نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


ما وراء التصعيد الأميركي-الإسرائيلي تجاه إيران في سوريا






اتّسمت العلاقات بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى بنزعة تصادمية يمتد عمرها إلى أربعة عقود خلت، الأمر الذي يؤكّد أن هذا التصادم لم يكن وليد نزاع مصلحي يخصّ شأناً محدداً في وقت ومكان محددين، بل اكتسى طابعاً استراتيجياً عاماً له صله مباشرة بالسياسات العامة التي ينتهجها كلا الطرفين، إلا أنه من المؤكّد أيضاً أن وتيرة المواجهات لم تكن على درجة واحدة من الرتابة، بل ترتفع وتهبط وفقاً للمستجدّات الدولية والإقليمية.


ولئن كان من الثابت أن الإدارات الثلاث الاخيرة المتعاقبة على البيت الأبيض، أي منذ ولاية أوباما وحتى ولاية بايدن، تتبع الاستراتيجية ذاتها حيال إيران، والتي تتمثل بسياسة الاحتواء وليس الإجهاز، وتبين ذلك بوضوح من خلال إصرار الحكومة الأميركية الراهنة على المضي في إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، مع ما يعني ذلك من شرعنة وجودها كقوة نووية في المنطقة، إلا ان ذلك لا يعني استبعاد أدوات السياسة الأخرى، ونعني اللجوء إلى القوة لدعم السياسة، وهذا ما يترجم التصعيد الميداني الراهن تجاه إيران وأدواتها وأذرعها سواء في الداخل الإيراني أو في المحيط الإقليمي حيث يتواجد النفوذ الإيراني.
تزامنت عدة انفجارات داخل إيران، مع استهداف جوي لقوافل شحن إيرانية في شرقي سوريا، موازاة مع استهداف إسرائيلي لعدة مواقع إيرانية داخل الجغرافيا السورية، وقد جاء هذا التصعيد على خلفية نشاط إيراني دبلوماسي تمثل بلقاء بين وزير خارجيتي قطر وإيران، وكذلك في أعقاب تصريحات إيرانية توحي برغبة طهران بالحوار مع دول الخليج، وخاصة العربية، لحلّ الخلافات الناجمة بين الأطراف عن طريق الحوار، إلا أن واشنطن وتل أبيب لهما رأي آخر، وربما كان التصعيد العسكري الأخير هو الترجمة العملية للتوجه الأميركي، فما هي دوافع التصعيد الراهن حيال إيران:
1 – لا يمكن تجاهل توقف المفاوضات بين دول الخمسة زائد واحد وإيران بخصوص ملفها النووي، ولعل إصرار إيران على تمسكها بشروطها الخاصة فيما يخص العقوبات الاقتصادية والإفراج عن أرصدتها في البنوك الغربية وعدم إدراج بعض كياناتها الأمنية على لائحة الإرهاب، وكذلك تحريك أذرعها فياسورية ولبنان كورقة ضغط على إسرائيل، كل ذلك يدفع واشنطن لإشعار إيران أن سياسة الاحتواء السياسي قابلة للتحوّل إلى فضاءات عسكرية أخرى.
2 – لا يمكن تجاهل الحشود الإيرانية في الجزيرة السورية، وخاصة في منطقتي الميادين والبوكمال، كمحاولة من جانب طهران للسيطرة على تلك المنطقة باعتبارها مجالاً حيوياً لأذرعها، فضلاً عن كونها جسراً للعبور إلى العمق السوري، ومن ثم لبنان، في حين أن قطع الطريق أمام المدّ الإيراني القادم من العراق لا يزال أحد أهداف الإستراتيجية الأميركية.
3 – لا شك أن الانتفاضات الشعبية داخل إيران، والتي باتت تأخذ طابعاً عمومياً في معظم المدن الإيرانية، بدأت تفرز تأثيراتها على الرأي العام الغربي الذي لا يخفي تضامنه معها، ولعل هذا التضامن العالمي مع غضبة الشعب الإيراني لا يركن إلى سياسة الحياد التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه الحراك الشعبي الإيراني، فما ينتظره العالم من واشنطن هو أكثر من التأييد الإعلامي الرسمي للحراك، وربما يكون التصعيد العسكري الراهن نوعاً من تماهي الحكومة الأميركية مع الرأي العام أو ربما يكون احتواء له في الوقت ذاته.
4 – لقد سعت طهران من وراء تحركها الدبلوماسي مؤخراً، من خلال زيارة وزير خارجيتها إلى أنقرة ودمشق وقطر إلى تأكيد حضورها في الملف السوري وإثبات أحقيتها بفرض رؤيتها على أي خطوة يقوم بها نظام الأسد بدفع من روسيا أو تركيا، ولا شك أن واشنطن تسعى -بدورها على الدوام- لإبلاغ إيران والدول الأخرى بأنها قادرة على وضع حدّ للسطوة الإيرانية في سوريا، كما تريد إبلاغ الجميع، بما في ذلك روسيا وتركيا، بأن واشنطن قادرة على بعثرة أي حلول أو تفاهمات مناهضة لمصالحها في سوريا.
ما سبق يقودنا إلى أن العلاقة التي بنتها ايران مع الولايات المتحدة على مدى العقود الأربعة الماضية والتي كانت قائمة على ما يمكن تسميته التخادم بالمصالح الأساسية وعدم الاشتباك على المستوى الاستراتيجي بين الدولتين، والذي تجسد بتقديم طهران لتسهيلات كبيرة لواشنطن أثناء غزوها لأفغانستان والعراق، وما قابله من غض النظر الأميركي عن استثمارات ايران في المنطقة في قضايا بناء النفوذ والتغيير الديموغرافي واحتلالها لأربع عواصم عربية، بدأت تتهاوى وتأخذ منحىً جديداً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث ارتكبت ايران خطأين أدّيا إلى تأليب العواصم الغربية وواشنطن عليها، تمثل الاول باصطفافها الواضح الى جانب روسيا، وانخراطها في الجهد العسكري إلى جانبها من خلال تزويدها بالطائرات المسيرة، وخطورة هذه الخطوة أن طهران أصبحت طرفاً مباشراً بحرب تستهدف أوروبا وتجري على أرضٍ أوروبية، وتمثل الثاني ببنائها لتحالف نفطي وغازي واقتصادي مع الصين ضمن مشروع اتفاقية لمدة خمس وعشرون عاماً بقيمة 450 مليار دولار، وفتح المجال لها للاستثمار في مناطق نفوذها في العراق وسوريا ولبنان وهذا بالنسبة لأميركا خط أحمر.
هذا التحول أنهي على الأرجح مرحلة الضربات التقليدية، وجعل إيران منبوذة حتى من قبل الأوروبيين الرماديين. ورغم أن الضربات الأخيرة، وخاصة في العمق الإيراني ليست كبيرة، إلا أنها كانت مؤثرة ورسالة جلية من الولايات المتحدة وإسرائيل بأننا قادرون على الوصول لكل الأهداف التي نريدها، وعلى ما يبدو فإن طهران فهمت الرسالة، ولذلك قللت من أهمية ما تعرضت له حتى تعفي نفسها من الرد ومن أي تصعيد لا تحمد عقباه.
------
المدن

العقيد عبد الجبار العكيدي
الخميس 2 فبراير 2023