نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى


فساد 'مكافحي الفساد' في لبنان




بمناسبة ملف تأليف الحكومة اللبنانية في ظرف اقتصادي دقيق من جهة أولى، وبفعل إعجاب بعض الأحزاب والناشطين بتجربة " السترات الصفراء" في فرنسا، من جهة ثانية، تقدّم موضوع مكافحة الفساد إلى واجهة الاهتمام.


 
ومن الواضح أن الأفكار التي يتم طرحها تصدّيا للفساد سليمة، إذ أنها تتبع "التقويم" المتّفق عليه لإصلاح الدول.
وما من شك أن الوقوف في وجه الهدر واللصوصية والنفعية، في مقابل التمسّك بالنزاهة في التوظيف والتلزيم والإنفاق، هي من ضروريات حماية المال العام والتوزيع العادل للثروة الوطنية وتحسين الوضعية الاجتماعية للمواطن.
ولكن، في حالة الجمهورية اللبنانية فإنّ كل هذه التدابير، حتى لو ترجمت إلى أفعال بأعجوبة، لن تُجدي نفعا؛ فالميكروب الذي ينشر الالتهاب القاتل على امتداد الدولة يتغذّى من التشوّه اللاحق بـ"النظام"، لذلك لا بد بادئ ذي بدء، من الانكباب على "تطبيب" هذا التشوّه.
والتشخيص متوفر، ولكنّ المعالجة على أساسه مغامرة لا يبدو أن "الأطباء" الحاليين سيخوضونها، بعدما اعتبروا أن من سبق وفعل، قد تأذّى إلى حدود... القتل.
ومن كان قريبا من الرئيس الشهيد رفيق الحريري يُدرك ذلك. فالحريري، وعلى إثر العراقيل التي حالت دون تطبيق مقررات "مؤتمر باريس ـ 2"، واكتشافه الدور الذي قاده الرئيس السوري بشّار الأسد في صناعة هذه العراقيل، اعتبر أن مفتاح الحل يكمن في إصلاح الواقع السيادي في لبنان من خلال بدء العمل على إنهاء الهيمنة السورية ـ بالمباشر كما بالواسطة ـ على القرار اللبناني، مما قاده مباشرة إلى عصف ألفي كيلوغرام من الـ"تي.أن.تي.".
ومن تابع العلاجات التي حرم منها الاقتصاد الوطني، يعرف أنّ الحكومات المتعاقبة ـ ومن بينها بطبيعة الحال الحكومة الجديدة المكوّنة من متخاصمين في السياسة ومتباينين في الرؤى الوطنية ومختلفين في التوجه الاقتصادي ـ تقف عاجزة أمام الفساد بمختلف تجلياته، بفعل المحاصصة والاستزلام والتبعية التي ترتدي عند اللزوم الزي الطائفي، وهي، إن تمكّنت من تسديد رمية فإنها تكون في المجمل على حساب شخصية إدارية تمرّدت على "الشواذ المتّفق عليه".
ومن لاحق خلفيات المأزق الذي يقع الاقتصاد كما المالية في حبائله، يلتمس كلفة "حزب الله" المسلّح والملحق بمشروع إقليمي طموح تقوده إيران، إذ أنّه تسبّب بضرب السياحة، وهي المورد الرئيس للعملات الصعبة، وعقّد مسار النظام المصرفي، وهو ركن أساسي في لبنان، ورفع مخاطر الاستثمار الذي من دون نموه تنتعش البطالة، وبجعله لبنان يتنقل بين حدّين تدميرين، وهما العقوبات والحرب.
وعلى الرغم من تأثير "حزب الله" السلبي على انتعاش الدولة، لم ينكب أي فريق على دراسة علمية تُظهر كلفته الضخمة على الاقتصاد، لا بل إن غالبية القوى السياسية اللبنانية، راحت تتجاوز هذا الواقع، وتحاول التفتيش عن حلول في مواضع أخرى سرعان ما تتهاوى، لأنها حلول تُعنى بالعوارض ولا تركّز على المسبّب.
ولا يمكن لدولة أضحى نظامها مجرد أداة لإدارة الفوضى الكيانية أن تتطلّع إلى إنجاز إصلاحات ناجعة، لأن مشكلتها لا تكمن في النص القانوني بل في عدم تطبيقه بفعل رضوخها بفعل العجز أم العمد، للتفلّت من الالتزام بالقواعد الدستورية التي يفترض أن تستمد منها شرعيتها السلطوية الملزمة بالتساوي بين جميع المواطنين.
وما يصيب البُنى الفوقية للدولة يصيب البُنى الشعبية، إذ إن "محاربي الفساد" يرفعون في الشارع شعاراتهم، وفق "أجندة" سياسية، أي أنهم يريدون تحميل المسؤولية للعوارض، وليس للمسبّبات.
ولذلك، فإن "حزب الله"، بكل كلفته على الاقتصاد وعلى الجاذبية اللبنانية المالية وعلى رفاهية المواطن، يتم تحييده ـ لا بل ثمة من يسعى إلى جذبه حليفا ـ فيما هو، بالإضافة إلى تأثيره السلبي بفعل كينونته المسلّحة، شريك حاسم في صناعة السلطة، وليس أدل على ذلك أنه هو من فرض العماد ميشال عون مرشحا وحيدا على رئاسة الجمهورية، وهو من وقف وراء قانون الانتخاب الذي وفّر له تفوّقا عدديا في البرلمان، وهو من أوقف تشكيل الحكومة لأشهر حتى يدخل إليها من يريده من قوى صنعها على قاعدة "قصقص نواب وساويهم (اعمل منهم) كتل (نيابية)".
بطبيعة الحال، يحتاج لبنان إلى عملية إصلاح عميقة، من أركانها مكافحة الفساد المستشري، ولكن بالتوازي مع ذلك يحتاج إلى تخليص نفسه من الفوضى الذي تضرب نظامه، بفعل الأدوار التي يلعبها "حزب الله" المسلّح من جهة، وبفعل اختباء المرتكبين وراء الطوائف من جهة أخرى.
-------
الحرة

فارس خشّان
الجمعة 21 ديسمبر 2018