نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


مصريون وأجانب يشاركون فى إحياء عمارة الفقراء بالأقصر






الأقصر -حجاج سلامة - باتت قرية حسن فتحى التراثية، بالبر الغربى لمدينة الأقصر التاريخية، بصعيد مصر، مقصدا للكثير من السياح، والطلاب المعنيين بدراسة فنون العمارة المعاصرة.

القرية التى شيدها المهندس المصرى العالمى، الراحل حسن فتحى، فى أربعينيات القرن الماضى ، يطلق عليها قرية القرنة الجديدة، واقيمت على مساحة 50 فدانا، وتُعَدُ أنموذجا لفنون عمارة حسن فتحى، التى يطلق عليها عمارة الفقراء، وصار مادة يدرسها العديد من طلاب الهندسة والعمارة، فى كثير من جامعات العالم.


 

وتضم القرية التى انشئت فى أربعينيات القرن الماضي، لنقل سكان المناطق الأثرية فى غرب الأقصر إليها، ما بين مسجد وقصر ثقافي وسوق وعشرات من المنازل التى بنيت بنظام القبو، لكن كثيرا من المنازل تعرضت للهدم نتيجة لعوامل الزمن، ونظرا لبنائها بالأحجار والطوب اللبن المصنوع من الطين.

حملات لإنقاذ تراث مهدد بالزوال لكن خطة إنقاذ معالم القرية تأخرت، بعد اندلاع ثورة الـ 25 يناير، بمصر، لتنطلق حملات مصرية تطالب بالإسراع فى إنقاذ ما تبقى من عمارة حسن فتحي، داخل قريته فى غرب الأقصر.

وكشف الناشطون فى حماية التراث بمدينة الأقصر، من خلال حملاتهم، عن أن ما تبقى من معالم القرية بات في خطر، ويحتاج إلى تحرك وطني عاجل للحفاظ على معالم يفد الآلاف من السياح ودارسى فنون العمارة في العالم لزيارتها، وأن منزل حسن فتحي الذي بناه وأقام به المعماري المصري العالمي حسن فتحي بقرية القرنة الجديدة غرب الأقصر، والذي يعد تراثا معماريا لمصر وللإنسانية جمعاء، بات مهددا بالزوال، بعد أن تآكلت جدرانه، وتشققت أسقفه، ومالت حوائطه، ونال منه الإهمال. فيما تحول سوق القرية إلى ورشة لصيانة السيارات المملوكة لسلطات محافظة الأقصر، كما بات المسجد مهددا بالانهيار، بعد أن تآكلت جدرانه ونال منه الإهمال، أيضا.

ونجح الناشطون من الأثريين والمثقفين ، واعضاء القوى الشعبية والوطنية بمحافظة الأقصر، من خلال حملاتهم، فى لفت أنظار العالم إلى ما يتعرض له تراث المصري العالمي حسن فتحي، فى غرب الأقصر من مخاطر التلف والضياع ، ولقيت مناشدتهم للسلطات المصرية ، والمسؤولين بمنظمة اليونسكو ، صدى طيبا أسفر عن إحياء مشروع حماية وترميم أهم معالم العمارة التي تركها المهندس الراحل حسن فتحى بقرية القرنة، بعد تأخر دام قرابة سبع سنوات.



روشتة علاج :

وفى إطار المساعى المحلية والدولية لإنقاذ تراث المعماري المصري والعالمي الراحل المهندس حسن فتحي، شهدت مدينة الأقصر، فى العام 2010، مؤتمرا دوليا، نظمته سلطات محافظة الأقصر، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، شارك فيه 40 من كبار خبراء حماية التراث في مصر والعالم ، على رأسهم فرانسيشكو بندرين نائب مدير منظمة اليونسكو ورئيس مركز التراث العالمي آنذاك.

ووضع المشاركون روشتة علاج لانقاد ماتبقى من قرية حسن فتحي غرب مدينة الأقصر والتي تعد تراثا معماريا لمصر وللإنسانية جمعاء وباتت مهددة بالزوال حيث لم يتبق من ذلك التراث المعماري الجميل سوى مسجد القرية وقصر الثقافة وعدة مساكن تتوارى في أحضان العمارات القبيحة.

و تدارس الحاضرون بالمؤتمر إحياء القرية وتحويلها إلى مركز للحرف البيئية وتراث منطقة الشرق الأوسط ، وناقشوا نتائج المسح الذي قامت به منظمة اليونسكو للقرية، وعرضا للنتائج المبدئية للمسح الاجتماعي وطرق فهم واستيعاب الرؤية المتعلقة بتطوير القرية، والمبادئ الخاصة بوضع استراتيجية للحفاظ عليها .

عودة الروح لعمارة حسن فتحى

وقد شهد العقدان الأخيران، عودة الروح لفن عمارة حسن فتحى، وصارت مدرسته المعمارية تنتشر بكثرة فى الأبنية الفندقية الجديدة فى غرب مدينة الأقصر، حيث جرى إقامة عشرات المنشآت على غرار عمارة حسن فتحى وما تشتهر به من أقبية، مثل الفنادق، ومقار البعثات الأثرية الأجنبية العاملة فى التنقيب عن آثار الفراعنة، بجانب المبانى السكنية التى اقامها السياح المقيمون فى الأقصر، بجانب شباب المصريين، الذين رأوا فى مواد البناء التى استخدمها حسن فتحى فى عمارته، منقذا لهم من غلاء اسعار مواد البناء الحديثة من الحديد المسلح والأسمنت، بجانب ما تتميز به عمارة حسن فتحى من جمال يجذب السياح.

بداية القصة :

وترجع قصة إقامة قرية حسن فتحي غرب مدينة الأقصر إلى أنه كان يوجد ما يزيد على السبعة آلاف مواطن كانوا يعيشون في منطقة القرنة الأثرية الغنية بمئات المقابر الفرعونية وقد احتشدوا في خمس مجموعات من البيوت المبنية فوق وحول هذه المقابر وكان من الطبيعي أن تحدث عشرات من السرقات لمحتويات تلك المقابر الفرعونية لعل أكثرها تهورا سرقة نقش صخري -مشهور - ومصنف بالكامل من أحد القبور الفرعونية بعدها قفزت فكرة ترحيل سكان القرية لمكان آخر إلى أذهان عدد من المسؤولين الذين قاموا بالاتصال بحسن فتحي لبدء مشروع القرنة الجديدة، تسبقه سمعة كبيرة وإنجازات متعددة، منها تصميمه لبيوت الملكية الزراعية والهلال الأحمر .

وقد تأثر المسؤولون بإمكانيات مادة البناء التي استخدمها حسن فتحى ، ورخص تكاليف إقامتها .لم يتجاهل حسن فتحي التراث المعماري الخاص بالقرنة القديمة ،عمل على وجود أبراج الحمام -مثلا- و"المزيرة" مكان توضع فيه جرة المياه "الزير"والأقبية ، وأضاف إلى هذه التنظيمات حلى مفرغة أشبه بمشربيات من الطوب اللبن لتعمل كمرشح طبيعي للهواء.

و المعماري المصري الراحل الدكتور حسن فتحي هو أحد ابرز وجوه الهندسة المعمارية العالمية الحديثة وصاحب رؤية خاصة اقتربت من النظرية المتكاملة في التفاعل مع البيئة المحيطة وجمعت تصميماته بين الجمال الفني واقتصاد التكاليف وكان اعتماده على الخامات المحلية في البناء فكان الطمي -الطين - هو المادة الخام الأساسية لقدرته على احتواء قسوة التغيرات المناخية صيفا وشتاء كما حرص على إضافة القباب والأقبية ذات التهوية الجيد ة في مبانيه. ورغم نشأة حسن فتحي في أسرة ثرية فقد كرس كل عبقريته وفنه وحياته في العمل على أن يتمكن أفقر الفقراء في الريف من الحصول على مسكن صحي رخيص مع الحرص على أن يكون هذا المسكن متينا وواسعا وفوق ذلك جميلا.

ولم تكن هذه الأفكار مجرد أحلام رومانسية نظرية بعيدة عن التطبيق الواقعي ، فقد تمكن المهند س حسن فتحي من إثبات صحة نظرياته عمليا في عدة نماذج أقامها وأثارت الإعجاب في داخل مصر وخارجها .

حجاج سلامة
الاحد 21 يناير 2018