نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


ما بعد اجتماع الرياض – الحقيقة والحساب







سأبدأ بإيجابيات اجتماع الرياض وما يقابلها من سلبيات، ويمكن تلخيصها بإيجابيتين، الأولى تمثلت ببداية وعي لدى قوى الثورة العسكرية الفاعلة بأهمية العمل السياسي وإن قابل ذلك انخراط بطريقة سيئة في العمل السياس بقبول تهميشهم وتضخيم معارضات سياسية هامشية أو لا وزن لها مثلها معظم من حضروا اجتماع القاهرة.


 

أما الإيجابية الثانية فتمثلت في الوثيقة الصادرة وإن كان فيها غموض متعمد كنقطة “إعادة هيكلة الجيش والأمن” بدل بنائها من جديد، لكن قابلها شروط ما قبل بدء التفاوض المسماة “خطوات حسن النية” الخاصة بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار الإنساني والقصف والإصرار على رحيل “بشار أسد زمرته عند بدء المرحلة الانتقالية”، وهنا يبرز السؤال الأهم، هل سيلتزم الوفد المفاوض بهذا الشرط؟ وهل ستُعقد المفاوضات أصلاً بهذه الشروط وبهذا الوفد ما دامت الشروط وتركيبة الوفد مرفوضة من أطراف المحور الأول في اجتماع فيينا المتمثلة بكل المجتمعين عدا “السعودي التركي القطري” الذين يمثلون المحور الثاني في فيينا والذي أنتج عملياً وفد التفاوض هذا ووثائقه؟

أقولها بكل ثقة، ليس ثقةً بهم بل بطبيعة أهدافهم الشخصية وأدائهم المُجرب؛ الهيئة العليا السياسية الجديدة للمعارضة ووفدها للتفاوض سيبدؤون المفاوضات أوائل العام القادم بعد “لحسهم” للشروط التي وضعوها في وثيقتهم كخطوات حسن نية قبل بدء التفاوض، أما بالنسبة لتركيبة الوفد فسيضغط الروس بتأييد أمريكي ليتم توسيعها لتشمل الميليشيات الكردية وبعض الشخصيات المخابراتية التي عقدت اجتماعاً موازياً لها في المالكية ودمشق، وربما بعض شخصيات المعارضة التي حضرت أو لم تحضر اجتماع الرياض “وخرجت من المولد بدون حمص”.

إذاً لماذا كان مؤتمر الرياض أصلاً ولماذا صدرت وثائق لن يطبقها أصحابها؟ مؤتمر الرياض كان لضمان “أكثرية” بين معارضات مخترقة عبر إصرار أعداء الثورة من المحور الأول  على “توحدها” لإدخال “زلمهم”، تماماً كما حصل في مؤتمر القاهرة قبل ثلاثة أعوام ونصف،  أما هنا في مؤتمر الرياض فقد سبقهم زعيم المحور الثاني “السعودية” لإنتاج “معارضة موحدة” بدعم تركي قطري قطعاً للطريق على المحور الأول “الروسي والأمريكي والإيراني والأسدي” مع الاضطرار لإدخال بعض عملاء المحور الأول بثقل خفيف لإسكاتهم، والهدف تجاوز مناورة “التفاوض التآمري على الثورة السورية” التي ستنتهي خلال الأشهر القادمة بالفشل كما جنيف، بينما يستمر المحور الأول المتآمر على الثورة في محاولة الحسم العسكري الوحشي، وطبعاً كان لابد من رشة بهارات من القوى العسكرية عسى أن يجنبها ذلك التصنيف بخانة الإرهاب مع وعود بالتسليح باعتباره الأمر الوحيد الممكن للمحور الثاني للرد على الروسي في سوريا مع تجنب مواجهة مباشرة معه.

لنتذكر أنه في اجتماع الرياض فرط الائتلاف بما لا يملك لمن لا يستحق، حيث فرط بحصرية تمثيله للثورة التي أعطاها لهم الثوار الذين صمتوا لثلاثة أعوامٍ على مضض عن كل فشلهم، وجلس الائتلاف إلى جانب من هب ودب من شخوص رماديين ومحسوبين على النظام وكأن تمثيل الثورة ملك خاص يمكنهم التصرف فيه، هي ليست المرة الأولى والأخطر، فقد فرط الائتلاف في اجتماع جنيف2 بما هو أهم بكثير لكن الأمر مر وسط ضجيج التصريحات المضللة وبيع الأوهام للسوريين التي ساهم فيها شخوص الائتلاف للتغطية على ما فرطوا به يومها وهم يفرطون به مرة ثانية اليوم وبشكل أخطر في المفاوضات المترتبة على مؤتمر فيينا، حيث فرطوا ويفرطون اليوم بـ “شرعية وحصرية التمثيل القانوني للدولة السورية”، وهو أهم إنجاز حققه النظام الأسدي حتى اللحظة باحتفاظه به، بينما كان هو الإنجاز الوحيد المأمول من المعارضة السورية ممثلة بالائتلاف الممثل الرسمي للثورة السورية المُعترف بها دولياً، لكن الائتلاف فرط به في اجتماع جنيف2 وسيفرط به في المفاوضات المترتبة على اجتماع فيينا التي ستلي اجتماع الرياض، حيث يمثل النظام الأسدي “الدولة السورية” بكل معانيها القانونية الدولية بينما يمثلون معارضة ستشاركه السلطة، انتصاراً للنظام السوري كان حليفه الرئيسي فيه ليس الروسي والإيراني بل مجموعة “أصدقاء سوريا” التي مثلت دور حليف الثورة، لكنها طعنتها في الظهر في أهم معاركها عندما رفضت كل دولها سحب اعترافها القانوني بالنظام السوري وهي القيمة الأهم التي لا تقدر بثمن مادي، واشترت صمت شخوص الائتلاف يومها بهيئات وحكومة وسفارات تابعة له لا قيمة قانونية لها ولم تتجاوز قيمتها المادية البحتة بضع عشرات من ملايين الدولارات التي “استنفع” هؤلاء منها وكانت ثمن الاستسلام في المعركة السياسية الوحيدة والأهم المطلوبة منهم، معركة كسب شرعية تمثيل الدولة السورية، وكل ذلك دون محاسبة ومصارحة، فدم السوريين رخيص لدى كثيرين.

اليوم بينما يدُفن الائتلاف في الرياض بعد ثلاثة أعوام من تشكيله، تأكد السوريون من أن ما تم ترويجه من حصرية تمثيل الائتلاف الوطني كان كذبة، وأن التفويض الذي طلبه مؤسسيه وموسعيه من السوريين عند تشكيله عندما صوروا التفويض والتشكيل كشرط لدعم الثورة بالمال والسلاح كان خدعة، وان كل سفارات ومؤسسات الائتلاف وحكومته وهيئة أركانه كانت ديكور وباب رزق، حتى تمثيله للثورة السورية كان كذبة بعد أن بات اليوم لاعباً بين كثيرين غير ذي علاقة، وأن شرعيته كممثل للشعب السوري وبالتالي للدولة السورية كانت الخدعة الأكبر والخطر، فلم يستطع إصدار وثيقة رسمية واحدة معترف بها عالمياً، وتأكد السوريون أن كل مؤتمرات أصدقاء سوريا التي روجت لكل تلك الأكاذيب كانت خدعة اشترك فيها كل من شارك فيها، وأن كل هذه الأكاذيب والخدع كانت بمعرفة و”رعاية” كل من شارك في الائتلاف في كل مراحله خاصة بنسخته الأولى وبكلفة مادية “تافهة”.

قبل أربع أعوام ظهر المجلس الوطني وباع الأوهام وفشل، قبل ثلاثة أعوام ونصف عُقد مؤتمر القاهرة الموسع لتوحيد المعارضة وأصدر وثائق تم تشكيل الائتلاف على أثرها قبل ثلاثة أعوام تحت كذبة تفويضه شرعية تمثيل الثورة مقابل الدعم بالتسليح، وبعد ظهور بوادر فشله وكسره تابو التفاوض مع النظام الأسدي خلافاً لوثائقه تم توسيعه و”لحس” كل وثائقه وفاوض النظام في جنيف التي نجحت فقط في تثبيت النظام كشريك مفاوض لصنع المستقبل، واليوم مع الأسف تم تكرار الأمر لتظهير طبقة قديمة بثوب جديد، تُصدر وثائق مقبولة نظرياً تستخدمها لبيع وهم الخلاص وكسب الشرعية التي ستستخدمها لتذهب وتفاوض بعد أن “تلحس” وثائقها، وتضيع فرصة أخرى، بينما المدخل المطلوب واضح منذ ثلاث سنوات ولن نحقق النصر بدونه ويتمثل بالمساعدة على تشكيل مجلس قيادة ثورة حقيقي من القوى العسكرية الرئيسية والشخصيات الاجتماعية والسياسية المؤثرة، لا تزيين طبق “سلطة” المعارضة بتمثيل شكلي ضعيف لهذه القوى الحقيقية وإعادة تظهير وتلميع شخوص “أدوات” مُجربة بالمعنى السلبي للكلمة، فالوقت مكلف جداً، والوحش الروسي الإيراني يتغلغل ويسعى ليطال هذا المحور المؤيد للثورة السورية في عقر داره.

المفاوضات القادمة ستفشل فهي تقوم على أسس وأهداف مزيفة اسمها محاربة الإرهاب وتتناسي أس المشكلة أي النظام الأسدي، وبأدوات مزيفة هي هذه الهيئة المعارضة الجديدة المخترقة من قبل النظام وحلفائه، ومن السذاجة توقع نتائج أفضل عند تكرار التجربة وبأدوات وطريقة أسوء، ولا أشك أننا وربما بعد عام آخر سنرى التجربة من جديد، لكن بعد مائة ألف شهيد آخر ومليوني لاجئ إضافي، وما أرجوه يومها أن يعملوا على تشكيل “قيادة للثورة” لا “معارضة للتفاوض”، وكل شهيد ومعتقل وجريح ولاجئ ودمار وأنتم بمؤتمر لتوحيد المعارضة.
-----------

 

    كلنا شركاء


 

فواز تللو
السبت 12 ديسمبر 2015