثيرا ما تباع بملايين الدولارات عندما تطرح في المزادات.
وعاش أنطونيو ستراديفاري وعمل في مدينة كريمونا بشمال إيطاليا، والتي تعتبر مركز صناعة آلات الكمان في العالم.
ومن بين الحرفيين الذين عاشوا في ذلك العصر أيضا جوسيبي جوارنيري ديل جيسو الذي عادة ما تباع آلاته الموسيقية هو الآخر بملايين الدولارات.
ويقدر عدد الكمانات التي صنعها هذان الحرفيان ومازالت موجودة حتى وقتنا هذا بـ800 آلة. ويقر كبار العازفين حول العالم بروعة ألحان هذه الآلات واتزانها واستجابتها للعزف.
فعلى سبيل المثال، قالت عازفة الكمان الألمانية آن صوفي موتر أن القوة التي لا تضاهى لكمان ستراديفاري هي وحدها التي ستؤدي المهمة خلال اللحظات القوية في سيمفونيات بتهوفن.
ويقول البعض إن العادة التي دأب عليها ستراديفاري وهي تقطيع الخشب تحت ضوء القمر هي السر وراء النجاح الذي حققه، في حين يعتقد آخرون أن المسألة ترجع إلى نوعية معينة من الدهانات أو المواد التي تستخدم لمعالجة الأخشاب.
وفي السبعينيات من القرن الماضي، اكتشف الكيميائي جوزيف ناجيفاري وجود نوع معين من المواد الكيماوية على قطع أخشاب من إحدى كمانات ستراديفاري أثناء إصلاحها، وربما يكون الحرفي الإيطالي الشهير قد استخدم هذه الخامة لمنع دود الأخشاب أو غير ذلك من الحشرات من إتلاف آلاته الموسيقية.
وربما تكون الطبيعة قد لعبت دورها في صناعة كمانات ستراديفاري حيث أن أكثر النظريات شيوعا في هذا الصدد تعتمد على الخواص الطبيعية للأخشاب المستخدم في صناعة آلات الكمان.
ويقول أرمين زيمب، وهو خبير صوتيات في المختبرات الاتحادية السويسرية لعلوم المواد والتكنولوجيا إن "الاعتقاد السائد هو أن كثافة الخشب هي السر وراء جودة آلات ستراديفاري".
وفي الفترة التي كان يصنع فيها ستراديفاري وجوارنيري الآلات الموسيقية، كانت أوروبا في نهاية سبعين عاما من الشتويات الطويلة والصيفيات الباردة.
وكانت الأشجار تنمو ببطء، مما يؤدي إلى تكون نوعية خاصة من الأخشاب تتسم بكثافة أقل من الطبيعي.
ويقول فرنسيس شفارتس خبير علوم الأخشاب والفطريات في المختبرات السويسرية إنه "عندما تنمو الأشجار في ظل ظروف مناخية قاسية، تتكون داخلها خلايا ذات جدران رقيقة من أجل توصيل الماء بشكل أفضل، وكلما كانت جدران الخلية أرق، كلما قلت كثافة الأخشاب".
ومنذ عدة سنوات، توصل شفارتس إلى طريقة لتقليل كثافة أخشاب أشجار القيقب والتنوب بعد تقطيعها.
ومن أجل القيام بذلك، استخدم شفارتس نوعية من فطريات الخشب يطلق عليها اسم "زيلاريا لونجيبس". ويوضح خبير الأخشاب قائلا: "يتميز هذا النوع من الفطريات بأنه يقوم بتفكيك جدران الخلايا السميكة، بحيث لا يتبقى سوى الأخشاب ذات الكثافة الأقل من نفس النوعية التي كان يستخدمها ستراديفاري، والتي تنقل الصوت بشكل أفضل".
وأجرى العلماء بعد ذلك اختبارا بواسطة كمانات مصنوعة من الأخشاب التي تم معالجتها بالفطر.
ووقف عازف الكمان ماثيو تروسلر خلف ستار، وعزف مقطوعة موسيقية بخمسة كمانات مختلفة من بينها الكمان الخاص به من نوعية ستراديفاري، وأربعة كمانات أخرى صنعها الفريق السويسري، من بينها اثنتان مصنوعتان من الأخشاب المعالجة بالفطر واثنتان مصنوعتان من أخشاب عادية.
ومن بين 180 مستمعا، شعر 90 بأن الكمانات المصنوعة من الأخشاب المعالجة بالفطر تصدر أفضل ألحان، في حين شعر 39 أن كمان ستراديفاري هي الأفضل.
ولكن ربما يمر بعض الوقت قبل أن يتقبل عازفو الكمان الآلات المصنوعة من الأخشاب المعالجة بالفطر. وأطلق العلماء على هذه النوعية من الكمانات اسم "مايكود"، وهو على الأقل اسما يبدو أكثر أناقة.
وتتمثل الخطوة التالية في إثبات جودة صوت الكمانات الجديدة في المختبر بشكل علمي. وسوف يتضمن ذلك، من بين أشياء أخرى، قياس ذبذبة الأوتار باستخدام مغناطيس كهربائي، وتكمن الفكرة وراء هذا الاختبار في استبعاد أي تأثير صادر من عازف الكمان.
غير أن الباحثين مازالوا بحاجة لاستخدام الأذن البشرية. ويقول زيمب: "نحتاج إلى حوالي خمسين شخصا للمشاركة في الاختبار، ما بين عازفين محترفين وخبراء صوت وعشاق للموسيقى الكلاسيكية وأشخاص عاديين، وهؤلاء الأشخاص سوف يصدرون الحكم النهائي على جودة الصوت".
ويعرف هذا الفرع من العلوم الذي تندرج في إطاره هذه التجربة باسم "علم الصوتيات النفسية"، وهو جزء أساسي من صميم عمل المختبرات السويسرية. وبدلا من التركيز على الأصوات المبهجة، يركز الباحثون في مجال علم الصوتيات النفسية بشكل أساسي على الضوضاء.
ويتحرى الباحثون على سبيل المثال الاسباب التي تجعل أصوات ضوضاء معينة تؤثر على الناس بأشكال مختلفة مثل اصوات الطائرات وتوربينات الهواء والقطارات السريعة.
وإذا كان من الممكن استبعاد بعض الأصوات المزعجة مثل الصفير أو الصرير، ينصح خبراء المختبرات السويسرية المصنعين بتجنبها في منتجاتهم المستقبلية.
ويتولى رجل الصناعة فالتر فيشيلي، وهو من هواة الكمان، تمويل الأبحاث التي تجريها المختبرات السويسرية بشأن آلات الكمان.
ويأمل الباحثون أن تقدم قياسات الذبذبة وحكم الجمهور دليلا قاطعا بشأن درجة كثافة الأخشاب التي تحقق أفضل صوت.
ويقول فيشيلي: "في نهاية المطاف، نريد أن نصنع آلات موسيقية يستطيع أن يستخدمها الموسيقيون الشباب الموهوبين الذين لا يمتلكون أموالا طائلة".

كريستيان أولريك
الاربعاء 28 مارس 2018