نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


محاربة الإرهاب وضربة فوق الحزام






ينتقد البعض الموقف السعودي مما يجري في سوريا معتبرين انه تابعٌ مطلقٌ للأمريكي، ونفس المنتقدين ونتيجة لموقف رغبوي يتجاهلون الموقف التركي المطابق للموقف السعودي فيما يتعلق بالسياسات الأمريكية في سوريا والمنطقة والذي يمكن تصويره بنفس هذا المنطق غير الصحيح على أنه منصاع للأمريكي بشكل مطلق رغماً عنه.


 

الموقف السياسي السعودي كما التركي كما غيره من الأنظمة السياسية، ينطلق وينتهي بمصالحه فقطً لذلك تختلف المواقف والعلاقات بينه وبين الدول وفقاً لذلك، وإرضاء الأمريكي يخضع لهذه المعادلة التي تضع الأولوية حمايةً البلدين والنظامين السياسيين الحاكمين في السعودية وتركيا العدالة والتنمية، وهكذا وعبر التاريخ الحديث، عندما كان يستجيب السعودي أو التركي للرغبة الأمريكية في سياساته فقد كان يفعل ذلك حفاظاً على مصالح البلد والنظام السياسي واستمراريته، مصالح يصبح التفريط بها إرضاءً للأمريكي على حساب أمن البلاد واستمرار النظام السياسي “فانتزيا” تندرج تحتها اتهامات إيديولوجية دوغمائية غير ذات معنى.

واليوم، عندما يدافع السعودي والتركي عن وجوده بوجه التحالف الأمريكي الأوبامي مع ملالي إيران في المنطقة عبر انخراطه في ملفي اليمن وسوريا خاصة حيث تدور المواجهة الأساسية، ويخالف السياسات الأمريكية بشكل كبير أو صغير في سوريا واليمن، فهو يفعل ذلك حفاظاً على بلاده وعلى النظام السياسي السعودي والتركي أولاً وقبل أي اعتبارات أخرى، وعندما يدعم السعودي والتركي الثورة السورية فذلك أولاً وبشكل رئيسي نتيجة التطابق الكبير جداً لمصالح الثورة السورية اليوم مع المصالح السياسية العليا للسعودي والتركي (تطابقٌ لم يتوفر سابقاً) وليس فقط بسبب الرابطة الإسلامية أو العربية أو الجوار أو التاريخ فتلك عوامل مساعدة كانت موجودة دائماً لكنها لا تكفي في عالم السياسية ليدخلوا في مواجهة مع حليفهم التاريخي الأمريكي.

واليوم، وبسبب وضوح المعسكرات المتقابلة وضيق الخيارات أمامها للدفاع عن وجودها وبسبب طبيعة المعركة الوجودية التي فُرضت عليها في سوريا التي سيحدد المنتصر فيها مصير البلد والنظام السياسي، التركي والسعودي والإيراني بل ومكانة الروس عالمياً، بسبب كل ذلك بات الدعم السعودي والتركي للثورة السورية والثوار السوريين ضرورة أمن قومي لا خياراً سياسياً لهما، باعتبار أن هزيمة المشروع الإيراني الأمريكي الروسي لا يتم إلا بالانتصار في سوريا خاصة بعد تركز المعركة الكبرى فيها وضيق الخيارات أمامهم نتيجة التدخل الروسي المباشر واحتلال الأجواء السورية بموافقة ضمنية أمريكية بعد انزياح الموقف الأمريكي بشكل كامل إلى الجانب “الروسي – الإيراني” في الملف السوري خاصة وكافة قضايا المنطقة عامة.

في النهاية، المصالح العليا للسعودية وتركيا ومن يقف في حلفهم (وهم قلة قليلة جداً) هي التي تتكلم، وهي لحسن الحظ تتفق بشكل كبير مع مصالح الثورة السورية اليوم، مصالح عليا لا مجال للمساومة فيها مع الأمريكي أو الانصياع له إن كان ذلك سيؤدي لإضعاف أو زوال النظام السياسي في البلدين، لذلك رأينا الخطوات السعودية الجريئة جداً والمتقدمة جداً والاستباقية في ملفات جديدة بعد استكمال صحوة ووعي المعسكر “السعودي – التركي” ومن معهم بمؤامرة الحلف الاستراتيجي الجديد الأمريكي الأوبامي مع ملالي إيران، وهي خطوات ينطبق عليها التدخل السعودي في اليمن في “عاصفة الحزم” إلى جانب الشرعية بوجه أذناب إيران الحوثيين والدكتاتور المخلوع خلافاً للرغبة الأمريكية حيث لم يُعلم الأمريكي بعاصفة الحزم إلا قبل ساعات من بدئها، وينطبق الأمر على تشكيل وفد معارضة سورية “مناسب” في الرياض للانخراط في مفاوضات مؤتمر فيينا باعتبارها مجرد مناورة سياسية تآمرية لإجهاض الثورة السورية بينما يستمر الحل العسكري الوحشي، مؤامرة سياسية هدفها شرعنة الاحتلال الإيراني وإنقاذ النظام الأسدي.

يندرج في إطار هذه الصحوة والوعي السعودي أخيراً قرار إنشاء “التحالف الإسلامي للحرب على الإرهاب” لقطع الطريق وخوض مواجهة غير مباشرة مع “التحالف غير الإسلامي لمحاربة الإرهاب الانتقائية”، حلف غير إسلامي مثله كل من “الأمريكي والروسي والإيراني” وحلفائهم (وبشكل أدق أتباعهم) النظامين الأسدي والعراقي، حلف يسعى إلى إنقاذ هذين النظامين وتثبيت المشروع الإيراني في المنطقة مستخدماً “مسمار جحا” أي محاربة الإرهاب الانتقائية المتمثلة بداعش السنية وأي قوة سنية يمكن أن تشكل خطراً في المنطقة على “المشروع الإيراني الروسي الأمريكي – الفارسي الشيعي الأقلوي”، وهكذا سارعت السعودية لإنشاء هذا “التحالف الإسلامي” مع الاحتفاظ لنفسها بحق تحديد “الإرهابيين” الذين لن يكونوا داعش “السنية” فقط بل الميليشيات الإيرانية أو المدعومة منها، كما أنها بذلك ستؤمن غطاء سياسي وعسكري ومالي، عربي إسلامي، لأي تدخل عسكري مباشر سعودي تركي تحديداً في سوريا أرض المعركة الرئيسية في تجاوزٍ لتفويض غير مُنتظر من مجلس الأمن الدولي الذي خذل السوريين والعراقيين واليمنيين والسعوديين والعرب، وبعيداً عن حلف الناتو الذي خذل الأتراك في أول مرة احتاجوه فيها.

هكذا سيؤمن هذا “التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب” بقيادة سعودية ومساهمة تركية فاعلة مع غطاء سياسي وعسكري ومالي معنوي أكثر منه عملي حاسم من معظم الدول التي انخرطت في الحلف كل لأسبابه، سيؤمن دعماً عسكرياً لا خيار فيه للثورة السورية، سواءً إن  تدخل برياً أو جوياً أو بتقديمه سلاحاً للثوار السوريين وربما للعشائر العراقية السنية لاحقاً، وليمثل هذا الحلف “الإسلامي” الجديد “صفعة” استباقية بارعة مفاجئة غير متوقعة للروسي والأمريكي والإيراني وما يخططون له في سوريا والمنطقة.
------------

كلنا شركاء


فواز تللو
الخميس 17 ديسمبر 2015