نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


عندما يقول طفل لوالده "أبي سأفجرك في مقهى عندما تكبر في السن" تعرف أنك في العراق




بغداد - آن بياتريس كلاسمن - محمد طفل في الثامنة من عمره يعيش مع أسرته الصغيرة في العاصمة العراقية بغداد ويتأثر بالأحداث الدامية في مدينته ويقول لوالده ببراءة الأطفال "أبي ، عندما تكبر في السن سألف حول جسدك حزاما ناسفا وسأفجرك وأنت داخل أحد المقاهي باستخدام الريموت عن بعد"


اطفال العراق .. العاب العنف و مستقبل مجهول
اطفال العراق .. العاب العنف و مستقبل مجهول
ويضحك الطفل في براءة، بينما تقف الضحكة في حلق والده ويرفض على الرغم من صعوبة الكلمات أن يتحامل على صغيره الوحيد، خاصة وأن تفجير المقاهي المكتظة أو الوزارات و الأسواق في بغداد لم يعد من الأمور نادرة الحدوث، بل أصبح جزءا من الحياة اليومية.

لقد عاش الطفل الصغير محمد أهوال العنف حتى قبل دخوله المدرسة الابتدائية بعد أن رأى بعينيه في الشارع الذي يقيم فيه جثة ضابط شرطة انفجرت عبوة ناسفة بسيارته وحولته إلى أجزاء وأشلاء صغيرة ، بينما أصيب سائق السيارة بجروح شديدة ولم يمهله القدر سوى دقائق معدودة أخذ يكرر فيها عبارة "احضروا لي أمي" وبعدها فارق الحياة.
هذه الكلمات رسخت في ذهن الطفل محمد حتى اليوم واستمر لأسابيع يكرر نفس عبارة الرجل ويحكي حتى الآن عن منظر وجه الرجل والدماء تنفجر منه.

وليس غريبا في ظل هذه الأحداث أن يتمنى محمد الحصول على لعبة مسدس بلاستيكي أو بندقية كالتي يحملها الجنود الأمريكيون هدية في عيد ميلاده الثامن ، فالطفل الصغير يمر في طريقه إلى المدرسة على عشرات الجنود المسلحين من الشرطة والجيش.



ويرفض والدا محمد خروج ابنهما إلى الشارع ليلعب مع نظرائه خوفا من خطفه على يد العصابات المنتشرة لخطف الأطفال في بغداد والتي دأبت على ابتزاز الأهالي للحصول على فدية مالية.



وعلى الرغم من هدوء الأمور نسبيا داخل العاصمة العراقية بعد انسحاب القوات الأمريكية خلال الصيف الماضي إلى قواعدها خارج نطاق المدن لازالت الأوضاع داخل الكثير من الأحياء تمثل صعوبة للأطفال في ظل الطلقات النارية التي يسمعها الجميع في كثير من الأحيان.

وفي ظل هذه الأجواء تحاول منظمة غير حكومية العمل على منع حماس الأطفال للأسلحة من خلال رفع شعارات مثل "لا لمشاركة أطفالنا في العنف "أسفل صور يظهر خلالها الأطفال وهم يحملون أسلحة من البلاستيك.
وفي قلب العاصمة العراقية وبالتحديد في حي الصالحية شهد أطفال إحدى دور الأيتام خلال الأسابيع الماضية انفجار عدة سيارات مفخخة أوقعت الكثير من القتلى والجرحى .
وتقول نجاة محمود مديرة الدار أن أربعة من أطفال الدار تعرضوا لإصابات طفيفة نتيجة تطاير شظايا العبوات الناسفة التي انفجرت وتشير إلى أن الدار تضم الأطفال حتى سن السادسة

وتبدو أجواء المعارك محيطة بدار الأيتام، حيث تتراكم أكياس الرمال لحماية المكان ولا يكاد يسمح للأطفال باستنشاق عبير الهواء النقي.
وتضيف المديرة أن الأطفال يتملكهم الخوف منذ وقوع الانفجارات وأن قلق المسئولين على حياة الأطفال ازداد أيضا وأكدت أنها تحظر وجود أي نوع من ألعاب الأسلحة داخل الدار وتمنع تبرعات ألعاب الأسلحة وتتخلص منها على الفور.

وعلى بعد مئة متر فقط يلعب طفلان في المرحلة الابتدائية لعبة "العسكر والحرامية" ويختفي أحدهما وراء الأرجوحة بينما الثاني يتعقبه بالمسدس البلاستيكي ويبدو على وجهه الصرامة والجدية وكأنه لم يعرف الضحك في حياته.
إنها صورة قاتمة لأطفال العراق تحتاج إلى التكاتف لعلاج جيل شاهد على أهوال العنف وفاقد للشعور بالأمان وناقم على ظروف المجتمع التي حرمته ضحكة الأطفال والأمل في مستقبل أفضل.

وعن ذلك يقول أحد الأطباء العراقيين الذين يعيشون في حي بغداد "في دول أخرى يحتفل الأطفال بالألعاب النارية ولكن أطفال مدينتنا يلعبون للأسف دائما لعبة الحرب ". ورغم اختفاء الجنود الأمريكيين من بغداد تقريبا فإن أحب السيناريوهات للأطفال هي أن يستخدموا ألعاب الأطفال على شكل مسدسات لتوجيه النيران لبعضهم البعض ودائما يلعبون حرب "العراقيون ضد الأمريكيين".

ولكن ليس كل الأطفال بوسعهم اللعب في الشارع أصلا لأن الكثير من الآباء يحتجزون أبناءهم داخل المنازل خوفا عليهم من الاختطاف لأنه على الرغم من أن عدد حالات اختطاف الأجانب من قبل الإرهابيين تراجع كثيرا خلال العامين الماضيين إلا أن عدد جرائم اختطاف الأطفال على يد عصابات متخصصة مازال يحدث كثيرا بهدف ابتزاز أباء هؤلاء الأطفال وإجبارهم على دفع فدية وذلك على الرغم من أن شرطيا أو جنديا على الأقل أصبح يقف عند مدخل كل شارع تقريبا.

وغالبا ما يتم إطلاق سراح الأطفال المختطفين إذا دفع آباؤهم الفدية. ولكن الخاطفين معدومي الضمير لا يتورعون عن القتل إذا لم تدبر أسرة الطفل المختطف الفدية المطلوبة بسرعة.

ولكن أحدا لن يدفع فدية لأطفال دار اليتامى في حي الصالحية. غير أن هناك قائمة انتظار لأسر عراقية مستعدة لتبني أحد أطفال الدار. ولكن الأطفال كبار السن نسبيا والأطفال المعاقين لا يتمتعون بفرص للتبني. من بين هؤلاء طفلة صغيرة مصابة بالحول وبانشقاق العمود الفقري مما جعل أمها تتخلص منها عقب ولادتها مباشرة.
وعن هذه الطفلة قالت مديرة الملجأ نجاة شاكر محمود" لا نعرف والديها لذا فقد انتحلنا لها اسما كما نفعل مع جميع الأطفال الذين تحضرهم لنا الشرطة أو يحولهم إلينا الأطباء بالمستشفيات".

آن بياتريس كلاسمن
الاربعاء 10 مارس 2010