نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


لماذا غابت تركيا عن إستراتيجية ترامب للأمن القومي؟




في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما السابقة، صدرت استراتيجيتان للأمن القومي الأميركي، الأولى عام ٢٠١٠ والثانية عام ٢٠١٥. في الاستراتيجية الاولى كان هناك إشارة واضحة الى تركيا ضمن الحديث عن الحلفاء الاوروبيين لأميركا. وأشارت الوثيقة الى أنّ الولايات المتّحدة ستواصل إنخراطها مع تركيا حول مساحة واسعة من الأهداف المشتركة، خاصة فيما يتعلق بمتابعتها لجهود تحقيق الاستقرار في المنطقة.


 
أمّا الاستراتيجية الثانية الصادرة عام ٢٠١٥، فبالرغم من أنّها جاءت بنصف حجم الوثيقة الاولى تقريبا، وتزامنت مع تدهور العلاقات الأميركية- التركية بسبب تراكم المشاكل المتعلقة بتجاهل واشنطن للأمن القومي التركي، فإنّها تكلمت عن تركيا بشكل مقتضب جداً في سياق الكلام عن توثيق التحالفات الأميركية في المنطقة ومع أوروبا بالتحديد، ومتابعة التحوّل في العلاقات الاميركية مع الدول في القوقاز.
لقد تزامنت تلك الفترة مع مساعي واشنطن لتحقيق مصالحها الإقليمية بعيداً عن مصالح تركيا في الجوار الإقليمي، لا سيما في كل من سوريا والعراق، وهو الامر الذي خلق فجوة كبير في تصوّرات وسياسات البلدين إزاء الملفات الإقليمية، وتالياً بعضهما إزاء بعض. لقد امل الجانب التركي في ان يتم فتح صفحة جديدة مع مجيء إدارة دونالد ترامب، لكن التدهور في العلاقات تواصل على نفس المسار.
غياب تركيا
في ١٥ ديسمبر، صدرت استراتيجية ترامب للأمن القومي، لكنّها على عكس الاستراتيجيات التي صدرت في عهد الرؤساء السابقين، لم تتطرق أبداً الى تركيا، ولم يتم ذكرها ولو مرّة في نص الوثيقة، وهو مؤشر سلبي جداً في ظل التدهور غير المسبوق في العلاقات بين البلدين.
ربما يمكن تفّهم هذا الأمر لو كانت الوثيقة خالية من أسماء دول إقليمية أخرى. لكن الوثيقة ركّزت في قسم الشرق الأوسط على طرفين، الأوّل هو إيران باعتبارها أحد أكبر خطرين الى جانب ما سمته الوثيقة «الجهاديين»، والطرف الثاني هو الحلفاء التقليديين -وان لم تطلق عليهم هذا اللقب- مثل السعودية ومصر.
ورد اسم إيران في الوثيقة حوالي ١١ مرّة بما يرتبط بدورها السلبي في المنطقة، بينما ورد اسم السعودية ومصر مرّة واحدة بشكل مباشر، وعدّة مرات بشكل غير مباشر، حيث كان من السهل معرفة انّها المقصودة في بعض المقاطع الواردة في الوثيقة.
موقع ضبابي
المشكلة أن غياب اسم تركيا عن الوثيقة يضع الأخيرة في موقع ضبابي، ويفتح الباب واسعا أمام التكهنات حول طبيعة نظرة ادراة ترمب تجاه أنقرة. هناك من يشير الى حقيقة ان مستشار الامن القومي هربرت مكماستر وفريق عمله في صياغة هذه الوثيقة لعب دوراً سلبياً في غياب الإشارة الى تركيا على اعتبار انّ بعض التقارير كانت قد نقلت مؤخراً كلاما عن مكماستر اتهم فيه أنقرة بأنّها تقف خلف دعم الأيديولوجيا المتطرفة في المنطقة، لكنّه سرعان ما عاد وتراجع عن كلامه هذا في مقابلة لاحقة مع وكالة الأناضول، مشيراً الى أنّ «الولايات المتحدة ملتزمة بالشراكة الاستراتيجية مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة وهزيمة الإرهاب بكل أشكاله»، وانّ «الولايات المتحدة تدعم تركيا منذ زمن طويل، وستواصل ذلك، باعتبارها بلدا أظهر للعالم الإسلامي من زمن طويل، المنافع الواضحة للإصلاح والحداثة والاعتدال والتقدم».
هناك أيضاً ما يتعلّق ببروز مفهوم «أميركا أوّلاً» بشكل مبالغ فيه في الوثيقة بما يتوافق مع نظرة ترامب سابقا. عند إنزال هذا المفهوم المنزلة الإقليمية، سيكون هناك مشكلة بالتأكيد، إذ إنّه يعني انّ أميركا ستهمل بالضرورة مصالح حلفائها او شركائها اذا ما حصل تضارب في مصالح كل منهما، وهو الأمر الذي يشير بدوره الى إمكانية دوام الظروف التي أدت الى تدهور العلاقات التركية – الاميركية خلال السنوات الماضية عندما تجاهلت واشنطن بشكل مستمر مصالح تركيا الإقليمية وأمنها القومي.
تمويه الدعم للأكراد
لقد أعطت إدارة ترامب نموذجاً إضافياً على هذا الكلام خلال الأيام القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال، كان الرئيس الأميركي قد وعد نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي بينهما، في 24 نوفمبر الماضي، بعدم إرسال أسلحة الى الميليشيات الكردية في سوريا، لكنّ بعد عدّة أيام من نشر استراتيجية الامن القومي الاميركية، تم الكشف عن أنّ ترامب وافق في ١٢ ديسمبر على لائحة اعدّها البنتاغون لدعم ما اسماه «المعارضة السورية المفلترة» بحوالي ٤٠٠ مليون دولار. ويعتقد كثيرون انّ هذا المصطلح الجديد هو تمويه للتحايل او الالتفاف على تسمية الميليشيات الكردية المدعومة من قبل واشنطن في سوريا.
مسألة أخرى من المفترض أن تثير شكوكاً حول نوايا واشنطن الذهاب بعيداً في تحدّي دول من المفترض انّها دول حليفة وشريكة لها في المنطقة كتركيا. إذ أوردت وثيقة الامن القومي في القسم المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط انَ الولايات المتّحدة تسعى الى شرق أوسط لا تسيطر عليه أي قوة معادية للولايات المتّحدة. لم يتم تسمية دولة بعينها على الرغم من انّه كان بالإمكان ايراد إيران اذا كانت المعنيّة الوحيدة، خاصّة انّ اسم ايران ورد عدّة مرات في أماكن أخرى من الوثيقة، لكنّ إبقاء الاسم مجهولاً يعني أنّ المراد بحالة الغموض هذه دول أخرى أيضاً، ربما تكون من خارج المنطقة، كروسيا او من داخل المنطقة كتركيا.
يبقى انّ نشير الى انّ تركيز الوثيقة على إيران قد يخلق مشاكل إضافية للجانب التركي الذي زاد، هو وعدّة دول مؤخراً، من تعاونه مع طهران نتيجة للأزمات التي ظهرت في الخليج وفي الموقف من الملف السوري والعراقي، ومؤخرا في قضية القدس، لكن حجم هذه المشاكل التي ستعترض تركيا سيعتمد على مدى جدّية الموقف الأميركي في مواجهة إيران في وقت يعتقد فيه كثيرون أنّ الإدارة الأميركية ستستخدم الخطر الايراني لاستنزاف بعض الدول الخليجية مالياً، ولن تعطيها في المقابل الا الكلام وبعض الاجراءات الشكلية التي لن تغيّر من الواقع على الأرض كثيرا.
----------
القبس

د. علي حسين باكير
الاحد 24 ديسمبر 2017