نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


من حطين إلى عين جالوت وما بعدهما




هل تعلم عزيزي القارئ أن نصر المسلمين في حطين لم يكن نهاية للوجود الصليبي في الشام؟ وهل تعلم أن نصر المسلمين في عين جالوت لم يدمّر دولة المغول المتوحشة؟ وكذلك الحال أيضا مع معركة اليرموك فهي لم تقض على دولة الروم بمجرد نصر المسلمين في معركة واحدة، وغيرها الكثير من المعارك مما لا يسع المقام لحصرها، لكن يمكن استنباط بعض التقاطعات والتشابهات في كثير من حيثيات هذه المعارك. وقد يعجب البعض من هذا وحق لهم ذلك، بل إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر هذه المعلومات هو التساؤل بأنه طالما ان هذه المعارك لم تحرر تلك الأراضي أو تدمر تلك الدول فلماذا هذا الاحتفاء التاريخي الكبير بها؟ ولماذا رسخ في أذهاننا أن هذه المعارك هي من عصور تشبعت بالبطولة التي لا نجدها الآن، وغير ذلك من الأسئلة التي يعتقد البعض انها منطقية ولكنها في واقع الامر ابعد ما تكون عن المنطق.


 

وقبل أن نفند هذا الأمر ونصل بالقارئ الكريم إلى جوهر ولب هذا المقال يجب ان اذكر سريعا أن بين معركة حطين التي وقعت منتصف عام 1187 ميلادية ونهاية الوجود الصليبي في منطقة الشام ما يزيد قليلا على 100 عام عندما انتهى وجودهم العسكري فعليا بخروج آخر جندي صليبي من عكا على يد السلطان المملوكي الأشرف خليل رحمه الله عام 1291 ميلادية، لكن كلنا يعرف ان معركة حطين كانت نقطة الانقلاب في موازين القوى العسكرية وكانت هي الحد الفاصل بين النصر المعنوي والهزيمة النفسية التي يعيشها المسلمون.

كذلك كان الأمر في معركة عين جالوت، فهي لم تدمر دولة المغول كما يعتقد البعض لكنها حطمت اسطورة (الجيش الذي لا يقهر) وادخلت الأمبراطورية المرعبة طور الضمور والانحلال حتى انهارت بالكامل عام 1294 بوفاة قوبلاي خان وتفكك الامبراطورية الضخمة إلى خانات صغيرة لم تلبث حتى اضمحلت وذابت ثم طواها النسيان كأن لم تكن، وكان بين عين جالوت وسقوط امبراطورية المغول اكثر من ثلاثين سنة، والعكس ايضا صحيح فبين معركة الزلاقة وسقوط الأندلس ما يقارب المائتي عام أو يزيد وهكذا.
وذلك لأن انهيار المنظومات الحاكمة والكيانات الغاصبة أو حتى الشرعية لا يشترط بالضرورة ان يقع مباشرة في اليوم التالي لتعرضها للهزائم الكبرى، بل تكون هذه الهزيمة هي نقطة التحول العظيمة وانقلاب موازين القوى وانتهاء خرافات الجيوش التي لا تقهر والأهم من هذا كله هو اكتساب النصر المعنوي للمسلمين وانتقال الهزيمة النفسية من صفوف المسلمين إلى صفوف أعدائهم.

ويجب أن نعلم أن نقاط انقلاب الموازين هذه تسبقها شروط ثابتة تكرر في كل مرة وكأن التاريخ فعلا يعيد نفسه كما قال ابن خلدون وأصدق منه قولا هو انها سنن الله الثابتة في أرضه ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.
إذ يجب لهذه التغيرات من فترة لتنضج وتعطي نتائجها المطلوبة والتي قد تطول في فترات وقد تقصر في أخرى بحسب الأوضاع حينئذ والظروف التي تختلف من زمن لغيره ومن وضع لآخر.

وإني حقا لأعجب ممن يريد لدولة ما أو كيان معين ان ينهار بعد حرب واحدة فقط وبشكل فوري ومباشر فإن لم يحدث ما يريد اعتبر الأمر كله فاشلا وتعاميا عن نور النصر الساطع الذي رأه الأعداء قبل الأصدقاء، واتساءل حقا هل هؤلاء يعيشون معنا في كوكبنا هذا؟ أم هل يعيشون في كواكب أخرى تحكمها سنن إلهية مختلفة عما نعرف؟

أخيرا لابد من ذكر أن معارك حطين وعين جالوت وبدر الكبرى ووادي برباط وغيرها من معارك تحول القوى العسكرية وقعت كلها في شهر رمضان المبارك، صحيح أنها لم تقتلع كيانات الاعداء من جذورها لكنها كانت نقاط تحول كبرى في تاريخ الامة بل في تاريخ العالم بأسره، فهل تعرف معارك اخرى مشابهة وقعت في شهر رمضان المبارك حتى وان لم تقتلع منظومة حاكمة من جذورها كما يريد البعض يا عزيزي القارئ الفطن؟
اترك الجواب لك
-----------
الشرق القطرية


مبارك بن راشد الشهواني
الخميس 3 يونيو 2021