نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان


ملاحظات سريعة بمناسبة قرار مجلس الامن بنزع السلاح الكيماوي السوري




بعد عامين ونصف من عمر الثورة السورية والصمود الاسطوري للشعب السوري الثائر طلباً للحرية والكرامة، بالرغم من لجوء النظام لكل اسلحة القتل والفتك والتدمير، وبالرغم من التضحيات الانسانية الهائلة المادية الهائلة للسوريين. وبعد أن صدر اليوم السبت 28 سبتمبر/أيلول قرار بالاجماع من مجلس الامن بنزع السلاح الكيماوي السوري اسجل الأفكار والملاحظات التالية:


 1- إن هذا القرار الكيماوي هو نقطة مفصلية في المشهد السوري لأن النظام السوري وحليفته روسيا تنازلوا عن السلاح الاستراتيجي السوري الذي ادعى النظام انه سلاح رادع لاسرائيل واكتشفنا بالنتيجة بانه سلاح رادع للشعب السوري (نحن نعرف أن النظام كان حامي لحدود اسرائيل لمدة 40 عاما). وتنازل الاسد وروسيا عن الكيماوي هو نتيجة شعورهم بخطر الضربة العسكرية الامريكية التي بالفعل كانت على الابواب. وهذا التنازل الاسدي الروسي السريع هو تنازل استراتيجي يعكس افلاس النظام وازمته وقرب نهايته فبدأ "يشلح" كما يقال بالعامية الشامية وهذه البداية وليست النهائية. وتذكروا صدام حسين والقذافي. فبعد نزع الكيماوي لا توجد اي صعوبة ولا خطر في ضرب نظام الاسد وانهائه خلال ساعات! 2- اذكر بأن الارتباك الكبير للافروف في مؤتمره الصحفي الذي اعلن فيه ان روسيا لن تحارب احد (ويقصد من اجل النظام السوري) لأنه حينها اُبْلِغ من جون كيري بأن أوباما قرر ضرب النظام السوري وحينها وقع الروس في ربكة حقيقية فخرج لافروف يتحدث عن الفلسفة والقيم الانسانية والكوارث التي تحدث نتيجة استخدام القوة وغيره من المثاليات. 3- اقول بأن سبب المبادرة الروسية بتسليم السلاح الكيماوي السوري وموافقة النظام السريعة جدا على هذه المبادرة، أكدت على ان التحالف الاسدي الروسي اصبح في مأزق لأن روسيا عرقلت كل الجهود الدولية في مجلس الامن لاتخاذ قرار يدين النظام على جرائمه ضد الانسانية، بالرغم من ان الجمعية العامة للأمم المتحدة باغلبية ساحقة (143 دولة) أدانت جرائم الاسد في وقت تدافع عنه روسيا وتحميه في مجلس الأمن بالفيتو. اي عزلة دولية كاملة. وكذلك استخدام الاسد للكيماوي جعل الكيل يطفح. 4- لطالما اكدت روسيا لامريكا والمجتمع الدولي بأن الاسلحة الكيماوية السورية في ايدي أمينة وهي بعيدة عن الاستخدام. وما الذي حدث استخدام واسع للغازات السامة في الغوطة السورية وفي كل الأحوال فالنظام مسؤول عن اي استخدام للكيماوي في سوريا (سواء قام به بنفسه ونحن متأكدون من ذلك او حتى لو سمح بوقوعه بيد الثوار). وجاء تقرير مفتشي الأمم المتحدة ليؤكد بأن السلاح الكيماوي استخدم وهناك عشرات الادلة في التقرير تشير إلى أن من يمكنه استخدام السلاح الكيماوي بهذا الحجم مستخدما تقنيات عالية وصواريخ هو النظام وحده . وليس صدفة أن تعلن روسيا بأن تقرير المفتشين مسيس وغير موضوعي وشككت فيه، علما ان روسيا كانت تقول سابقا عندما اعلن اوباما نيته ضرب النظام، بأنه يجب ان ننتظر نتيجة التحقيق وحتى الرئيس الروسي بوتين قال بما معناه: اذا اثبتت مسؤولية النظام فإننا سننضم للحملة العسكرية!!! ويبدو انه مصر على المنطق التطنيشي الروسي لكل الحقائق على مبدأ: عنزة ولو طارت. وهنا نتذكر تصريح رئيس ادارة الرئيس الروسي وهو سيرغي ايفانوف : اذا ثبت لدينا ان الاسد يخادع في موضوع الكيماوي فإننا سنغير موقفنا منه. 5- الروس هم اول من اراد اصدار قرار دولي بالسلاح الكيماوي لأنهم غير واثقين من تنفيذ النظام له لان الاسد معروف بكذبه ومراوغته (مدرسة عريقة في الكذب من ايام المقبور حافظ الاسد) ولذلك صرح بوتين بأن روسيا ليست متأكدة 100% من نزع الاسلحة الكيماوية في سوريا. وصرح مسؤولون في الخارجية الروسية بأن نزع السلاح ليس مسؤولية روسيا لوحدها وإنما مسؤولية المجتمع الدولي . وهذا ايضا يعبر عن عدم ثقتهم بالنظام السوري الذي احرجهم في استخدام الكيماوي بشكل واسع. 6- بشار الاسد صرح في 2 سبتمبر بأنه لا يوجد سلاح كيماوي لدى سوريا والمعلم بعده باسبوع يعلن من موسكو تخلي النظام عن السلاح الكيماوي. اليس هذا دليل على تخبط النظام وكذبه. ولكن حبل الكذب قصير ولم يعد ممكنا الاستمرار في كذبه لان المجتمع الدولي حصره هو وحلفائه فاضطروا لهذا التنازل الاستراتيجي. 7- نزع السلاح الكيماوي هو بالدرجة الأولى خدمة لأمن اسرائيل قامت بها أمريكا وروسيا ولا يعني الشعب السوري كثيرا ، لأن الثورة السورية هدفها اسقاط النظام الاستبدادي الاسدي وليس نزع الكيماوي مع أهميته في اضعاف النظام وسلبيته في اطالة عمر النظام لاشهر اخرى. 8- اذا نظرنا للامر من وجهة النظر الوطنية السورية المجردة عن الصراع القائم فإن الاسد خائن لوطنه لأنه يسلم السلاح الاستراتيجي ويقبل باتلافه ويجب ان يعدم على هذه الخيانة. ولكن النظام يحكم لا تهمه المصلحة الوطنية العليا. 9- منذ ان بدا النظام بقتل السوريين بعد انطلاقة الثورة والموقف المنحاز كليا له من قبل ايران وروسيا اصبح واضحا ان هناك استراتيجية روسية بالدفاع عن مصالحها الجيواستراتيجية والجيوسياسية على الارض السورية وعلى حساب الدم السوري. ونقولها بصراحة القيادة الروسية يهمها مصالحها التي ترى أن النظام السوري يعبر عنها وليس مصلحة الشعب السوري وهي لا تدافع عن شخص بشار ولا عن اشخاص معينين الا بقدر ما تمليه مصالحها. وهي لا تهتم كثيرا بما يجري في الداخل السوري من كوارث انسانية وقتل وتدمير وانما يهمها من المشهد الداخلي السوري فقط ما يخدم سياسيتها المدافعة عن النظام مثل مسألة الاقليات وخاصة المسيحيين لتؤثر في الرأي العام الروسي (علما انه لايوجد رأي عام روسي ولا مجتمع مدني كما هو الحال في الغرب). 10- هناك معلومات مؤكدة على دعم روسيا للبرنامج الكيميائي السوري منذ ايام الاتحاد السوفياتي وكذلك في تسعينيات القرن الماضي وبعدها. وهناك أدلة قدمها العالم الروسي التتري والخبير في الاسلحة الكيماوية فيل ميرزايانوف (الذي سجن مرتين لفضحه هذه البرامج واخيرا هاجر لامريكا منذ 1996) تفيد بأن روسيا هي التي رعت برنامج التصنيع الكيماوي في سوريا. علما ان القيادة الروسية نفت ذلك نفياً قاطعاً واعتبرت الاتهام من قبل الغرب الذي جاء مثلاً على لسان المسؤول البولندي هو محظ هراء. 11- الثورة السورية مستمرة مهما تكالبت عليها القوى لانها ثورة شعب ضحى وصمد، والعودة للوراء تعني له كارثة أكبر مما يحصل الآن، لأن أي تراجع يعني خيانة لدم الشهداء وعودة لحكم الشبيحة والعبودية لعائلة الاسد. 12- أمام الدعم القوي للنظام من قبل حلفائه وأمام التخاذل الدولي وأمام الموقف العربي الضعيف فإن المعارضة السورية الوطنية الحقيقية وخاصة القوى الثورية على الأرض السلمية والمدنية والعسكرية والمجلس الوطني والائتلاف أمام امتحان تاريخي: إما التوحد والتلاحم لانجاز المرحلة الأخيرة من الثورة وإما التفرق والتشتت وتكبيد الشعب مزيدا من الخسائر وتهديد الثورة بمجملها. 13- أصبح من الضروري تشكيل قيادة ثورية حقيقية نواتها في الداخل السوري مكونة من ممثلي الكتائب المقاتلة ومن القوى المعارضة الحقيقية والشخصيات الوطنية والثورية والمدنية وأن يكون هناك صوت واحد للثورة السورية وان تكون مهمة الائتلاف اعلامية وعلاقات خارجية ولا يحق له ان يقرر أو يفاوض باسم الثورة لانه لم يكتسب الشرعية الشعبية (وهذا مرتبط بطريقة تشكيله وتأسيسه المعروفة التي حدثت بتأثير خارجي أكثر منه حاجة ملحة للثورة)، إلا اذا كلف بذلك من قبل القيادة الثورية. والأفضل حل الائتلاف كليا والمجلس الوطني وتشكيل قيادة ثورية جديدة من الداخل لا مكان فيها للمعارضين المراوغين والمتسلقين والذين يحمون النظام بطرق ملتوية وهم مكشوفون للجميع. فمن هو تيار بناء الدولة (لءي حسين) وماذا تريد هيئة التنسيق بالضبط وماذا يريد ميشيل كيلو بالضبط. أهداف الثورة واضحة وضوح الشمس فلماذا اللف والدوران. كيلو صرح مرة بأنه سيفضح الائتلاف ان لم يقبل كل كتلته في عضويته وهاجم الاخوان المسلمين هجوما كبيرا وبعد ذلك دخل الائتلاف وتحالف مع الاخوان. لهذا الموقف لوحده يجب نزع الثقة عن ميشيل كيلو فهو لا يمثل الا نفسه ولا يمثل أحدا على الارض لا هو ولا أمثاله مثل هيثم مناع الانتهازي الكبير ولا لؤي حسين ولا هيئة التنسيق ناهيك عن الشبيح الأكبر صالح مسلم ودوره المشبوه في قتل الشباب الكرد الثوار وتهجير المئات منهم ومحاربة الجيش الحر وحماية مصالح النظام في الجزيرة السورية. 14- وأخيرا اقول أن الثورة حية في وجدان كل سوري وفي قلوب الثوار على الارض وستنتصر باذن الله لأنها إرادة الشعب. أما المتخاذلين والمتسلقين والمفبركين فسيأتي يوم قريب ويحاسبهم الشعب على ما فعلوه من خيانة أو عرقلة للثورة ومن خدمة للنظام القمعي المجرم.

د. محمود الحمزة
السبت 28 سبتمبر 2013