نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


هل تشكل الدبابات حلّاً بالفعل ؟ تساؤلات شباب سوري





هل يمثّل القصف والقذائف و تدمير البيوت على ساكنيها و إفساح المجال أمام عصابات التخريب والسرقة و إشاعة الرعب في المدن والقرى أيّ حلٍّ رشيدٍ أوحكيم ؟


من الواضح أن الحكومة السورية لا تزال تستنسخ حلولاً قديمة جدا و غير مناسبة في فهم و حل الأزمة في سورية متناسية الكثير من العوامل أحدها وجود جيل شبابي جديد خرج من دائرة سيطرة الوسائل التقليدية المتخشبة حيث إنّ وسائل الإعلام والصحف الرسمية ركّزت طوال عقود من الزمن على إقصاء ذلك الفكر الحيوي المتجدد من الساحة السورية خوفا لما يمكن أن يحمله أي تحرر فكري ديناميكي حيوي من قدرةٍ على فضح طريقة الحكومة الفاشلة في تبرير و حل المآزق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية وغيرها .

وفي خضم انتقاد الحكومة نبدأ من مناقشة تشوّش جهاز الاستخبارات السوري في التّعامل مع الأحداث الحاليّة في سوريّة وتحليلها ، فما يحدث برأيه هو إرهاب وخلايا إرهابيّة و هو عصابات مسلّحة مُخرّبة تختبئ بين السكان أو هو شبّان سوريّون مُغرّر بهم على حد تعبير الحكومة السورية .

ولنتاول هذه التحليلات بشكل سريع واحداً تلو الآخر مقلّبين إياها بشكل منطقي بعيدٍ عن أي موقف مسبق من أيّ منها :

الإرهاب والخلايا الإرهابية أ وتنظيم القاعدة : المحلّلون وخبراء الشأن الإرهابي يجزمون أن أمثال تلك الطريقة المتطرّفة في التفكير هم مجموعات تقوم بعمليات تفجير كل حين تتسبّب بقتل المئات أو الآلاف كما حصل في 11 سبتمبر في أمريكا مثلاً ،وهم يستهدفون بشكل ممنهج تقريباً جميع الدول والشعوب التي تتعامل حكوماتها مع إسرائيل بالتحديد أو أمريكا باعتبارها الدّاعم الأكبر لإسرائيل .

إن عمل تلك الخلايا لا يمكن ان يتجه بشكل من الأشكال لدولٍ تعادي إسرائيل و تمثّل مركز ممانعة وصمود في وجه إسرائيل ومنها سورية و حلفائها ! فكيف تستهدف الخلايا الإرهابية من يشاركها العدو ؟ و لطالما عبّرت القاعدة والإرهاب بشكل عام عن دعم حزب الله و حلفائه السوريين والإيرانيين في مواجهة العدو المشترك بغض النظر عن مدى تجاوب هذا الأخير معها أو لا .

من هنا نجد أن رواية جهاز الاستخبارات السوري عن العصابات المسلحة المدعومة من الأنظمة الإمبريالية - على حد تعبير النظام السوري - هي الأقرب للتصديق ولكن ! هل لنا ان نعلم من أن أتت كل تلك العصابات ؟
إن كانت العصابات قد تم دخولها من الحدود السورية فإن الأولى بالجيش والدبابات ان تتحول لتحرس الحدود السورية لضمان عدم دخول تلك العصابات المسلحة ، أليس من عدم الحكمة توجه الجيش للداخل وتركه كل ذلك الانفلات الحاصل على الحدود !
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى قد تم اعتقال أكثر من ثمان آلاف مواطن سوري حتى الآن - مؤخرا تجاوز العدد ذلك بكثير - منذ بدء الاحتجاجات و عمليات التخريب ! فهل يزيد عدد أفراد العصابات عن أكثر من ثمانية آلاف عنصر عصاباتي ؟؟ ومالذي تفعله الحكومة ؟ هل تعتقل الأبرياء وتترك المخرّبين يعيثون فسادا ؟

أما عن السيناريو الثالث الذي يتمثّل باتهام أولئك الشباب السوري نفسه بأنهّ غُرّر به لدعم العصابات ، فإنه وبالرّغم من صعوبة تقبّل هذه الرواية أصلاً إلّا أننا نستطيع أن نتفهّم أن التّغرير نال أهالي منطقةٍ أو منطقتين من الأراضي السّوريّة ، قريةً أو اثنتين . .الخ .
لكنّ حصاراً و انتشاراً للدبابات طال عدة مدن ومناطق تكاد تشمل سورية من شمالها لجنوبها تقريبا ً و موجة الاعتقالات طالت كل من درعا ، نوى ، جاسم إنخل ، طفس ، داريا ، المعضمية ، دوما ، حرستا ، حمص ، الرستن ، تلبيسة ، حماه ، إدلب ، معرة النعمان ، كفرنبل ، سلمية ، بانياس ، البيضا . . .الخ !
هلّ كل هؤلاء مغرر بهم ؟ هل كلّ هؤلاء خونة حقاً ؟ خونة لمن بالضبط ؟ للرئيس ؟ لوطنهم ؟ لأنفسهم ؟ أوليسوا هم جزءاً لا يستهان به من الوطن اصلاً ؟

إنّ هذا الإرتباك في تعامل جهاز المخابرات هو غير مستغرب طبعاً ، والتّشوّش في تقديم التحليل المناسب المنطقي لما يجري أو تقديم الطريقة التي تحل بهالازمة هو متوقع ايضا ً ، ذلك أنه مثل كل المؤسسات السورية يحتاج للكثير من الإصلاح فالفساد انتشر فيه كما انتشر في جميع مؤسسات الدولة وهذا على حد اعتراف الحكومة والرئيس نفسه في خطابه الأخير .

شباب سورية الواعي و جيلها الجديد يمتلك أن يرى ، يسمع ، و يفكّر ، يتناول الأمور بذهنية منفتحة و يجد أن هذه الطريقة لا تزيد الأمور إلا سوءاً ، سواءً على الشعب أوعلى الحكومة ذاتها فما إن يمضي تفاؤلٌ حتى يليه تدهورٌ أكبر للأوضاع ، هذا ما تؤكد عليه مراقبة التصريحات السورية الرسمية التي ما انفكت تؤكد في كل أسبوع على ان المظاهرات التي تتعرض لها البلاد شارفت على الانتهاء وأن الوضع أصبح تحت السيطرة ،في حين أن المواطن السوري لا يشعر سوى بتفاقم الوضع يوما بعد يوم .

كما انه و من خلال متابعة اللإعلام الرسمي نستطيع أن نستشعر بازدياد الهوّة ما بين مؤيدي النظام ومعارضيه ، حيث يشجع الإعلام بطريقة غير مباشرة على إشاعة اتهامات متبادلة تبدأ بالتخوين و تمر بالعمالة ولا تتوقف عند التأليه أو الشتم أحياناً ! و تصل لحد المطالبة بإبعاد أحد الطرفين ، إن لم يكن سحب حقه في الجنسية السورية وتجريده من حقوقه المدنية !، ويتم ذلك بالتغاضي عن رسائل و اتصالات تحتوي على الكثير من عدم الاعتراف بالرأي الآخر وتحقيره علناً و تكرار تلك العبارات مما يجعل بعض الشباب السوري يستسهل إلقاء تلك التهم التي يسمعها يوميا ، ويصبح غير قادراً على إنشاء أي نوع من أنواع الحوار الهادئ العقلاني مع أحد ، مستهلّاً حواره بالهجوم و من ثمّ تبدأ سلسلة الاتهامات بالجملة سواء أكنت معارضاً أو موالٍ و دون بذل اي محاولة أصلا في تفهّم تفصيلة الحوار التي تُطرح .

إن كانت الحكومة السورية جادة في رغبتها بإطلاق الحريات و العمل على الإصلاح فإن استخدامها للدبابات التي تقصف و تقتل بالجملة من ناحية ، و تأكيدها على صوت واحد مخوّن للآخر في إعلامها من ناحية اخرى هو ليس بمبشّر على إمكانية خلق أي حوار في الساحة السورية ، إنه تذكية و انحياز واضح لفكر التأييد المطلق للرئيس والنظام الحالي على ما هو عليه دون أي تغيير وهو تدميرٌ إعلامي ومادي للإتجاهات المعارضة .

علما أن قمع كلّ الأصوات التي يُمكن لها أن تحاسب الحكومة بجرأة هو بحد ذاته إجهاض لأي محاولة إصلاح منتظرة ، ذلك انه لا إصلاح ولا تطوّر ولا تقدّم يمكنه أن يحصل في الدول الديمقراطية إن لم يكن هنالك تواجد دائم لقوّة مجتمعيّة تدفع باتجاه الإصلاح ، و هذه العملية لا تتم إلا من خلال ضغط مجلس الشعب والنقابات والمؤسسات التي تكون عادة دائمة الانتقاد للحكومة ، مراقبةً لجميع تحركاتها وخطواتها ومراجعةً لمخططاتها .

هذه هي الطريقة الوحيدة التي يُمكن لها ان تدفع باتجاه إصلاح حقيقي وفيما عدا ذلك فهو مسرحية إصلاحية يشترك فيها بعض الممثلين من مجلس الشعب يمتدحون الحكومة أكثر من إنتقادهم لها ، ومالذي سيدفع تلك الحكومة نحو التغيّر في ظل تلك الظروف ؟ لا شيء طبعا ! مجرد تغير شكلي فقط ، ففي هذا العصر لا يوجد ما يسمّى بالمحاسبة والحكم على النيّات وفي الدول ذات الحكم الديمقراطي ، الجميع نواياه حسنة ويريد أن يصنع الأفضل للشعب ولكن هنالك دوما مجموعة تمثل الشعب تقف بالمرصاد لكل تحركات الحكومة ضامنةً بوجودها ان أحدا لن تسوّل له نفسه الابتعاد عن مجال مهمّته الأساسية في الحكم و تكون بمثابة السّيف المسلّط على أعضاء الحكومة التي لا تنفكّ تعمل بجد لتنال رضا الشعب .

على الحكومات أن تخشى محاكمة الشّعب دوما ، هذا هو فقط ما يدفعها نحو أداء افضل ، لا يمكن لحكومة يخشاها الشعب أن تقوم بدورها بشكل صحيح حتى لو نوت ذلك ، فالإنسان طمّاع بطبعه مهما كانت نواياه حسنة .
أين سورية من تلك الديمقراطية ؟ هل يستحقها الشعب السوري أم أنه لا يتعدّى كونه مجموعة من الخراف التي تحتاج دوما لمن يفكّر بالنيابة عنها ويقدّم لها ما يراه مناسبا وعليهم بالمقابل تقبّله و شكر ربّهم عليه دوماً حتى لوكان دبابات ؟

سمية طيارة
الخميس 12 ماي 2011