نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


مجمع الرسول الأعظم باللاذقية: غرفة عمليات إيرانية في الساحل السوري؟





يقع مجمع الرسول الأعظم باللاذقية في منطقة مشروع شريتح، القريبة من مركز المدينة. ويعد أبرز مؤسسة ثقافية واجتماعية وتربوية في الساحل السوري. ويتبع لإيران من ناحية التنظيم والتمويل وتدريب الكوادر البشرية. كما يحيط بالمجمع عناصر الميليشيات الإيرانية مع عائلاتهم، ويقومون بمهام حراسته، مرتدين بزات رسمية.

وكان مجمع الرسول الأعظم باللاذقية قد افتتح في العام 2006، باعتباره أول مسجد للمذهب الشيعي في المدينة، إلا أن إيران طورت المجمع، بعد تدخلها العسكري في سوريا عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية مطلع العام 2011، وحولته إلى مركز ثقافي واجتماعي وديني شامل.

وبحسب مجلة “فورين بوليسي ” الأميركية فإن “إيران تسعى إلى تفكيك المرجعية العقائدية التقليدية لدى شرائح المجتمع السوري، للحفاظ على مجال نفوذها، وممارسة سيطرتها وهيمنتها من خلال وكلائها، مثلما هو الحال في لبنان والعراق”.


جامع الرسول الاعظم
جامع الرسول الاعظم
 
واعتمدت إيران، في تأسيس مجمع الرسول الأعظم باللاذقية، على كوادر البشرية من أبناء الساحل السوري، درس أغلبها المذهب الشيعي ضمن بعثات تعليمية إلى مدينة قم الإيرانية. واستفادت من كافة الخدمات التي قدمتها جمعية المرتضى الشيعية، التي أنشأها جميل الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، في ثمانينيات القرن الماضي.

ويعتبر كثيرون من أبناء الساحل السوري أن مجمع الرسول الأعظم باللاذقية امتداد لجمعية المرتضى، ولكن بقدرات ثقافية واجتماعية أعلى

بنية وأقسام مجمع الرسول الأعظم باللاذقية

الناشطة (غ.ح) من مدينة اللاذقية، التي رفضت الكشف عن اسمها لأسباب أمنية، أكدت أن “مجمع الرسول الأعظم باللاذقية ليس مجرد مسجد أو جامعة، بل هو مؤسسة ضخمة وشاملة، يعمل الإيرانيون على توسعتها بالتدريج”.

وتعدد الناشطة، في إفادتها لـ”الحل نت”، الأقسام التي يضمها المجمع حتى الآن، وهي “جامع الرسول الأعظم، وله مدخل خاص ومستقل عن بقية أقسام المجمع، وتقام فيه العبادات والشعائر الدينية وفق المذهب الإثني عشري؛ وإلى جانبه صالة للعزاء، يتم تأجيرها بأسعار رمزية لأبناء المنطقة، وذلك بهدف استقطابهم وجذبهم لبرامج المجمع وأنشطته الدعوية؛ ويعززها مكتب عام، يتم استقبال الناس فيه، وسماع متطلباتهم وشكاويهم. ومهمته الأساسية العمل على تكوين صورة إيجابية عن إيران ودورها في سوريا؛ إضاقة للثانوية الشرعية الجعفرية، التي تحوي قسمين منفصلين للذكور والإناث”.

وتضيف: “يدير المجمع  الشيخ أيمن زيتون، المنحدر من بلدة الفوعة في ريف إدلب. ولكل قسم من الأقسام المذكورة أعلاه كادره الخاص، الذي لا تتداخل مهامه مع كادر أي قسم آخر. ويتم إعطاء فرص العمل لأبناء الطائفة الشيعية السوريين حصرا. إلا أن المجمع يضم أيضا شخصيات إيرانية، لها رتب وظيفية معينة”.

ولا تقتصر أنشطة المجمع على المؤسسات الموجودة داخل مبناه الرسمي، بحسب الناشطة، فقد “افتتح عدة مؤسسات تعليمية في بلدات الساحل السوري. أهمها ثانوية الرسول الأعظم، ومقرها منطقة عين العروس بمدينة القرداحة، وثانويات أخرى في قرية البهلولية التابعة لمدينة اللاذقية، وفي قرية رأس العين بريف جبلة. وعلى الرغم من أن هذه الثانويات تتبع شكليا لوزارة التربية السورية، إلا أنها خاضعة للمرجعية الإيرانية في كافة النواحي التربوية والتعليمية والدينية”
الفئات المستهدفة في اللاذقية والساحل السوري
 
وبحسب الناشطة (غ.ح) “يستهدف المجمع الطلاب من الفقراء والمتفوقين، من خلال إعطائهم منحا دراسية في جامعة الرسول الأعظم في لبنان، التي تتبع لحزب الله اللبناني، أو في الجامعات الإيرانية، وبشكل خاص في مدينتي قم وطهران. ويتلقى أغلب الموفدين التعليم الديني وفق المذهب الجعفري أو الإثني عشري. ويتم توظيفهم والاستفادة منهم بعد التخرج في المؤسسات التي تتبع للمجمع في المنطقة الساحلية. كما يدرس قسم منهم التخصصات العلمية، مثل الطب والهندسة والعلوم الطبيعية”.

وفي السياق ذاته تؤكد الناشطة أن إدارة المجمع تجتهد للوصول إلى أبناء المجتمع في الساحل السوري من خلال عدة أساليب، أبرزها: “الدعوة للتشيّع بشكل صامت، عن طريق عدد من الكوادر، الذين يتوجهون إلى معارفهم الشخصيين من ذوي الحاجة. مثل الفقراء، والمرضى الذين لا يجدون رعاية صحية مناسبة، والأيتام والأرامل. إلا أنه كوادر مجمع الرسول الأعظم باللاذقية لا يستهدفون فقط الفئات الأضعف من المجتمع، بل أيضا الشخصيات ذات التأثير الاجتماعي الكبير. فقد تمكن المجمع مثلا من استقطاب أحد المشايخ من الطائفة العلوية في مدينة اللاذقية، من عائلة غدير، ذات النفوذ الديني والاجتماعي المهم بين بعض العشائر العلوية”.

مختتمة إفادتها بالقول: “لا تحظى أنشطة مجمع الرسول الأعظم التربوية والثقافية بتأييد أو معارضة معلنة من المجتمع المحلي. وعموما ما يزال المنتمون للمذهب الشيعي أقلية صغيرة في الساحل السوري، لم تدخل حتى الآن في صدام أو توتر علني مع السكان من بقية الطوائف”

مجمع الرسول الأعظم مقابل النفوذ الروسي

 
المحامي عيسى إبراهيم يتحدث بدوره لـ”الحل نت” عن مدى نجاح المؤسسات الإيرانية، مثل مجمع الرسول الأعظم باللاذقية، مؤكدا أنه “حتى الآن لا يمكن تسجيل نجاح كبير للأنشطة الإيرانية في المنطقة. بل على العكس من ذلك، يبدو أن الوجود الروسي في الساحل يتمتع بقبول اجتماعي أكبر. إذ يعتبر كثير من الأهالي أن الإيرانيين وأنصارهم متشددون دينيا، ويحاولون فرض نمط حياة لا يتناسب مع نمط حياة أهل الساحل”.

إلا أن إبراهيم يؤكد أن “فشل أو نجاح النشاط التبشيري الإيراني ليس محسوما بعد، لأن الفقر وانعدام الأمان الاجتماعي قد يجعل الناس يلجأون إلى أية مؤسسة قد تؤمن لهم بعض الخدمات. خاصة مع إدراك كثيرين أن الوجود الروسي في الساحل السوري لم يحسّن من ظروف الناس، واقتصر دوره على دعم نظام عائلة الأسد، بأسلوب مافيوي، وليس الدفاع عن الدولة السورية والمجتمع السوري في مواجهة التطرف والأزمات الاقتصادية والمعاشية”.

تخفيف حدة التبشير الإيراني

 
أمام هذا الواقع يرى المحامي إبراهيم أن “إيران بدأت تعتمد أسلوبا مركبا لضمان استمرار نفوذها، أقل حدة ووضوحا من الناحية التبشيرية الدينية، في محاولة لتجاوز النفور الاجتماعي من ممارساتها. إذ لم يعد نشاطها مقتصرا على تشييد مؤسسات مثل مجمع الرسول الأعظم باللاذقية. بل بدأت بالتركيز على الجانب الاقتصادي أكثر من الديني، عبر الاستيلاء على مرافق اقتصادية عامة، وإدخال منتجاتها إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، وتقديم دعم مالي شهري لعدد من الضباط وصف الضباط والعناصر في القوات النظامية”.

مضيفا: “كما تشمل السياسة الإيرانية الجديدة الجانب الاجتماعي، من خلال اللعب على تناقضات المجتمع السوري الدينية والسياسية والمناطقية والحزبية والعشائرية. وربط مرجعيات دينية من الساحل، والمناطق السورية المختلفة، بالسياسة الإيرانية. منشئة بذلك شبكة مصالح اقتصادية وثقافية وسياسية، ترسخ وجودها ضمن المجتمع المحلي، دون أن تطلب من الناس بشكل مباشر تغيير معتقداتهم وأنماط حياتهم”.

مختتما حديثه بالقول: “إيران تستثمر في تناقضات وحساسيات الأنظمة والمجتمعات في الدول الناطقة بالعربية. ولذلك فإن مؤسسات مثل مجمع الرسول الأعظم باللاذقية ليست إلا جانبا واحدا من أنشطتها. وفي غياب مشروع واضح للتصدي للنفوذ الإيراني قد تنجح طهران بخلق نفوذ اجتماعي، يتمتع ببعض الرسوخ والاستمرارية”.
---------------
فورين بوليسي - الحل

رشيد حوراني
الثلاثاء 12 أبريل 2022