نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


علمانية نظام الأسد والكذبة الكبرى








ليس من المعقول أن نصف نظاماً مارس القمع والديكتاتورية طوال نصف قرن من الزمان بالعلمانية، فالديكتاتورية وقمع الحريات “كل الحريات بما فيها الحريات الدينية” اساس يتناقض مع مفهوم العلمانية وسلوكها.


 

نص القانون السوري صراحة على دين الدولة وهو مصدر رئيسي للتشريع والمشكلة مع النظام السوري لم تكن هنا وليست بالدين بحد ذاته أي دين، بل كانت بممارسات قمعية قائمة على اساس قانوني وأمني واقتصادي واجتماعي معاً يتيح القانون السوري و اليات تطبيق القانون التمييز وقمع الحريات بالاضافة لاجهزة المخابرات التي مارست القمع والاضطهاد القائم على أساس الفكر والتوجه والدين أحيانا و كل هذا لا يلتقي أبداً مع العلمانية بل يلتقي مع ايدولوجيا سياسية قمعية فاشية فقط العلمانية تعريفا هي فصلُ الحكومة والسّلطة السّياسيّة عن السّلطة الدّينيّة كما أنها تعني ان تحمي حرية الاعتقاد، وهو ما يعني ان الدولة يجب أن تكون حيادية اتجاه كل مكوناتها وهذا سيؤدي بالواقع لحماية الاديان لا قمعها كممارسات بشرية ترتبط مع حق الفرد أو كهوية ثقافية وليس كسلطة دينية ترتبط ارتباط موضوعي وعضوي مع النظام، لأن العلمانية تعني ضمانة الحريات والممارسات الدينية لكل الفئات البشرية التي تعيش ضمن هذه الدولة أو تلك.

 يتناقض سلوك النظام السوري فكراً وموضوعا مع العلمانية القائمة على الحريات وفصل الدين عن الدولة والمواطنة المتساوية بين المواطنين دون أي تمييز على أساس الدين والاثنية والعرق والجنس حيث حفل القانون السوري بالانتهاكات والتميز القائم على كل الأسس فلا حقوق متساوية بين النساء والرجال ولا بين المواطنيين الذين يرتبطون بقوانين احوال شخصية مختلفة متعددة بحسب انتمائهم الدينية .

  كما أن االقانون السوري لايحمي حقوق الناس بحرية الاعتقاد وهو عكس تعريف العلمانية كما أن القيادة السياسية في سوريا رفضت في عهدي الاسد الأب و الابن مثلاً أحداث قانون أسرة مدني تتساوى فيه الاسر السورية بالحقوق والواجبات ويحمي حقوق الأفراد بعيداً عن انتمائهم الديني.

قانون العقوبات كان يحوي مواد يمكن أن أطلق عليها بكل راحة قوانين العار، حيث يعفي القانون المغتصب من العقوبة ان تزوج مغتصبته، ويجيز تزويج الطفلات، ويخفف العقوبة للفاتل بدافع الشرف بغض النظر عن ظرف الجريمة والملابسات وبدافع الريبة الفضفاض فقط.

قانون يعاقب المرأة بعقوبة تختلف عن عقوبة الرجل لنفس الجريمة ويخلق واقع قانوني تمييزي بين المواطنين ولا يحوي اي قانون يحمي الاسرة من العنف الأسري فعن أي علمانية تتحدثون؟ لايمكن أن تكون هناك دولة علمانية ان لم تكن محمية بمناخ ديموقراطي وتنموي يتيح للجميع التطور والتقدم ويؤمن تكافؤ الفرص في الحصول على التنمية والحقوق التي يجب أن تكفلها الدولة بالتساوي للجميع وبحيادية اتجاه الجميع.

 وبعيداً عن عن القانون فقد اتبعت وزارة الشؤون الاجتماعية منذ تولي الأسدين السلطة سياسة قمع الحراك المدني والتضييق على منطمات المجتمع المدني وحل الجمعيات، وكانت الوزارة تقوم بتنسيق عالي المستوي مع الأجهزة الامنية التي تتابع تلك السياسة بالتضييق على النشطاء وسجنهم ومنعهم من السفر ارتبطت القيادات الروحية في سورية بالنظام شكلاً وموضوعا وهو ما يتناقض أساسا مع مفهوم العلمانية بحيث كانت السياسة القائمة للدولة بانشاء تحالف موضوعي يضمن لشخصيات دينية من كل الاديان والطوائف السيطرة على طوئفها وتحصل مقابل ذلك على الدعم المادي والمعنوي مقابل الترويج لهذا النظام ونشر اجندته السياسية عبر الخطب في الجوامع والكنائس ودور العبادة التابعة للطوائف الأخرى. منح النظام ميزات كثيرة لعدد كبير من رجال الدين من كل الطوائف وهو أمر يعرفه القاصي والداني في سوريا .

كما أن وزارة الأوقاف في سوريا شجعت تيارات وتوجهات وشخصيات بذاتها على الوجود والتمدد بينما قمعت ومنعت اي تيار ديني حداثي. وأنشأ النظام السوري الاف المعاهد الدينية التابعة له بينما اغلق منظمات العمل المدني وحاربها ومنع ترخيصها . وقيد النظام السوري الاعلام وربطه بأجنداته السياسية كما أنه زرع خطاب الكراهية للعالم وطور عبر أجنداته في مؤسسات التعليم والاعلام الفكر المؤامراتي وكره الاخر وحجب المعلومات عن الجمهور.

كما أن اجهزة المخابرات في سوريا اشتغلت بشكل ممنهج على بناء جدران من الخوف والكراهية بين الطوائف لتعزيز ثقافة الخوف من المختلف على مبدأ فرق تسد وهو ما اجاد اللعب به بعيد اندلاع الثورة السورية. كل تلك السياسات لا تتفق مع مبدأ العلمانية ولا تصب في محيطها بل أنها كانت وبشكل بغير مباشر تساهم في تفاقم الكراهية والجهل وهي تشكل الأسس والتربة والصالحة لنمو التطرف والانعزال وهي عكس العلمانية.

عوامل كتلك كفيلة بان تجعل اي بلد قتبلة موقوتة ومؤهلة للدمار مع أي اهتزاز لتلك المجتمعات فرق النظام بين بيئتي المدينة والريف وبين أرياف بحد ذاتها حيث ساهم بتفقيرها و اهمال تنميتها وشجع من خلال اجهزة المخابرات على امتداد التيارات الدينية المتطرفة فيها بل وباقتلاع الفكر التنويري بين أبنائها.

وبالنتيجة النظام السوري هو نظام لا علماني لا ديموقراطي قمعي سخر كل مقدراته لترسيخ حكمه على حساب تنمية المجتمع وتحديث القوانين وتاهيل البنى التحتية، بل انه وبشكل مقصود قتل الطبقة المتوسطة الحالم الفعلي للتغير الايجابي في المجتمعات كل من يعتقد أن النظام السوري هو نظام علماني محض وأهم، وبلدان منطقتنا لم تشهد حتى الان تجربة علمانية ناضجة يمكن البناء عليها والحكم من خلالها على فشل التجربة من نجاحها. ونحن اليوم أحوج ما نكون لجلسات حوارية لتعريف المصطلحات التي جرى تشويهها بما فيها العلمانية والديموقراطية والدولة المدنية والمواطنة بحد ذاتها بل وتعريف الوطن كمصطلح و حتى يحين ذلك الوقت أرجوكم لا تعطوا النظام وصفا لا يليق به ولا يناسبه ولا يرفع من شانه كالعلمانية!
--------------
كلنا شركاء

 
 
 

ريما فليحان
الاربعاء 8 مارس 2017