نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


فيلم حرق معاذ الكساسبة بين الحقيقة والخيال.




ما أن نشر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فيلم إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حتى انطلقت العديد من النظريات تشكك بصحة الفيديو وتعتبره أنه عبارة عن تمثيلية لإرعاب المشاهدين وأنها لا تعني بالضرورة أن معاذ قتل محروقاً أو حتى قتل!


 
وبصفتي مخرج ولي خبرة في التصوير والمونتاج باستخدام أحدث التقنيات أرغب أن أن أشارك القراء بالنقاط التالية:
- التمثيل (في الفيلم الراوئي) هو تجسيد للواقع من خلال تطويع النص وجعله يبدو حقيقة من خلال الكاميرات والممثلين فتحلق الكاميرا في المشهد بحيادية دون ان تقاطع حركاتهم أو تشعر بوجودها فتقترب مما يرغب المخرج أن يجعلك تشاهده وتهمل العناصر الأخرى هكذا حتى تندمج بالمشهد وتشعر أنك تعيش فيه.

- الفيلم الوثائقي : هو تصوير الواقع كما هو دون تمثيل وخلق من الواقع نص وصورة تتضائل التقنايت الاخراجية والتصويرية حتى لا تحوره ليكون الواقع سيد الموقف فلا يتدخل المخرج بسير الأحداث إلا لأسباب استثنائية تقنية ويحاول قدر الامكان نقل الصورة على حقيقتها واظهارها أقرب ما تكون لتشابه الخبر المصور وللعلم أول فيلم صور في التاريخ هو فيلم تسجيلي للفرنسيين «لوي وأوغست لوميير» اسمه «الخروج من مصانع لوميير ووصول القطار إلى محطة لاسبوتات» حيث وضع المصور الكاميرا وشغلها فمر القطار ثم أطفأ الكاميرا وكذلك فعل أما المصنع وهذا الأسلوب بقي متبع لعقود في نقل الحقائق في الأخبار المصورة والأفلام التسجيلية الوثائقية وهذا ما تعودنا أن نراه في الحروب والثورات والجرائم والكوارث وغيرها "أي تصوير الوقائع كما هي"
- اليوم أضيف تصنيف جديد لصناعة السينما والتلفزيون:
الفيلم الداعشي: وهو فيلم بين الروائي وبين الوثائقي بحيث يصور بطريقة روائية ينفذه مجموعة كبيرة من الكومبارس والممثلين ينتج عنه حدث حقيقي مصور مثال لتقريب الصورة لكم: تخيل مشهد سينمائي يظهر اغتيال شخصية مستهدفة. سيخرج على الشكل التالي:
اختيار المكان المناسب للهدف: مكان عام شارع أمام مقهى وهناك مارة وسيارات وغيرها من المظاهر الطبيعية في أي مدينة.
موقع القناص: في غرفة الفندق مقابل الهدف فيتم تجهيز اضاءة الغرفة باضائة خافتة ويدخل نور النهار من النافذة التي يتواجد فيها القناص والكاميرا خلفه بزاوية منخفضة تظهره على أنه رجل ضخم ورهيب يرتدي الأسود وصندوق أسلحته جنبه ثم تنتقل الكاميرا الى عينة لتظهر أنها كبير ومخيفة مراقبة بشدة بعدها تتنقل الكاميرا لتظهرك أجزاء السلاح لتوضح أنه سلاح دقيق وعالي التقنية وهكذا يتناوب المشهد بين القناص والضحية الذي يقرأ الصحيفة حتى يصل الأدرنالين إلى أعلى مستوى عند المشاهد فيضغط في النهاية الرامي على الزناد (تمثيليا) وتسقط الضحية مع اضافة بعض المؤثرات السينمائية لدخول الرصاصة وخروجها من جسده كتطاير الدماء وغيرها.
ما علاقة هذا المثال في الفيلم الداعشي؟
فريق اخراج الفيلم الداعشي يقوم بجميع الإجراءات الإخراجية السابقة ويستخدم جميع تقنيات إخراج المشهد الروائي السينمائي لكن بفارق جوهري أن السلاح حقيقي وذخيرته حقيقية والهدف ضحية أجبر على التمثيل فعندما يضغط الرامي على الزناد تسقط الضحية مصروعة حقيقةً ولا تمثيلاً. وهذا بالضبط ما حصل في فيديو معاذ الكساسبة :
- عدد كبير من الكومبارس والممثلين (عناصر التنظيم)
- موقع معد مسبقاً باكسواراته (القفص النار مسارات الاشعال الجرافة... إلخ)
- توقيت التنفيذ الصباح الباكر (للحصول على أفضل إضاءة خارجية للتصوير)
- أجبرت الضحية على السير والتمثيل بطريقة أرادها المخرج فمن الممكن أن الضحية تعيد الحركة عشرات المرات حتى يأخذ أفضلها (طبعا ليس مشهد الحرق لكن مشهد الوصول للمحرقة)
- المنفذين حركاتهم تمثلية ودرامية تدربوا عليها
- عدد كبير من الكاميرات (أتوقعها أربعة كاميرات)
- وقت كبير للتحضير والتنفيذ
لكنهم في الحقيقة أشعلوا النار واحترق الممثل (الضحية) ثم خضع مشهد الحرق نفسه إلا عمليات تحوير ومونتاج عديدة ليظهر بمظهر أكثر درامية وارهاباً للمشاهد وهذه العمليات هي التي يرتكز عليها المشككين بصحة الفيديو. وسأوضح أكثر هذه النقطة بسرد بعض الأمثلة:
- قد تحدث أمور في الواقع بخلاف ما خطط له المخرج مثال عدم تحرك النار في مسار الاحراق بشكل سريع ولم تكن شعلة كبيرة تراها الكاميرا فيقوم بتقليص الوقت في المونتاج واضافة مؤثرات بصرية على النار لتظهر ها بشكل مخيف أكثر.
- الضحية لم ينتظر النار باستسلام لكن تصرف بشكل دفاعي وحاول الهروب وتسلق القفص أفسدت المشهد وفي هذه الحالة هناك عددة خيارات من الممكن للمخرج أن يكون قام فيها لتلافي اظهار ذلك يطول شرحها.
- مخرج أفلام داعش يعلم جيدا مبدأ اخراج أفلام الرعب هو كل ما لا تراه يخيفك أكثر بمعنى خيال الشبح يحمل منجل يخيف أكثر من شكله وأن ترى أنياب القرش متجهة نحو الضحية بأقل من ثانية تخيفك أكثر من مشاهدة القرش بكامل جسده مطولاً أي بمعنى أن يجعل المخرج عقلك بانتاج صورك الخاصة فيك التي تخيفك فبمشاهد قطع رؤوس كان القاتل يبدأ بحز الرقبة ثم ترى الرأس على ظهر الضحية وكذلك مشاهد حرق معاذ مشاهد سريعة مأخوذة من فترة احراقه الطويلة وأيضاً وبنفس الطريقة مشهد ردمه
- المشاهدون تعودوا على المشاهد الحقيقة الفضيعة والمخيفة لدرجة التبلد خصوصاً بعد توفرها بشكل كبير على مواقع التوصل الاجتماعي في سنوات الربيع العربية العجاف لدرجة أنها زصبحت جميعها متشابهة ولا تعني المشاهد بشيء ومن هنا على ما يبدو جاءت فكرة انتاج فيديو فضيع بشكل مختلف.
في النهاية لا يستطيع أحد التشكيك في صحة الفيديو إلا معاذ الكساسبة نفسه "إذا ظهر حياً" ما عدا ذلك تبقى جميعها نظريات لا ترقى لأن تكون حقيقة تنافس حقيقة حرق الطيار.
----------------------------------
مخرج ومنتج أفلام وثائقية ودعائية
٧ فبراير ٢٠١٥

مازن الخيرات
الاحد 8 فبراير 2015