نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان


نبضات القلوب تقاوم شرنقة الطوائف....الزواج المدني يدق بقوة أبواب لبنان




بيروت - فاديا عازار - عاد الزواج المدني الإختياري من جديد ، ليدق أبواب لبنان ، محاولاً الدخول ، من باب مرسوم إنتدابي ، واللبنانيون ينقسمون بين مؤيد ومعارض .


نبضات القلوب تقاوم شرنقة الطوائف....الزواج المدني يدق بقوة أبواب لبنان
إنها نبضات القلب ، تفلت من قيود المذاهب ، تقاوم شرنقة الطوائف ، وتنشد الحرية خطوة جريئة أقدم عليها كل من نضال درويش وخلود سكرية وهما من مذهبين مختلفين ، فتبعا الحرية التي نادت قلبيهما ، في (10/11/2012)، وشطبا القيد الطائفي عن هويتيهما ، وعقدا زواجاً مدنياً في لبنان ، لدى الكاتب العدل ، بالرغم من أن القانون اللبناني لا يعترف بالزواج المدني داخل لبنان. 
واستند نضال وخلود في زواجهما إلى أحكام القرار رقم 60 ل ر تاريخ 13/3/1936، الذي يعود إلى فترة الإنتداب الفرنسي ، وطالبا الدولة اللبنانية بتسجيله. 
وأسهمت خطوة نضال وخلود ، في احتدام الجدل بين مؤيد ومعارض للزواج المدني الإختياري بين اللبنانيين ، وعلى أعلى المستويات . 
ولكن الجديد في قضية الزواج المدني في لبنان ، هو أن الهيئة الاستشارية العليا في وزارة العدل اللبنانية ، وهي أرفع هيئة للإستشارات القانونية، أعلنت مؤخرا  أن القوانين النافذة في لبنان تتيح تسجيل عقود الزواج المدني التي يعقدها في لبنان شاطبو القيد الطائفي .
 وأشارت الهيئة الإستشارية العليا في وزارة العدل إلى أن الكاتب العدل هو المرجع المختص لعقد الزواج المدني في لبنان والتصديق عليه ، وأن للزوجين حرية تعيين القانون المدني الذي يتم اختياره من قبلهما ليرعى عقد زواجهما بالنسبة إلى آثار الزواج كافة.  
وقال الدكتور جاد ملكي مدرس مادة الإعلام والصحافة في الجامعة الأميركية لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)  " إن إقرار قانون الزواج المدني في لبنان يساهم في إزالة الحواجز بين الطوائف ، في حال أراد مواطنان لبنانيان الإرتباط ، وهما لا ينتميان إلى الدين أو المذهب نفسه ، كما أنه يوحّد قانون الأحوال الشخصية ، ويحمي الطرف الضعيف في العلاقة الزوجية أكان امرأة أو رجلاً" .
ورأى أن " من حق الناس أن يتزوجوا بحسب قانون مدني ، أكانوا مؤمنين أو ملحدين ".لافتاً إلى أن "الزواج المدني ليس ضد الدين بل هو يفصل بين الدين والدولة وتصبح قوانين الأحوال الشخصية كباقي القوانين المدنية ". 
ويسود في لبنان نظام سياسي قوامه الحرية والديمقراطية وحق الاختيار، ويرى البعض أن هذا النظام يتناقض مع منع اللبنانيين من ممارسة خياراتهم في زواج مدني إختياري على الأقل .
 وتابع ملكي إن "لدى البعض فكرة خاطئة عن قوانين الزواج المدني حيث يعتبرون أنها تسهّل الطلاق ، وهذا غير صحيح ، لأن الأمر منوط بطبيعة القانون المعتمد ، حيث يوجد قوانين زواج مدني صارمة جداً ، وأخرى أقلّ صرامة َ ، والطلاق معقد جداً فيها ، ولا يمكن الوصول إليه بسهولة ".
وأشار إلى أن "عدم إقرار الزواج المدني سببه المصالح الإقتصادية التي تؤمنها قوانين الأحوال الشخصية للطوائف اللبنانية ، كما أن الزواج المدني يهدّد الرابطة الدينية السياسية التي تبقي اللبنانيين في حالة انقسام طائفي ، ولذلك لا يوافق رجال الدين على إقراره  ". 
ويعتبر البعض أن إقرار الزواج المدني في لبنان هي خطوة أولى في مسار علمنة النظام اللبناني ، وفصل الدين عن الدولة .
 وقال ملكي " أنا تزوجت وفقاً لقانون مدني خارج لبنان ، وكنت أفضل لو أني تزوجت في بلدي ، لأن هذا حق من حقوق الإنسان ، أن يتزوج الإنسان بالطريقة التي يرغب بها "، مبدياً اعتقاده أن إقرار قانون للزواج المدني" يجب أن ينطلق من الشعب ، وليس من السياسيين ، لكي يصبح أمراً واقعاً ".
 ويوجد في لبنان 18 قانوناً للأحوال الشخصية ، هي بعدد الطوائف التي تتوزع على جسد الوطن الصغير ، ولكن عندما يتعلق الأمر بشخصين من ديانتين مختلفتين ، يجب على أحدهما أن يغير دينه كي يستطيع تسجيل زواجه رسمياً وفقاً لقانون الأحوال الشخصية المعتمد من قبل طائفة الشريك.
لكنّ كثيرين ممن ينتسبون قسراً ، بحكم الولادة ، الى طائفة معينة ، قد لا يكونوا مقتنعون بطائفتهم ، لينتقلوا بحكم الزواج ، إلى طائفة أخرى ، إذ لا يختار الإنسان في لبنان دينه أو طائفته ،كما أنه لا يختار والديه . 
وكان مجلس الوزراء اللبناني  أقر مشروع  قانون الزواج المدني الاختياري الذي طرحه رئيس الجمهورية الأسبق الياس الهراوي، في 16- 3 - 1998  بغالبية 21 صوتاً ومعارضة ستة وزراء ، ولكن رئيس مجلس الوزراء الراحل رفيق الحريري استخدم سلطته لكبح سريان المشروع .
ويعترف القانون اللبناني بالزواج المدني الذي يعقد خارج لبنان ،لكنّه لا يعترف بالزواج الذي يعقد على الأراضي اللبنانية ، لذا يسافر العديد من المواطنين إلى خارج لبنان ، ولا سيما إلى قبرص ، لعقد قرانهم هناك .
 وقالت ربة المنزل جانيت عازار لوكالة الأنباء الألمانية " لا أوافق على تزويج أولادي وفقاً لقانون مدني ، بل أفضل تزويجهم وفقاً لقانون معتمد من قبل المؤسسة الدينية ".
 وشرحت عازار موقفها مشيرةً إلى أنها  تجهل معطيات قانون الزواج المدني " وما إذا كان يسهّل عملية الطلاق والإنفصال ، وما إذا كان يحافظ على حقوق المرأة " مضيفةً "ّ إني أومن أن الزواج الناجح لا بد أن يباركه الله ليكون كذلك ".
 وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن 51% من اللبنانيين يؤيدون الزواج المدني ، 18% منهم يؤيدون الزواج المدني بشكل كامل ، فيما 33% من بينهم يؤيدون اعتماد نظام الزواج المدني الإختياري ، بينما يؤيد الزواج الديني 46% من اللبنانيين .
 ووصل السجال في موضوع اعتماد قانون للزواج المدني الإختياري إلى أعلى المواقع في الدولة اللبنانية فأعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان تأييده لتقنين الزواج المدني معتبراً أنه غير موجه ضدّ الطوائف الإسلامية ، فيما تمنى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "عدم إثارة موضوع الزواج المدني في هذا الوقت بالذات باعتباره موضوعا حساسا".
 وقال الطالب الجامعي (سرج) لوكالة الأنباء الألمانية أنه يؤيد " إقرار قانون يسمح بالزواج المدني الإختياري في لبنان ، باعتباره يحلّ مشكلة الإرتباط بين المتحابين ، الراغبين في الزواج والذين ينتمون إلى دينين مختلفين أو مذهبين مختلفين ، خاصةً في حال عدم موافقة الأهل على هذا الزواج لاعتبارات دينية أو مذهبية أو إجتماعية ". 
ونبّه سرج إلى "عدم وجود وعي كافٍ لدى اللبنانيين ، حول مفهوم الزواج المدني مما يجعل الكثيرين يرفضونه خوفاً من أن يكون منحازاً ، أولا يقوم على أساس العدالة ، أو أنه يسهّل عمليات الإنفصال أو الطلاق  ".
 وأعلن أنه سوف يتزوج زواجاً مدنياً وآخر دينياً ، إذا تمّ إقرار قانون الزواج المدني الإختياري في لبنان ، حيث سيسجّل زواجه لدى كاتب العدل ، ولكنّه سيقيم زواجاً دينياً "بهدف مباركة هذا الزواج ".
 
وعبّر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني عن معارضته الشديدة للزواج المدني الإختياري في لبنان ، واعتبر أن أي مسؤول يوافق على الزواج المدني ولو اختيارياً هو "مرتد عن الدين الإسلامي ".
 ويعتبر البعض أن قوانين الزواج المدني الملزمة ، المعتمدة في بلدان عديدة ، تجسّد الحريات الشخصية وتحفظ حقوق المرأة والرجل على حد سواء ، فيما يراها آخرون قوانين تسهم في خلخلة مؤسسة الأسرة ، مما يناقض جوهر حياتنا الإجتماعية . 
 وبانتظار أن يوافق وزير الداخلية على تسجيل زواج نضال وخلود في سجلات النفوس ، يأمل اللبنانيون الذين رماهم الحب بسهامه ، أن يتحرروا من القوانين التي تحدد موقع نبضات القلوب وعددها ومجال تحركها ضمن حدود.. الطائفة .

فاديا عازار
الخميس 7 مارس 2013