نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


عودة الأمل من خلف حجاب




من تربة اليأس ينبت الأمل ٫ وأكثر ما يكون مشعا حين يقاتل الانسان عند الجدار الأخير ٫ ونحن الآن في هذه اللحظة التاريخية في قعر تربة اليأس والإحباط ٫ ونقاتل عند ذاك الجدار .
هذا لا يعني اننا ضعفاء ٫ ولا نملك أسباب القوة إنما يدل من كثرة نهوضنا من الكبوات على أنها موجودة لكننا أهملناها في متاهات خلافاتنا ٫ أو تعودنا من ادمان الخيبات ألا ننتبه لها إلا حين نوشك على السقوط .


 
نعم الشعب السوري العظيم قوي بإصراره وارادته ٫ وتضحياته لكننا كنا نهدر تلك القوة بتفرقنا وتناحرنا ونرجسياتنا وعدم قدرتنا على العمل الجماعي مما جعل الداعمين قبل المهاجمين يستغلون تلك الثغرة ويفرحون بل ويتفنون بتقسيمنا شيعا واحزابا وقبائل لينفذوا اجنداتهم الخاصة التي تتفق احيانا وتتقاطع حينا وتتناقض غالبا مع من أتاك بثوب المعين وهو الاكثر حاجة لمساعدتك .
شخصيا لا يخيفني تفكك الفصائل ٫ فتلك "خلافات حارات ومخاتير " مقدور عليها ٫ والكل سيتحد صاغرا حين يعلم انه ان لم ينسق ويتحد مهزوم ومباد أمام من أتى بإجرام لم يسبق له مثيل وقوة عسكرية لاترحم لكن الذي يرعبني أكثر غياب الرؤية السياسية والاستراتيجية الجادة المبرمجة جيدا  في ادارة الصراع  ٫ فنحن لم نستطع أن نبلور خطا واضحا وعشنا على "الفزعات" وردود الافعال  ٫ وكل التيارات والاحزاب السياسية التي ظهرت بعد الثورة كانت مستعجلة لتقاسم السلطة والصراع لأجلها قبل ان تعمل شيئا مفيدا لتحقيق النصر. .
لقد اوشكنا ان نعلن نصرنا ثلاث مرات ونرفع الراية الخضراء في قلب دمشق وتم خذلاننا ٫ ووأد حلمنا من قوى خارجية أولها  التدخل الايراني بكثافة أواخر عام 2011 واوائل عام 2012 وثانيها دخول حزب الله والميليشيات الشيعية علنا الى القصير ٫ وثالثها إفشال معركة الجبهة الجنوبية العام الماضي حين كانت درعا قاب قوس من السقوط ودمشق قاب قوسين .
ولا حاجة لتقليب تلك الصفحات ٫ فذاك ماض قريب نحتاج ان نتعلم من دروسه دون ان نحوله الى حائط مبكى مما يعني ان نتوحد عسكريا قبل فوات الاوان ٫ وأن نبلور الرؤية السياسية والاستراتيجية الواضحة  التي تجعلنا نجتاز هذه المرحلة الحرجة بأقل الخسائر ٫ وأول قرار نحتاجه على هذا الصعيد مقاطعة جنيف مهما كان رقمه ووعوده ٫ وحتى لو تغير تاريخه و مكانه كما قد يفعل ميستورا تحت حجج شتى  .
لقد استمعت الى رياض حجاب في "حديث الثورة" وهو يتحدث عن جنيف بصيغة ضبابية عن تأجيل القرار على وقع معزوفة انقاذ المدنيين ٫ وهذا ما لا يجوز  له ولا لغيره ان يفعله فاستراتيجيتنا بعد تجريب جنيفين وتقديم كل النوايا الحسنة للمجتمع الدولي ألا نتورط ثانية في مفاوضات مع السفاحين دون قرار واضح وملزم من مجلس الامن تحت الفصل السابع ٫ وهذا غير موجود حتى الآن .
ومع هذه الملاحظة غير الودية على حديث حجاب لاعترف بإني شخصيا أثق برياض حجاب ٫ وأثق بمصداقية انشقاقه ٫  ورغبته في بناء سوريا جديدة كما أثق بأن لديه المرونة السياسية الكافية ليجمع خصومه قبل اصدقائه ٫ فجورج صبرا مثلا أكثر من شنع عليه بعد الانشقاق ٫ وقبل دخوله الائتلاف ٫ ومع ذلك دعم انضمامه لتشكيلة الوفد المفاوض دون اعتراض او تكليف من يقوم بالاعتراض بالنيابة كما جرت العادة عند المتلاعبين أصحاب نظرية المحاصصات  والتوافقات   .
وهذا الاعتراف يقتضي أن أضيف أن يدا وحدها لا تصفق ٫ وانك "لا تستطيع ان تعلم الثعلب الهرم خدعة جديدة" كما يقول الاميركيون في أمثالهم ٫ ومن هذا أقفز للقول كما قلت لحجاب في اكثر من مناسبة بأن كل الخبرات يجب ان يكون مرحب بها وهذا يقتضي إقامة قطيعة مع أسلوب "التهميش والاقصاء" الذي كان سائدا  فالهيئة بحاجة لكادر شاب حديث متنور خبير باللغات من العسكر والسياسيين  الذين يعون اهمية استقلال القرار السوري ٫ وهذا يعني ان الاعتماد على الوجوه التي خدمت أجندات اقليمية ودولية بمعرفة او عن جهل يجب ان يتوقف ٫ وتتوقف معه ارادة الذهاب الى أي جنيف قبل صدور قرار تحت الفصل السابع من مجلس الامن بوقف القتال وارسال قوات دولية ٫ فنحن لا يمكن ان نربح قرية بالاستعطاف تحت شعار حماية المدنيين  لنخسر بلدا كاملا وثورة ٫ أكرر بلدا كاملا وثورة .
الروس لم يأتوا ليلعبوا أيها السوريون الكرام ٫ ولا الايرانيين استثمرون خمسون مليار دولار في بشار الكيماوي ليسلموه لكم على طاولة في جنيف او فيينا ٫ فهؤلاء عندهم مشروع واستراتيجية ٫ وتخطئون ان تعاملتم معهم بحسن النوايا كما تخطئ تركيا ودول الخليج ان حاولت استمالتهم على حسابكم لأن المعادلة ستظل عند روسيا ان ايران اولا ٫ وكل ما يتماشى مع مصالحها ستفعله على حساب دول الاقليم .
وأعتقد أن أوهام التدخل التركي - السعودي سقطت قبل أن تثمر ٫ وقد توقعت ذلك أثناء زخم الحديث الدولي والعربي عن ذلك التدخل حين قلت قبل اسبوع  ملخصا توقعاتي : أحيانا ترعد دون أن تمطر  .   
قد لا يكون الامل جلياواضحا  للبعض لكثافة الحجب لكن يمكن لكل من يعرف قدرات الشعب السوري ان يراه مطلا خلف حجاب شفيف او غلالة كثيفة بحسب طبقات الاحباط المتراكمة  ٫ أما الذي يحجب الامل وعودته بقوة  عن اليائسين جدا ن فهو نشاط ماكينات التضليل الاعلامي التي تعمل على مدار الساعة لاحباطنا ٫ ودفعنا للتسليم بالهزيمة لكن هذا غير صحيح ٫ وغير مقبول محليا ولا اقليميا  لأننا إن هزمنا فهذا يعني أن تركيا هزمت ٫ وكذلك دول الخليج بما فيها تلك التي تتذاكى ٫ وتستثمر في موسكو لتتقي شرها كما تقول ٫ وهذه دول ستظل والغة في لعبة الابتزاز حتى تستنزف لأن كل ما تفعله ايران هو الاستيلاء بالكامل على سوريا ولبنان والعراق بالعملاء المحليين لاسقاط دول الخليج  دون حروب ٫ والعودة بها الى مرحلة " طهران شرطي الخليج " التي سادت أبان حكم الشاه من الخمسينيات وحتى نهاية سبعينيات القرن الماضي حين بدأت سلطة الملالي .
قد تتدخل تركيا والسعودية وقد لا تتدخلان ٫ وقد تغير أميركا أستراتيجيتها أو لا تغيرها ٫ الأمر الذي يعني أننا يجب ان نوحد صفوفنا ونعتمد على قدراتنا الذاتية دون انتظار تحركات الآخرين  ٫ وهذا يتطلب ان نلغي "ثقافة الدعم" ومشتقاتها  من قاموسنا ٫ وان نجعل الاصدقاء يفهمون جيدا اننا نعي مصالحنا ونعي انهم يساعدوننا دفاعا عن أنفسهم لا منة منهم ٫ فهم ايضا مستهدفون ٫ ويفهمون لغة المصالح أكثر منا .
أن قوتنا في هذا الشعب العظيم الذي صبر وقاتل سنوات خمس ضد أعتى قوى الشر في العالم ٫  وسيقاتل خمسا مثلها أو أكثر أو أقل أذا استعدنا ثقته وطهرنا صفوفنا من اللصوص والمتسلقين وأغبياء الصدفة الذين حولوا العمل الثوري الى بلطجة موسمية لانهم ما كانوا يرون أبعد من انوفهم ٫ ولا أمل في أن يروا أبعد أو أكثر ٫ فهذه القوى المحلية المخربة اصلا والفاسدة قبل قيام الثورة  أساءت للجميع ٫ وتحتاج الى كنس وما كنسها بصعب او مستحيل حين يظهر جسم عسكري وسياسي متماسك  يقول بفخر  وثقة : أنا البديل  .
ومع ظهور هذا الجسم والهيئة الحالية "نواته" يجب حل ما تبقى من المجلس الوطني والائتلاف وتكتل الجميع حول نواة صلبة وهيئة متماسكة تلغي عقلية التوافقات والمحاصصات التي استعارتها المعارضة السورية بكل اسف من النظام اللبناني المتهالك .
ومع اكتمال هذه النواة  جزئيا وعودة الثقة بأنفسنا و الثقة بقدرتنا على توحيد صفوفنا سيعود معظم الشباب الذي هاجر وخصوصا من دول الجوار ليخوض معركة النصر باسلوب جديد فيه حرب عصابات واقلاق خطوط العدو وقطعها فالميليشيات ٫  وما تبقى من جيش بشار الكيماوي لا تستطيع الاحتفاظ بمكاسبها الميدانية وهي تنتشر الآن على مساحات شاسعة يسهل قطعها وحصارها كما ان الروس لا يمكن ان يواصلوا القصف الى الابد  ٫ فهم يعلمون انه سيكون قتال في كل شارع وقرية وامام كل بيت ٫  وهم ليسو جاهزين لحرب طويلة بهذا المعنى ٫ ويراهنون على انهيارنا ليعلنوا انتصار عميلهم وهذا ما يجب ايقافه عند حدود حلب .
وحين تظهر تلك القوة السورية التي لا ينقصها الا التنظيم  سيعرف العالم أن البديل عن ربيب الفساد والاستبداد جاهز ٫ ووقتها فقط سيكون العالم جاهزا لقلب صفحة وفتح صفحة أخرى لا يمكن أن يكون عنوانها الا النصر لثورة شعب قدرها أن تغير سوريا ٫ والاقليم ٫ والعالم 

د . محيي الدين اللاذقاني
الاثنين 22 فبراير 2016