نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


متى يعلنون موت الائتلاف؟






الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، هو الكيان الذي يضم، ظاهريًا، معارضي الأسد من النخب السياسية ذات الباع الطويل في العمل السياسي المعارض، وقد أُعلن عن إنشائه في العاصمة القطرية الدوحة أواخر العام 2012، ورحبت به دول عديدة من العالم، وعدّته ممثلًا شرعيًا للشعب السوري، وقال عن نفسه -وقتئذ- بأنه حامل لواء الثورة السورية، وتعهد بالعمل على إيصالها إلى هدفها المنشود بإسقاط النظام، وإقامة دولة المواطنة، عبر بعض الإجراءات التي وضعها منهاجَ عمل له؛ للوصول إلى ذلك الهدف.


 
الائتلاف الذي ورث المجلس الوطني السوري، بدا أكثر ثقلًا من سلفه الذي صار أحد مكوناته، وقبِل أعضاؤه أن يتحولوا إلى أعضاء في الائتلاف، ويتخلوا عن حضورهم على الساحة، هكذا ظاهريًا، وتحرك الائتلاف بدعم عربي ودولي كبير، فأنشأ مكاتب وممثليات، بل وسفارات في بعض الدول التي سمحت بإقامة سفارات على أراضيها، وتصرف وكأن موضوع إسقاط النظام بات قاب قوسين أو أدنى، لكن شيئًا من هذا لم يتحقق في ذلك الوقت، وظل النظام قويًا متماسكًا، بفعل الدعم الخارجي الكبير الذي تلقاه من حليفيه التقليديين: روسيا وإيران، بل إن الائتلاف لم يستطع أن يكون طرفًا فاعلًا في أعقاب الهجوم الكيماوي الذي شنته قوات النظام على غوطتي دمشق في آب/ أغسطس 2013، ولم يستطع أن يكون في واجهة الحدث، إلا من خلال تصريحات إعلامية، كانت متضاربة، في بعض الأحيان، لعدد من وجوهه البارزة، وقد مُيّعت ورقة الهجوم الكيماوي باتفاق روسي – أميركي، أُبرم من وراء ظهر الائتلاف الذي كان يعدّ واشنطن، وربما مازال، داعمه الرئيس، ويمكن عدّ تلك الحادثة، وما جرى خلالها تحديدًا، هي الحادثة التي حولت الائتلاف إلى مجرد واجهة دعائية إعلامية لا أكثر، ففقد حضوره وبريقه، إن جاز قول ذلك، وانتقل إلى مرحلة مختلفة تمامًا، هي مرحلة تداول السلطة بين أعضائه، فانشغل بانتخاباته الداخلية، وفي تغيير رؤسائه، ربما بناء على طلبات المانحين، فجرب أنواع الشخصيات كافة، من شيخ دين، هو معاذ الخطيب، الذي كان أول رؤسائه، إلى شيخ عشائري، هو أحمد الجربا، والذي اتخذ منحى مختلفًا بعد فقدانه رئاسة الائتلاف لصالح هادي البحرة، فأنشأ الجربا تياره الخاص به، وهو تيار الغد السوري، الذي يتحالف تحالفًا واضحًا، لا لُبس فيه، مع “قوات سورية الديمقراطية”، وهي القوات التي يتهمها الائتلاف نفسه بممارسة عمليات التهجير بحق عشرات الآلاف من السوريين. يتولى رئاسة الائتلاف حاليًا أنس العبدة الذي انتُخب خلفًا لخالد الخوجة، وقد اكتفى رؤساء الائتلاف بالتقاط صور تذكارية سريعة، خلال زيارات خاطفة إلى مناطق في الداخل السوري، كما انتشرت شائعات عن حوادث فساد، طالت عديدًا من وجوهه البارزة، ووصلت إلى الحكومة الموقتة التي شكّلها الائتلاف؛ بناء على طلب الدول الغربية تحديدًا، في آذار/ مارس 2013، وتعاقب على رئاستها -حتى- الآن ثلاثة رؤساء، لكن نستطيع تأكيد أن كثيرًا من السوريين لا يعرفون -حتى الآن- ما هو تحديدًا العمل الذي تقوم به؛ فهي تعيش بعيدًا في مدينة غازي عينتاب التركية، وتعقد اجتماعاتها هناك، وتطلع من الخارج على ما يعانيه السوريون، عبر تقارير ينقلها عدد من العاملين في تلك الحكومة التي تضج بالموظفين، وتعاني من شبهات البيروقراطية والفساد، وقد تعرضت لحملة مطالبة بإقالتها، ومحاسبة مسؤوليها في أعقاب حادثة “اللقاحات” الشهيرة في ريف إدلب، في أيلول/ سبتمبر 2014، والتي راح ضحيتها عشرات الأطفال، وقد حمل الشارع السوري والإعلام الثوري الحكومة، ومن ورائها الائتلاف، المسؤولية كاملة عن تلك الجريمة، ومر الأمر -تقريبًا- دون محاسبة، وقد تعددت في مرات عديدة المطالبات بإسقاط الائتلاف، أسوة بالنظام؛ لأنه أثبت فشله على المستويات كافة، ولم يستطع أن يُقدّم حلولًا أو رؤية للمأساة التي يعيشها المواطنون السوريون، سواء في الداخل تحت الحصار والقصف والتدمير، أم في مخيمات لجوئهم المنتشرة في عدد من الدول، حيث يغيب عمل الائتلاف -تقريبًا- عن تلك المخيمات في المناحي الإغاثية والتعليمية، كما أن انعدام الثقة به، وخاصة بعد أن أُبعد عن العملية السياسية برمتها، فلم يعد الطرف الممثل للثورة في المفاوضات، بل حلت محله “الهيئة العليا للمفاوضات”، والتي، وإن لم تقطع صلتها بالائتلاف، وتقول إنها تظل على تنسيق كامل معه، إلا أنها تبدو أكثر حرية في الحركة، وأكثر تنظيمًا، وخاصة في ما يتعلق بالناحية الإعلامية، أقله طوال الفترة التي شاركت فيها في المفاوضات، بمواجهة وفد النظام في مدينة جنيف السويسرية.
فلماذا بقاء الائتلاف، وما جدوى بقائه أصلًا؟
حقيقة لا يمكن تقديم إجابة عن هذين السؤالين؛ لأن الأمر منوط، كما هو معروف للجميع، بإرادة دولية، ومزاج المانحين، وهو ليس قرارًا سوريًا بطبيعة الحال، ثم إن الائتلاف، وبعد مرور أربع سنوات على تأسيسه، لا يستطيع الادعاء بأن بقاءه سنة إضافية سيؤدي إلى تطور عمله وأدائه، وسيتخلص من الحالة الرتيبة التي يعيشها، والتي جعلته في واد، وثورة الشعب السوري ومعاناته في واد آخر، ثم ما الحلول والأفكار التي يمكن للائتلاف طرحها، وقد تصدع الوضع وانجرف هذا الانجراف الكبير، خاصة خلال السنة الأخيرة بعد التدخل الروسي، طبعًا باستثناء بيانات الإدانة والاستنكار التي قد لا تختلف، من حيث صيغتها، بل؛ وحتى اللغة التي تكتب بها، عن البيانات التي تصدر عن نظام دمشق؟
ثم لماذا لا تطرح القوى الوطنية السورية بديلًا عن هذا الكيان السياسي الذي ترهل، وبات عبئًا ثقيلًا على كاهل الثورة، يكون قادرًا على ترميم ما يمكن ترميمه من تدمير، لا على المستوى العمراني، ولكن على مستوى العمل السياسي المرافق للثورة، ووضع مشروع وطني سوري، قادر على مواجهة ما يتعرض له السوريون من تمزيق وتخريب طال بنيتهم الاجتماعية والتاريخية، بعد أن فعلت فعلتها بالجغرافيا؟
وإذا كنا تساءلنا -بداية المقالة- عن الموعد الذي سيُعلنون فيه موت الائتلاف، فهذا؛ لأن المعطيات جميعًا تؤكد أن الائتلاف مات سريريًا منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو بانتظار شهادة وفاة نظامية من الرعاة والممولين ليرقد بسلام.
--------
جيرون
 

ثائر الزعزوع
الخميس 15 ديسمبر 2016