نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


عملية التطويب تثير جدلا فى الجزائر واتهام بالرضوخ لضغوط خارجية




الجزائر - لم يهدأ الشارع الجزائري بعد عملية التطويب التي شهدتها البلاد والتي تعد الأولى من نوعها في بلد مسلم؛ وتضاربت الآراء، ولا زالت الطبقة المثقفة في الجزائر منقسمة بين مؤيد للحدث ومعارض، فاعتبره البعض انفتاحا للجزائر على الأديان الأخرى، وتكريسا لبمدأ القانون المدافع عن حرية المعتقد، في حين ذهبت فئة أخرى إلى أنه مجرد استجابة ولين دبلوماسي تجاه الرأي العام الدولي الضاغط على البلاد.


مسجد الرحمة بالجزائر العاصمة
مسجد الرحمة بالجزائر العاصمة
فقد شهدت كنيسة السيدة العذراء، بولاية وهران، بالغرب الجزائري، حدثا دينيا دوليا مهما ، تمثل في أول عملية تطويب لتسعة عشر راهبا قتلوا على يد الجماعات الإرهابية إبان العشرية السوداء من تسعينيات القرن الماضي. والتطويب في طقوس الكنيسة الكاثوليكية، هو مرتبة الشهادة التي تمنحها الفاتيكان لرهبان أو قساوسة قاموا بمعجزات أو أمور خارقة للعادة لخدمة السلام والمحبة. قال رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، المحامي عبد الغني بادي، إن الدستور الجزائري يكفل حرية المعتقد ، "كما أن هناك قوانين تضبط كيفية ممارسة هذه المعتقدات ؛ الجانب القانوني سواء من الناحية الدستورية التي تشكل وثيقة عليا أو الجانب الحقوقي من ناحية المواثيق والعهود وكل النصوص" . اعتبر الناشط الحقوقي، أنه لم يحدث تعاون بين الكنيسة ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف ببلاده، برضى الطرفين، بل ذهب إلى أن "المشهد الترويجي أي ما حدث من طقوس في سانتا كروز بوهران، / عملية تطويب الرهبان/، كانت لإسكات الأصوات الضاغطة على الجزائر"، مضيفا "هناك من أراد أن يبتز السلطة بملف المسيحيين وكسر ذراعها ، لكن أعتقد أنها صورت مشهدا أثار عليها الداخل وأسكت الخارج ...للأسف السلطة لا تعرف أحيانا كيف توجد موقف معتدلا ". وأضاف " لم أرى أن هناك مجالا للحديث عن تعاون، المسألة كلها مرتبطة بضغوط دولية أرادت الجزائر تخفيف وطأتها لا أكثر" . وأضاف بادي في تصريحه لـوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، بأن المواثيق الدولية تفرض على الجزائر إلزاما بعدم التضييق على ممارسة الشعائر بالنسبة للديانات الأخرى غير الإسلام. رجّح بادي أن الاهتمام الرسمي وإشراف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف على عملية التطويب يرجع إلى أن "الجزائر كانت قد تلقت انتقادات دولية في مناسبات مختلفة أخرها تقرير أمريكي اتهمها بالتضييق على المسيحيين السنة الماضية". اعتبر بادي أن "نوعية القضايا المرتبطة بحرية المعتقد صارت تشوش على الجزائر، حيث أنها قدمت مشهدا ترويجيا للرأي العام الدولي على أنها لا تضيق على حرية المعتقد ... والحقيقة أن المسيحيين في الجزائر لا يجدون أي مشاكل في ممارسة شعائرهم" . وتعجب مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، يوسف مشرية، من الجدل القائم في بلاده حول عملية التطويب التي جرت طقوسها في الجزائر مؤخرا، معتبرا أن الدين الإسلامي لا يخالف ما سمح القيام به في حق الرهبان الذين راحوا ضحية الجماعات الإرهابية إبان عشرية الدم التي مرت بها الجزائر خلال سنوات التسعينيات. وأرجع مشربة الباحث في الإسلاميات، في تصريح لــ" د.ب.أ"، رفض فئة كبيرة من الجزائريين لإجراء هذه الطقوس في البلاد، إلى أن عملية التطويب هي الأولى من نوعها تقع في بلد مسلم لذلك كان حدثا دينيا مهما. وأكد أن العملية تمت بتزكية من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، "الذي حرص على أن يتم تطويب هؤلاء الرهبان في أرض الجزائر عرفانا بجهودهم ووقوفهم مع الشعب أيام محنتهم في مواجهة فتنة الإرهاب الأعمى الذي لم يفرق يومها بين راهب مسيحي أو إمام مسجد". وراى مشرية أن هذه الخطوة دحضت كل الفرضيات التي كانت تحوم حول التشكيك في رواية تصفية الرهبان في مدينة المدية الجزائرية، "ولا يخفى على الجميع أن ملف رهبان تبحرين بدير المدية كان دائما يشوش ويصدع الرؤوس لما فيه من إرادة بعض الدوائر التشكيك في الرواية الرسمية في مقتل الرهبان". وأبدى مشربة ارتياحه من الخطوة التي اعتبرها المفتاح الذي أغلق ملف رهبان تيبحيرين نهائيا، كما أشار إلى أن الجزائر بذلك " بعثت برسالة قوية للجميع بأن الحريات والممارسات الدينية لغير المسلمين مكفولة قانونا، وواقعا ملموسا، لا كما تدعيه بعض المنظمات الحقوقية من تقارير سلبية عارية من الصحة حول موضوع الحريات الدينية. وأضاف مشرية أن "الحريات الدينية والمعتقد مكفولة بنص الدستور الجزائري منذ الاستقلال...بل إن الإصلاحات الدستورية الأخيرة التي جاء بها الرئيس بوتفليقة، تنص على حرية المعتقد والرأي وكذا تؤكد على حرية الممارسة الدينية لغير المسلمين" . وثمن المتحدث في سياق متصل، محتوى قانون 06/03 مكرر لعام 2006 والخاص بتنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين وفق قوانين الجمهورية، والذي يكفل حرية الممارسة الدينية للمسيحيين وغيرهم، فأشار إلى أن الجزائر تحتضن مجموعة من الكنائس مثل الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية EPA و كذا الانجليكانية والتي تنشط بحرية ووفق قوانين الجمهورية. من جهته شدد رئيس نقابة الأئمة بالجزائر، جلول حجيمي، على ضرورة ما وصفه بإلحاحية مراقبة الممارسين للشعائر الأخرى غير الإسلام في الجزائر، مع كفالة حقهم في حرية المعتقد والدين، فقال في تصريحه لـ "د.ب.أ"، "نحن نحترم كل المخالف لنا بشرط الأدب والاحترام وعدم التعدي والظلم والاضطهاد ونقبل التعايش مع الجميع ". وأضاف حجيمي في سياق ذي صلة، " لا إكراه في الدين وفي مجتمع مسلم يحترم أهل الذمة وأهل الكتاب بشرط أن يلتزموا بعدم التعدي والمنكر، نحن نؤمن بالأخر ووجوده دون الإرغام"، معتبرا أن حماية تجانس الجزائريين فيما تعلق بالدين أمر مهم وجب الحفاظ عليه، رافضا أن يتم السماح بما وصفه بـالتغرير "بأبنائنا ومواطنينا، وهم يقومون بشعائرهم واحترام المسلمين وعدم تجاوز الخطوط الحمراء والتعايش وليس الانسلاخ". ودعا حجيمي إلى عدم تحكيم العاطفة دون العودة للمنطق والعقل فيما يتعلق بمراسيم تطويب الرهبان التي تمت بالجزائر مؤخرا، فأشار إلى أنه إن كانت تلك المراسيم في إطار حماية الحريات "ضمن ما يسمح به الدين الإسلامي، فإنه لا يجب الوقوف في وجهها حتى إن تم تنظيم تظاهرات أخرى مشابهة"، في حين حذر مما وصفه بالانصهار غير المحسوس الذي لا يستشعره المجتمع لأنه لا يأتي دفعة واحدة بل على مراحل ". أبدى حجيمي، قلقه مما اعتبره محاولات "العبث بعقيدة شعبنا وأبنائنا "، مشيرا إلى أن الجيل الجديد يواجه مغريات عدة، قائلا "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ...غاية في الخلق والاحترام بعيدا عن التزمت والإقصاء في بلد الإسلام". وعن الجدل القائم الذي لم يهدأ في الجزائر، منذ أسبوعين، أرجع حجيمي ذلك لما أسماه بطريقة الإخراج التي اعتبرها غير مألوفة لدى الجزائريين "ولعله الاهتمام المبالغ فيه إعلاميا على غير العادة وحاجة الناس لإنفاق الأموال لصالح الطبقة الهشة والمساجد والمدارس القرآنية وغيرها في بلاد الإسلام والمسلمين." وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، بعض أخبار ترميم الكنائس، بموجة من الغضب، معتبرين أن الأوضاع الاجتماعية في البلاد لا تسمح "لاستخدامها لتلميع صورة البلاد أمام الرأي العام الدولي".

فاطمة حمدي
الجمعة 28 ديسمبر 2018