نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


لينا هشام قزاز : الوعي الفني بالسعودية يحتاج الى تحسين




جدة ( السعودية ) كمال مصطفي - إذا كانت الفنون التشكيلية في العالم كله هي نتاج لتفاعل حركة الفن والثقافة والبيئة بالمجتمع فان هذا التفاعل يختلف من مجتمع إلى آخر حسب درجة ومستوى الوعي والثقافة والإدراك لدى الفرد سواء من الفنان المعطي أو من الإنسان المستقبل لهذا الفن ومدى تقبل وسائل الإعلام لعرض أو رفض كافة أشكاله ، لذا نجد الفن الراقي والرديء في كل المجتمعات .


الفنانة التشكيلية لينا مع لوحتها قبة مسجد الرسول الكريم
الفنانة التشكيلية لينا مع لوحتها قبة مسجد الرسول الكريم
وكان الدكتور عز الدين شموط قد أكد علي البصمة الشخصية للفنان من خلال كتابة أزمة الفن التشكيلي علي أساس أن الفن التشكيلي هو فن شخصي ينبع من عقل وفكر الفنان، الذي يعكس مايراه ويشعر به إلي عمل فني في صورة ما سواء رسما أو نحتا أو تجميعا لمواد لتكوين مجسما لفكرته.

تقول لينا هشام قزاز إحدى نوابغ الفن التعبيري في المملكة العربية السعودية والتي تخصصت في فن الرسم من جامعة ميري ديث الأمريكية بولاية كارولينا الشمالية وحصلت منها على بكالوريوس الفنون الجميلة تخصص "أستوديو أرت". أنها تعشق الفن للفن رغم براعتها في رسم المساجد الإسلامية التي كانت محور بحثها واحد الأسباب الرئيسة في إدراج الفن الإسلامي في مقررات الجامعة بعد أن كان بعيدا عن دائرة الضوء هناك.وقد تطورت قدراتها الإبداعية بسرعة ملحوظة شاركت خلالها في معارض جماعية داخل السعودية وخارجها كان أخرها معرضها في صالة اليونسكو في لبنان لتصبح أول فنانة سعودية معاصرة تعرض أعمالها الفنية في لبنان كما أنها حاصلة علي جائزة فن الرسم في مهرجان المحبة عام 2006 والذي أقيم بمدينة دبي.

وأشارت لينا في معرض تصريحها لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنها شعرت بالموهبة منذ الطفولة ثم صقلتها بالدراسة الجامعية لتصبح رسامة محترفة تنتمي للمدرسة التعبيرية لتحقق فلسفتها الخاصة بان الفن رسالة سلام وعلم ولغة عالمية مشتركة تخدم الحركة الإنسانية من خلال تقديم أساليب فنيه جديدة تثري المدرسة الفنية لان الفن سمة من سمات الحضارة الثقافية . وإذا كان الفنان الراحل عبد الحليم رضوي اتجه بداية الستينيات إلى ايطاليا بجهود فردية فربما تكون هي -التي تعلمت ركائز الفنون في الجامعات الأمريكية في التسعينيات – تجد لينا نفسها أكثر ميولا للمدرسة التعبيرية بخطوط أكثر استقلالية وحرية وهو ما يمكن أن يعتبره البعض ممن اعتادوا علي الانتقاد أنها فنانة متمردة علي الفن التقليدي ولكن بمشاعر جياشة ومرهفة ومن هنا كان من الطبيعي على بعض وسائل الإعلام السعودية أن تصفها بالفنانة العالمية.

وأضافت لينا أن الفن بدأ بالكلاسيكيات ابتداء من ديفنشي ومايكل أنجلو حين كان الفن مختزلا لرصد تسجيل الواقع وتعاليم الدين والثقافة والوضعية الاجتماعية ثم جاء سيزان رائد المدرسة التأثيرية ثم مونيه و مانيه من المدرسة التعبيرية ثم المدرسة التجريدية مع جاكسون بولك وأخيرا البوب أرت. ومهما تعددت المدارس فان اللوحات الفنية كانت تعكس انطباعات الفنان علي ما يقوم برسمه أي نقل الواقع مع إضافة إحساس الفنان نحو ما يقوم به من إبداع اعتمادا علي سماكة الخطوط التي كانت في السابق مقياسا للحكم على شكل الصورة رغم أن الألوان ليست المعيار الأوحد للحكم علي اللوحة ولكن المساحات وتكوين الألوان والتضاد بينهما كان له دورة في تحديد الشكل النهائي للوحة وهو ما ظهر في المدرسة السريالية عن طريق سلفادور دالي .

وطالبت الرسامة لينا بأهمية توسيع دائرة الاهتمام بالحركة الفنية عن طريق تحسين الوعي الفني بالسعودية بواسطة إقامة المزيد من المعارض من كل دول العالم لفنانين عالميين لهم مكانتهم لبناء وعي عميق بالحركات الفنية في أرجاء المعمورة أمثال سيزان وجيفنشي و بيكاسو وسلفادور دالي حتى تترسخ قيم فنية عريقة.وأضافت أن رسوماتها بعيدة عن الانغلاق لان الفن ليس له جنسية ولا يوجد في العالم فن يسجل باسم دولة لان الفن ملك للإنسانية كلها ولكنه في الوقت نفسه يعكس شخصية الفنان الذي قام برسمه ومن هنا فإن اللوحة تعكس صاحبها والبيئة والمجتمع والزمن المحيط .

من جانبه أكد الفنان التشكيلي السعودي عبد العزيز عاشور -المستشار السابق بوزارة الإعلام والثقافة السعودية -أن هناك بالفعل حراك ايجابي في الوسط التشكيلي النسائي السعودي لان الفن كالحديقة كلما أضيفت إليها وردة تظهر جمالها ورونقها وريحها للمتذوقين ومن هنا يتفاعل الحراك بين الفن والمجتمع. وأضاف أن عدد الفنانات السعوديات في ازدياد متنامي ولاشك أن هذا الكم لابد من أن يفرز كوكبة متميزة من النابغات .وأشار إلي أن الفنانة لينا القزاز هي من ضمن مجموعة من الفنانات المجتهدات ولابد في هذه المرحلة من تفاعل الإعلام والفن وفق منظومة تدعم هذا التوهج لمكانة المرأة وازدياد بزوغ نجمها في الوسط الفني .

من ناحية أخري أشاد الفنان التشكيلي السوداني عوض أبو صلاح بالفنانة لينا قزاز وأكد أنها وضعت قدمها بالفعل علي بداية سلم العالمية بعد أن ساعدها طموحها ومثابرتها واجتهادها علي الخروج من الطوق الإقليمي لأنها فنانة تهتم بالفن ولها رسالة خاصة تريد إيصالها للعالم عن طريق ما ساهمت به من عمل فني تعبيري بأسلوب خاص ومتميز وصادق .إنها تصر دائما علي وضع شخصيتها وصدقها بشكل ملحوظ على لوحاتها ومن هنا يمكن أن نقول أنها مزيج من المدارس التعبيرية والانطباعية. وطالب بأهمية الدعم الأكاديمي لهذا الحراك النسائي المتصاعد لكسب مزيد من الانفتاح على المستوى العالمي لان الفن يخدم الإنسان و الإنسانية كلها ويا حبذا لو تمت مخاطبة العالم برؤية سعودية وبرسالة فنية تؤكد السلام والحب بين شعوب العالم .

في نفس الاتجاه واصل الفنان التشكيلي صديق واصل استعراضه لمشوار الفنانة لينا قزاز وأكد علي تميزها وتنوعها لاسيما في الخط الإسلامي وان خطوط الألوان والانسيابية تؤكد وجود رؤية فنية دفينة و عميقة يمكن ملاحظتها من خلال المرور أمام لوحاتها التي رسمت السيرة الخالدة للرسول محمد صلي الله عليه وسلم من خلال رحلته مع الدعوة الإسلامية والمعاناة التي عانى منها من اجل نشر رسالة الإسلام الحقيقة وهي الحب والسلام بين الأنام في العالم .

واستعرض مشوار الرسامة لينا وقال إنها ذات أفاق واسعة تفوق الحدود وتملك فلسفة اقرب للفن العالمي لأنها تملك لغة تعبيرية ناضجة بشكل شمولي يخاطب العالم وأصبح من السهل التعرف علي شخصيتها من خلال رؤية أعمالها الفنية في الألوان والمساحات بل وفي تداخل الأشكال حتى أصبحت لوحاتها عن مسجد الرسول ( ص ) انعكاسا لصدقها مع رسالتها التي تريد نقلها للعالم لاقتناعها بان الصورة تغني عن ألف كلمة .

ولعل اختيار لينا لموضوع مساجد الرسول ( ص ) بشكل حديث ومتجدد واستخدام ألوان غاية في البساطة تؤكد بأنها ماضية في تقديم الدين الإسلامي الحنيف بصورة مشرقة ومضيئة .ولعل بروزها علي المستوى المحلي والعربي دليل نجاح وتنامي الفن التشكيلي السعودي وتأكيد على وصوله لحالة من النضج واكتسابه لأرضية اعرض من المتذوقين وعبوره لأنفاق التجاهل التي سادت الوسط العربي سابقا . كما أن هذه الفنانة أرادت أن تؤكد علي أن الفنان هو الذي يفرض وجوده من خلال عمله الصادق وتواصله وتخطيه للعقبات ومثابرته لانه لا النقاد ولا الجماهير هي التي تحدد مصير الفنان بل اقتناعه بقدراته وطموحه ورغبته في تقديم الجديد بشكل متميز هو أهم وابرز أدوات التألق .

وفي هذا الإطار اثني علي ذكاء هذه الفنانة التي استغلت الانفتاح الإعلامي- الذي حول العالم لقرية صغيرة وجعل العالم بلا حدود – في انتشار أعمالها وأكد أنها لو تغلبت على بعض العقبات التي ستقف في مشوارها القادم مع الاستمرار في تقديم أعمالها الجديدة والحديثة والمتميزة فان كثيرين يتوقعون لها مكانة عالمية بارزة لاسيما أنها فنانة لا ترمي من وراء أعمالها إلي البعد الاقتصادي والتجاري بشكل مباشر بل هدفها هو إيصال رسالة وإبلاغ لغة يفهمها العالم الذي يعيش بعقلية القرن الحادي والعشرين.

وأضاف أنه مع سهولة التواصل وفي ظل العولمة الحالية وعشق لينا بالكيف بدلا من الكم و التأني والدقة فيما تختار فان هذا الزخم سيكون بمثابة البوابة التي ستخرج منها إلي السباق العالمي لان حب العمل الفني والتضحية من أجله لابد وان تثمر عن ثمار يقطفها العالم المتعطش للالتفاف والتوحد من خلال الفن والثقافة وهما جناحي الطائر الذي ينشد أن يغرد بلغة الحب ويصدح بأنغام التواصل والتناغم والانصهار في بوتقة الوئام بين بني الإنسان في كل مكان وزمان.

وعلي الجانب الصحفي أشار عبد الهادي صالح المحرر الثقافي بجريدة الحياة اللندنية في مكتب جدة والشاعر والعضو في لجنة الشعر بنادي جدة الأدبي بأن التجربة الفنية في العشر سنوات الماضية السعودية شهدت نقلة ملموسة لاسيما من الجانب النسائي. وفي ظل خروج التجارب العالمية عن المدارس التقليدية وارتدائها ثوب التطور والتحديث فان محاكاة العالمية أصبحت ضرورة ملحة للفن التشكيلي من جانب الرجال والسيدات لان التوقف عند أي مدرسة تجريبية سابقة سيصيب الحركة بالجمود.

واستشهد عبد الهادي بوجود تجارب نموذجية بمفاهيم عالمية من بينها تجربة الفنان محمد الغامدي في جدة الذي عشق الفن المفاهيمي وهو فن ما بعد الحداثة حيث يعيش الفنان حالة من الإبحار خارج إطار اللوحة وهو نموذج لمحاكاة العالمية. ولعل تبني مثل هذه الأعمال المتميزة لاسيما من الجانب النسائي كتجربة الفنانة لينا قزاز يجعلنا متفائلين وواثقين من أن القادم سيكون أفضل كثيرا .وأكد عبد الهادي أنه إذا حظيت الحركة النسائية الفنية بمزيد من التقدير فمن الممكن أن نراهن عليها ضمن تجارب الحركة الفنية العالمية وأضاف أنه يتوقع لها مستقبلا جيدا في ظل إخلاصها المحسوس من لوحاتها وان المستقبل سيشهد نقلة فنية لأعمالها المتأنقة شديد الخصوصية .

كمال مصطفي
السبت 10 أكتوبر 2009