نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


مقبرة وادي السلام العراقية .. تحفة معمارية وعراقة في القدم






النجف(العراق - كاظم العتابي - لم تحظ أية مقبرة في العالم الإسلامي بشهرة كالتي تحظى بها مقبرة وادي السلام في محافظة النجف العراقية كونها تضم ملايين القبور غالبيتها تضم موتى من الطائفة الشيعية في العراق والعالم.
وعلى الرغم من انتشار عدد كبير من المقابر في العراق لجميع الطوائف والأديان إلا أن مقبرة وادي السلام تظل الأبرز حيث تشهد يوميا توافد آلاف العراقيين لزيارتها ، وهذا الرقم يكبر ويتسع في أيام الجمعة والمناسبات الدينية وعيدي الفطر والأضحى حيث تكتظ المقبرة بعشرات الآلاف وهو أمر لم تشهده أية مقبرة في أرجاء البلاد.


 
ويحرص العراقيون الشيعة على دفن موتاهم في مقبرة وادي السلام قاطعين مئات الكيلو مترات من أرجاء البلاد ، فيما يحرص المغتربون في الخارج على الدفن في هذا المكان ، فيما تضم المقبرة رفاة موتى آخرين من جنسيات إيرانية وخليجية وعربية أخرى حيث لا تمانع السلطات العراقية من إجراء مراسم الدفن بعد الحصول على موافقات مسبقة.
وتضم المقبرة ، التي تقع بالجوار من مرقد الإمام علي بن ابي طالب أبن عم الرسول محمد وأخذت شهرتها من هذا الجوار، عشرات الآلاف من الشخصيات بينهم النبيان هود وصالح وشخصيات متنوعة دينية وأدبية وفكرية وسياسية .
ومن أبرز الشخصيات الحديثة التي دفنت وبني لها مراقد كبيرة في مقبرة وادي السلام هو محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الإسلامية في العراق ، الذي تم إعدامه في ثمانينيات القرن الماضي من قبل رجال حقبة صدام حسين (1979 إلى 2003/ )وبنى له مقام فخم يضم قباب ومنائر وبوابات وفضاءات بنيت على طراز إسلامي رائع، إضافة إلى ضريح رجل الدين الشيعي محمد صادق الصدر والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي توفي في حادث مماثل من قبل سلطات صدام حسين في تسعينيات القرن الماضي.

وقال محسن جاسم /72عاما/ :"مقبرة وادي السلام معلم أثري عملاق يتوسط مدينة النجف ، وأحرص على زيارتها بشكل مستمر طيلة أيام السنة لزيارة قبور أهلنا".
وأضاف :" تشهد المقبرة تطورا وتوسعا باستمرار لإنهاء مكان واسع وبحاجة إلى أعمال تطوير تتلائم وأهميتها ، كونها أكبر مقبرة في العراق والعالم ويرتادها آلاف من الزوار يوميا من العراق والبلاد الإسلامية ، ولابد أن توضع على لائحة التراث العالمي كونها مقبرة تاريخية يمتد عمرها إلى مئات السنين ومستوفية لشروط الانضمام ".
وتغطي المقبرة ، التي تشهد اتساعا ملفتا باتجاه محافظة كربلاء ، مساحة تتجاوز 10 كيلو مترات مربعة ، وتضم قبورا شيدت بطراز يختلف من حقبة إلى أخرى فبعضها شاهقة لارتفاعات تصل الى أربعة أمتار أو أكثر من الطابوق مرصعة بالكاشي ، وأخرى من حجر المرمر والطابوق والرخام وفق طرازات متنوعة مزينة بآيات قرآنية .
وتتميز القبور الشاهقة عن غيرها كونها تعود لموتى شخصيات عشائرية مميزة في المجتمع العراقي حيث يزين القبر بزخارف تضم مجسمات للدلالة العربية والسيوف ، وهي علامات تعكس الفروسية والكرم للشخص المتوفي ، فيما تتميز قبور الشخصيات الدينية ببناء قباب وغالبا ما تكون مطلية باللون الأخضر.
وشهدت المرحلة ما بعد عام 2003 ظهور نمط جديد من القبور مبنية على شكل تجمعات خاصة وفق طراز واحد وبنسق وارتفاع واحد ، فاخرة وحديثة ، محاطة بسياج مميزة ، تعود للتيارات المقاتلة الشيعية التابعة لرجل الدين مقتدى الصدر وزعيم قوات عصائب أهل الحق قيس الخزعلي ، والفصائل الشيعية المسلحة الأخرى وغالبيتها تعود لأشخاص قتلوا في اطار الصراع مع الجيش الأمريكي أو الحرب ضد القاعدة وداعش.
وإلى جانب هذه القبور هناك نمط آخر من القبور يسمى /السراديب/وهو نمط يعود لعوائل تحرص على دفن أبنائها في بقعة واحدة ومصممة على شكل خانات على عدة طوابق تحت الأرض ولها بوابة واحدة .
وقال الدكتور أحمد خليل/45عاما/موظف حكومي "مقبرة وادي السلام تقترن باسم مدينة النجف ، ومرقد الإمام علي بن أبي طالب حيث لا يستطيع أي شخص زيارة المدينة من دون المرور بالمقبرة ، التي تشكل تحفة أثرية ومعمارية فريدة ، وهي بحاجة مستمرة للتطوير والرعاية كونها تستقبل آلافا من الزوار يوميا وبشكل مستمر طوال أيام السنة".
وأوضح أن "المقبرة بحاجة لجهود كبيرة لتنظيمها والاستعانة بالخبرات الدولية لتنظيم حركة النقل بداخلها نظرا لسعتها وضيق شوارعها الداخلية لتسهيل حركة الزائرين ".
ورغم حالة الزحام في مقبرة وادي السلام إلا أن السلطات العراقية تحرص على تنظيم الحركة فيها من خلال شق الطرق وتوسيعها وإنارتها لتسهيل حركة السيارات والدراجات التي تسحب عربة لتسهيل حركة الزوار، والتنقل بسهولة بين المقبرة ، فيما تسعى السلطات المحلية إلى تطوير المقبرة من خلال إحاطتها بسياج أسمنتي كبير وبوابات عملاقة تتولى حمايتها قوات من الجيش والشرطة.
وبحسب تقديرات مجلس محافظة النجف ، فإن مقبرة وادي السلام ، التي شيدت قبل قرون بجوار ضريح الإمام علي ومحاطة بجانب منها ببحر النجف ، تضم ما بين خمسة إلى ستة ملايين قبر موزعة على مساحة تتجاوز 10كيلو مترات مربعة وهي في زيادة مستمرة.
وانتشرت على جانب الطرق المؤدية إلى المقبرة أو بداخلها أسواق وتجمعات تجارية، وباعة أرصفة لبيع قناني المياه والشموع والبخور وزهور الزينة والعطور والمواد الغذائية؛ حيث يحرص الزائر للقبور إلى الاستعانة بالماء لغسل القبر وتزيينه بالزهور ووضع أعواد البخور في محيطه وكذلك الشموع فضلا عن انتشار رجال يقومون بتلاوة آيات من القرآن مقابل الحصول على بعض المال ، وآخرين يقومون بإنشاد كلمات تثير الشجن والأسى والحزن لدى زوار القبور وغالبا ما يكون هؤلاء محاطين بالنساء من كبار السن.
وحرصت السلطات الأمنية والإدارية ، وكإجراء تنظيمي ، إلى تقسيم المقبرة إلى عدة قطاعات لتسهيل حركة الزوار واستدلالهم لقبور ذويهم بسهولة ، في حين يلجأ من لا يستطيع الاستدلال إلى قبر ذويه إلى مكاتب أصحاب دفن الموتى.
وتقول الحاجة أم محمد/63عاما/ :" إلى جانب كون المقبرة تضم رفاة أهلنا إلا أن لها مكانة خاصة لما تتمتع به من منظر مهيب لهذا العدد الكبير جدا من القبور من حقب زمنية متعددة ، فضلا عن أن الطراز العمراني فيها يعكس رقي المجتمع العراقي واحترامه لموتاه ، حيث يحرص الجميع على بناء القبور بطراز يختلف من مرحلة إلى أخرى ، وما نشاهده اليوم يعكس التطور في المقبرة ، التي يمتد عمرها إلى آلاف السنين".
ويعتقد عراقيون أن مقبرة وادي السلام ماضية في التوسع حيث أصبحت قريبة من محافظة كربلاء المجاورة ، التي تضم هي الأخرى مقبرة كبيرة ، لكن بالتأكيد ليست بحجم مقبرة وادي السلام.

كاظم العتابي
الاحد 25 مارس 2018